هل سيقبل بوتين بالهزيمة؟

2022.04.29 | 05:17 دمشق

2022-04-26t183819z_1979011132_rc26vt9p9d9y_rtrmadp_3_ukraine-crisis-un-russia-putin.jpeg
+A
حجم الخط
-A

غيّرت روسيا استراتيجيتها العسكرية في أوكرانيا بعد أكثر من شهرين على غزوها في 24 من شهر شباط الماضي، ومنيت خلالها روسيا بهزيمة عسكرية ثقيلة للغاية أجبرتها على تغيير استراتيجيتها كلياً.

عندما شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربه بعد أشهرٍ من التعزيزات العسكرية على حدود أوكرانيا، أرسل مئاتٍ من قوات الكوماندوز المحمولة بالهليكوبتر - أفضل جنود القوات الخاصة الروسية "سبيتسناز" - للهجوم والاستيلاء على مطار عسكري بالقرب من كييف، وبنفس الوقت ضربت القوات الروسية الأخرى في أماكن أخرى عبر أوكرانيا وخاصة كل المدن العمرانية الأوكرانية الكبيرة بما في ذلك باتجاه مدينة خاركيف في محاولة للسيطرة عليها دفعة واحدة في وهم أنه لن يكون هناك أي دفاع أوكراني وأن الجيش الأوكراني سيتبخر تحت القوة النارية الروسية، كانت كييف العاصمة محط التركيز الرئيسي الروسي فبسقوطها تسقط أوكرانيا ويعلن بوتين نصره العسكري الحاسم.

لكن بوتين فشل في تحقيق هدفه المتمثل في سحق الجيش الأوكراني المتفوق في العدد والأسلحة بسرعة. لم يكن الروس مهيئين للمقاومة الأوكرانية، وثبت أنهم غير قادرين على التكيف مع الانتكاسات، وفشلوا في الجمع بين العمليات الجوية والبرية بشكل فعال، وأساؤوا تقدير قدرة أوكرانيا على الدفاع عن أجوائها، وظهرت مشكلات مستعصية كبيرة في ضعف الإمدادات وانعدام القدرة على التواصل بين الوحدات العسكرية المختلفة.

ولذلك أعلن قائد القوات العسكرية الروسية في أوكرانيا أن هدف القوات الروسية هو بالأصل السيطرة على شرق أوكرانيا. ولكن لماذا تم إرسال أولوف الإمدادات العسكرية لمحاصرة المدن ومنها العاصمة كييف؟!

إخفاق بوتين في الاستيلاء على كييف سيبقى علامة على الهزيمة الروسية حتى ولو تمكن بوتين من السيطرة على بعض أجزاء أوكرانيا في المنطقة الشرقية واحتلالها مثل ماريوبول.

السؤال الآن: هل سيعترف الرئيس بوتين بهذه الهزيمة، أم أنه سيكابر في خداع العالم عبر القول إن احتلال أوكرانيا لم يكن هدفا بحد ذاته؟

السؤال الآن: هل سيعترف الرئيس بوتين بهذه الهزيمة، أم أنه سيكابر في خداع العالم عبر القول إن احتلال أوكرانيا لم يكن هدفا بحد ذاته؟

من الصعب جدا على الدكتاتوريين الاعتراف بهزائمهم العسكرية والتي غالبا ما تقود إلى ثورة شعبية ضدهم أو انقلاب عسكري ينهي حكمهم، وهو ليس مستبعدا تماما في تاريخ روسيا الامبراطوري أو السوفييتي ولذلك على الرئيس بوتين أن يكون حذرا في توقعاته المستقبلية.

هزيمة بوتين في أوكرانيا ستنعكس على دور روسيا في سوريا وخاصة لجهة الكلفة العسكرية الكبيرة التي تتحملها روسيا في سوريا من دون مبرر أو معنى ما دامت حدودها "الأمنيّة" في خطر الآن، وهو ما من شأنه أن يصعّد من خطاب الانسحاب الروسي من سوريا وترك نظام الأسد لمصيره في مواجهة الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل الذين يتعاقبون على ضربه بطرق مختلفة وآخرها الضربة الإسرائيلية في محيط دمشق والذي اعتاد النظام أن يرد بنفس البيان "تصدينا لصواريخ إسرائيلية وأسقطنا عددا منها" مع إدراكه تماما أنه لا يريد أن يخوض حربا إقليمية ستكون نهايته فيها.

حليف الأسد القوي في موسكو في ورطة كبيرة على المستوى الداخلي والدولي، ومصير الأسد يعتمد بشكل كبير على كيفية خروج بوتين من هزيمته العسكرية وهو مثقلٌ بمزيدٍ من جروح العقوبات الاقتصادية والعسكرية والعزلة السياسية كما هو واضح الآن، وعلى مدى استطاعتهِ أن يكابرَ ، ولن يطولَ ذلك كثيرا، فهناك الملايين من الأفواه الجائعة في روسيا التي تنتظر من بوتين أن يطعمها في ظل اقتصاد انكمش بنسبة 20 في المئة مما كان عليه سابقا.

مغامرة بويتن الأوكرانية أشبه بمغامرة صدام الكويتية ولحسن الحظ كل هذا النوع من المغامرات لا ينتهي نهاية سعيدة، ولو أن كلفة هذه المغامرات على المدنيين كبيرة وصعبة للغاية.