هل يعيد باباجان تجربة أردوغان ..!؟

2019.07.09 | 13:07 دمشق

+A
حجم الخط
-A

كما كان متوقعاً تقدم نائب رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية التركي وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية علي باباجان باستقالته من الحزب، تمهيداً لتشكيل حزبه الجديد بالتناغم مع رئيس الجمهورية التركي عبدالله جول وبعض مؤسسي الحزب وأعمدته القديمة.

وفي بيان الاستقالة، أوضح باباجان سبب استقالته، بانتقاد موجه للعدالة والتنمية بوصفه قد انحاز عن المبادئ والثوابت التي تم تأسيسه عليها، مما جعل بقاءه وتأثيره داخل الحزب غير مفيد ولا يمكنه تقديم أي شيء...وهذا ما يعتبر بمثابة إلقاء اللوم على الحزب ومحاولة لتبرئة نفسه عن ترك الحزب الذي قاد تركيا طيلة هذه الفترة، وأوصله لكل المناصب التي يحلم بها كل سياسي..

نقطة ثانية ركز عليها باباجان في بيان استقالته، وهي التغير الذي حصل بتركيا بشكل خاص والعالم بشكل عام، وحاجة الناخب إلى وجوه جديدة وأفكار جديدة وأحزاب جديدة لكي تستطيع ملء الفراغ الذي يراه موجوداً ويرى أن العدالة والتنمية لم يعد الحزب الذي يلبي تطلعات الجماهير...

ويبدو أن هذه إحدى الركائز المهمة التي سيعتمدها الحزب الجديد في دعايته...

النقطة الثالثة المهمة أيضاً هي تركيز باباجان على الصفحات الجديدة التي يريد فتحها من جديد وعلى كل المستويات، وهذه ربما إشارة إلى توجه للانفتاح على شرائح جديدة بالمجتمع داخلياً، وربما تعتبر إشارة إلى السياسة الخارجية الجديدة التي ينوي باباجان أن يتميز بها حزبه الجديد...

رسائل كثيرة وعميقة أراد باباجان أن يبدأ بها استقالته معلناً عن بداية صفحة سياسية جديدة ضمن التقلبات والمخاضات التي تعيشها تركيا بعد نتائج انتخابات إسطنبول التي قلبت الموازين وأحدثت زلزالاً في مستقبل السياسة التركية...

قبل هذه الاستقالة، التقى الرئيس أردوغان باباجان، وعرض عليه منصب وصلاحيات واسعة -كما قيل - لكي يقوم بكل ما يريد القيام به من إصلاحات وإنجازات من داخل الحزب، وليس من خلال شق الصف وتشكيل حزب جديد...

لكن يبدو أن باباجان لم يكن يقصد من زيارته سوى إعلام الرئيس بقرار الاستقالة وعزمه على تشكيل حزبه الجديد، طبعا بعد تقديمه انتقاداً للخلل الذي أصاب العدالة والتنمية وسبب عزمه على مغادرة السفينة والنزول من القطار...

الكل يدرك ويعترف أن العدالة والتنمية أصابه كثير من الترهل والغرور، وربما التكبر، وهذه ليست انتقادات من خارج الحزب، بل تصريحات الرئيس أردوغان نفسه، الذي بدأ بالتذكير بها والحاجة التي تغييرها منذ نتيجة الاستفتاء الدستوري بالعام 2016.

حزب العدالة والتنمية هو الحزب الوحيد بتركيا الذي استطاع أن يبقى متقلداً الرئاسة كل هذه الفترة الطويلة، وإذا استثنينا

سبق للعدالة والتنمية أن تعرض لمثل هذه الانسحابات والانشقاقات على المستوى الفردي، مثل عبد اللطيف شنار نائب رئيس الوزراء، وأركان مومجو وزير التعليم والثقافة السابق وغيرهما...

رئاسة المدن الكبرى – وليس مجالسها- فقد استطاع الحزب بقيادة أردوغان، أن يفوز بكل الانتخابات التي خاضها ...ومن الطبيعي أن يتعرض أي حزب يحكم هذه الفترة الطويلة إلى انتقادات وسلبيات، ويبتعد عن الانضباط والحماس وروح التضحية والتفاني، وأن يتعرض لتراكم الانتقاد والتململ والتذمر، خاصة عندما يتعثر الحزب في بعض الملفات وعلى رأسها الملف الاقتصادي...

سبق للعدالة والتنمية أن تعرض لمثل هذه الانسحابات والانشقاقات على المستوى الفردي، مثل عبد اللطيف شنار نائب رئيس الوزراء، وأركان مومجو وزير التعليم والثقافة السابق وغيرهما...

لم يستطع هؤلاء أن يثلموا عجلة العدالة والتنمية أو يعيقوا تقدمه، وباءت كل أحزابهم بالفشل والخسران...

لكن علي باباجان يختلف عن هؤلاء لعدة أسباب....

الأول حال تركيا اليوم وحال العدالة والتنمية، وكثرة الانتقادات والوضع الاقتصادي ونتائج انتخابات البلديات وخاصة بلدية إسطنبول الكبرى...

الأمر الثاني هو النظام الرئاسي الذي لم يستقر بعد ولم يكتمل، والذي أثبت أن المعارضة هي ربما الأوفر حظاً في تجميع صفوفها، وقدرتها في الاتفاق على هدف معارضة الحزب الحاكم والفوز عليه...

الأمر الثالث والأخير هو حال المنسحب هذه المرة وتنسيقه مع رئيس الجمهورية السابق عبد الله جول، وتشابه هذه الاستقالة -في بعض أوجهها- بانسحاب مؤسسي العدالة والتنمية بقيادة طيب أردوغان عن عباءة معلمهم الأول نجم الدين أربكان وتشكيل حزب العدالة التنمية...

كل هذه التغيرات تجعل من استقالة باباجان صدمةً تلقي بظلالها على كل لقاءات العدالة والتنمية من ناحية على تموضع كل الأحزاب التركية بالخارطة السياسية الجديدة..

وتدعو الكثيرين للتساؤل:

هل يستطيع باباجان تكرار تجربة أردوغان!!؟؟

طيب أردوغان الذي عرف عنه شعاره الشهير "إن من ينزل من هذا القطار

الأمر الإيجابي الوحيد والأهم في هذه الاستقالات ربما تكون هي الصدمة التي ستوقظ العدالة والتنمية من جديد

فلن يصعده مرة ثانية" يبدو أن سياسته لن تختلف هي الأخٌرى هذه المرة....

سياسة المواجهة والتصعيد -وربما دمغ الحزب الجديد بالإهانة أو الخيانة- ستكون سمة العلاقة والموقف تجاه المولود الجديد ومحاولة وأده في مهده...

الأمر الإيجابي الوحيد والأهم في هذه الاستقالات ربما تكون هي الصدمة التي ستوقظ العدالة والتنمية من جديد...

وأظن حزم الإصلاحات والقرارات والتغييرات الجذرية التي ستطال الحزب والحكومة والانفتاح على شرائح جديدة ستكون جوهر الخطة الاستباقية للعدالة والتنمية في الفترة القادمة...