هل سيؤدي الاتفاق الدفاعي بين الأسد وطهران إلى توتر مع روسيا؟

2020.08.11 | 00:14 دمشق

640x480.jpg
+A
حجم الخط
-A

في الثاني والثالث من أغسطس/ آب الحالي، قامت مقاتلات إسرائيلية بشنّ هجوم على مواقع لجيش نظام الأسد داخل العمق السوري وذلك ردّاً على محاولات جرت من قبل عناصر مجهولة لزرع عبوات ناسفة داخل الخط الفاصل للجولان المحتل. على إثر ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً يوم السبت الماضي قالت فيه إنّها تدين بشدّة الخطوة الإسرائيلية وتعبّر عن بالغ قلقها من التصعيد الحاصل في العلاقات بين إسرائيل وسوريا.

لكن الأهم أنّ بيان الخارجية الروسية حذّر القيادة الإسرائيلية من أنّ تكرار مثل هذا العمل من شأنه أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، وأبدى في نفس الوقت تأكيده على سيادة وسلامة الأراضي السورية داعياً الطرفين إلى التحلّي بضبط النفس ومنع المزيد من التصعيد والتوتر.

لطالما استنكر الجانب الروسي الخطوات الإسرائيلية المشابهة التي حصلت في السابق، لكنّه لم يقم عملياً بمنع إسرائيل من شن غارات في العمق السوري، أو حتى محاولة اعتراض هذه الهجمات من خلال منظوماته الدفاعية الموجودة في سوريا، الأمر الذي يوحي بأنّ هناك ضوءا أخضر غير معلن لإسرائيل لاستهداف إيران داخل سوريا، بالإضافة إلى الاعتراف بحقّها بالدفاع عن نفسها وفق الرؤية الإسرائيلية.

وتعتبر روسيا المزّود الرئيسي لنظام الأسد بمنظومات الدفاع الجوّية، كما أنّ موسكو تمتلك منظومات أكثر تطوراً كانت قد نصبتها في قواعدها العسكرية في سوريا بعد دخولها أرض المعركة إلى جانب النظام في العام ٢٠١٥، فإذا افترضنا جدلاً أنّ المنظومات التي يمتلكها نظام الأسد متخلّفة وغير قادرة على مواجهة التكنولوجيا الإسرائيلية، فإنّ المنظومات التابعة لموسكو مباشرة باستطاعتها التصدّي للغارات الإسرائيلية، أو هكذا يجادل من يعتقد وجود اتفاق ضمني بين موسكو وتل أبيب على الهجمات التي تشنّها الأخيرة داخل العمق السوري.

وفي حين يلقي الروس بمسؤولية الفشل في التصدي للغارات الإسرائيلية على عدم كفاءة العناصر المحليّة التي تقوم بتشغيل منظوماتهم، يلقي النظام اللوم في هذه النقطة على الأسلحة الروسية. مؤخراً، قام نظام الأسد بانتقاد الأسلحة الروسية كنظام (إس-٣٠٠) و(بانتسير)، معتبراً أنها غير فعالة إلى حد كبير ضد الضربات الجوية الإسرائيلية، حسبما ذكر موقع "أفيا برو" الروسي. وبموازاة ذلك، جرى الترويج لإشاعات تقول إنّ نظام الأسد سيشتري منظومة (اتش كيو-٩) إلى أن تبيّن أنّ النظام الإيراني يسعى لتزويد الأسد بأنظمة دفاع إيرانية.

خلال زيارته على رأس وفد رفيع إلى دمشق، التقى رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري في يوليو الماضي الأسد ووزير دفاعه علي أيوب. ومع انتهاء اللقاءات أعلن الطرفان عن توقيعهما اتفاقية شاملة للتعاون العسكري. وقال باقري في تصريح له آنذاك أنّ إيران ستقوم بموجب هذا الاتفاق بتقوية أنظمة الدفاع الجوية السورية في إطار توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين.

هناك من يربط تعليق الخارجية الروسية الأخير على الضربات الإسرائيلية ضد أهداف تابعة لنظام الأسد بهذا التطوّر بالتحديد، ويشير الى أنّ هذه الخطوة تهدف كذلك إلى الضغط على روسيا كي تتحرّك بدورها للضغط على إسرائيل لإيقاف الضربات الجوية، وإلاّ فإنّ طهران ستتحرّك لتزويد الأسد بمنظوماتها التي تدّعي أنّها تتفوّق على (إس-٣٠٠) الروسية، وهو ما سيساهم كذلك في تخلّص الأسد من الضغط الروسي وأي التزامات ترتبط بموسكو من خلال المنظومات الدفاعية تحديداً.

مثل هذا السيناريو سيؤدي إلى التصعيد بالتأكيد بين مختلف الأطراف، وقد يلحق كذلك أضراراً بالمصالح الروسية في سوريا وفي العلاقة مع إسرائيل وإيران ويُضعف من نفوذ وسطوة موسكو على الأسد لصالح إيران. كما من المتوقع أن يدفع هذا السيناريو تل أبيب إلى تكثيف ضرباتها الجوية بدلاً من التراجع وذلك لمنع تمتين العلاقة العسكرية الإيرانية- السورية والحد من نفوذ إيران على الأسد أولاً، وثانياً من أجل منع إمكانية نقل المعدّات العسكرية التي سيتلقّاها نظام الأسد إلى حزب الله في لبنان.

علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أيضاً أن هناك احتمالاً في أن يتم رفع العقوبات الأمميّة عن صادرات وواردات السلاح إلى إيران في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. ومن المنتظر أن يؤدي ذلك إلى زيادة حدّة التوتر وإمكانية الوقوع في حسابات خاطئة تؤدي إلى تأجيج الصراع المسلّح في المنطقة. سيكون من المثير للاهتمام أيضاً متابعة ما إذا كانت إيران ستصرّ على نقل منظومات لها إذا ما قامت موسكو بالاعتراض، وكيف ستردّ طهران في حال قررت إسرائيل استهداف كل ما ستدخله من أسلحة إلى سوريا في الوقت الذي هي قادرة فيه على الرد على الضربات الإسرائيلية التي تستهدف ميليشياتها وعناصر حرسها الثوري في سوريا بل وحتى المنشآت الحساسة داخل إيران كما قيل مؤخراً.