هل يمكن احتواء الوباء في سوريا

2020.04.22 | 00:10 دمشق

438.jpg
+A
حجم الخط
-A

حتى اليوم وصل عدد الإصابات المعلنة من قبل نظام الأسد إلى 29 إصابة و 5 وفيات، لكن كثيرين يشككون في صحة هذه البيانات بسبب غياب الشفافية وليس لضعف الإمكانات وحسب بل لانهيار النظام الصحي السوري مع طول سنوات الحرب، حيث مثلت المستشفيات هدفا رئيسيا للنظام السوري كما كشفت كثير من التقارير الدولية ذلك، وآخرها تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيمائية وهو أول تقرير رسمي من فريق يذكر بالتحديد هوية الفاعل
والتحقيق التابع لمنظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية OPCW Investigation and Identification Team (IIT (والذي صدر في يوم ٢٤ آذار ٢٠١٧، ذكر أنه "في حوالي الساعة الثالثة ( بعد الظهر) من يوم ٢٥ آذار ٢٠١٧، قامت طائرة مروحية من مرتبات السلاح الجوي للجيش العربي السوريّ، منطلقة من مطار حماه العسكري، برمي إسطوانة على مشفى اللطامنة. الإسطوانة اخترقت سقف المشفى، وخرج منها غاز الكلورين، مؤثرة على ٣٠ شخصاً على الأقل".

فالتقرير كشف أن النظام تعمد استخدام السلاح الكيماوي المحرم دوليا وفقا لاتفاقية لاهاي وإنما تعمد استهداف المشافي في تجاهل تام للقانون الإنساني الدولي الذي يحرم استهداف المشافي والمنشآت الطبية.

أصبح النظام الصحي في سوريا منهاراً تماما بسبب استنزاف موارده البشرية مع اللجوء ومن ثم استهدافه عسكريا في بعض المناطق من قبل النظام وخاصة المناطق خارج سيطرة النظام والتي تقسم الآن إلى منطقة ما يسمى الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا، والتي تسيطر عليها قوات حماية الشعب بدعم من الولايات المتحدة ومناطق الشمال السوري التي تشمل إدلب وريف حلب والتي تخضع للمعارضة السورية المسلحة، وتعتمد على الدعم التركي بشكل رئيسي، كلا المنطقتين لم تعلنا عن تسجيل أي إصابات أو وفيات في مناطق سيطرة كل منهما، ويرجع ذلك غالباً إلى ضعف كبير في القدرة على إجراء الاختبار بشكل واسع في مناطق التأثير المتوقع وهو ما حذرت منه منظمة الصحة العالمية في بياناتاها الدورية بشكل دائم.

لقد بات من الواضح الآن وفي ظل غياب دواء أو لقاح للوقاية من الإصابة بالفيروس أن سلسة من إجراءات التباعد الاجتماعي والعزل الصحي والوقاية الشخصية هي الوحيدة الفعالة في الحد من تاثير انتشار الوباء في أي بلد في العالم، ولأن المصاب قد يكون حاملا الفيروس لأسبوعين دون أن تظهر عليه الأعراض فهو ما يحتم القيام باختبار الكشف على قطاعات واسعة مصابة أو يتوقع إصابتها من المجتمع فبدون ذلك لا يمكن تحديد الوصول إلى الذروة بدون تحديد اتساع رقعة انتشار المرض عبر إجراء الكشف بنسب عالية، فاختبار الكشف وحده من يظهر اتساع رقعة الوباء وعدد المصابين ومن ثم تحديد نقطة الوصول إلى الذروة الذي يعتمد على معادلات رياضية في علم الأوبئة تقوم على عاملين رئيسيين وهما عدد الإصابات  وسرعة انتشار الإصابة خلال فترة زمنية محددة. طبعا كل ذلك يعتمد على قيام المجتمع بما يسمى إجراءات العزل الصحي والتباعد الاجتماعي وإجراءات الوقاية الشخصية التامة بدون ذلك لا معنى للبحث عن الذروة لأن عدد الإصابات لا يمكن السيطرة عليه وإنما هناك مصابين جددا دوما. وفي النهاية يجب أن ندرك أن الوصول إلى الذروة لا يعني أبدا انتهاء الوباء أو القضاء على الفيروس تعني ببساطة تخفيف الضغط عن القطاع الصحي بحيث تستطيع المشافي استقبال من هو بحاجة للدخول إلى  المشفى.

يدرك النظام أن القيام بكل هذه الإجراءات تكلفتها الاقتصادية عالية للغاية في ظل غياب التمويل الكافي أصلا لإعادة الإعمار وهو ما يعنيه أن سوريا ستدخل في سلسلة جديدة من الأزمات الاقتصادية التي تعيشها مسبقا من انهيار العملة وتصاعد العقوبات الاقتصادية بعد إقرار قانون سيزر.