هل ستعود داعش إلى الموصل قبل الانتخابات البرلمانية؟

2021.10.09 | 07:23 دمشق

thumbs_b_c_0e62ea10c3a26e92d949f7d1b4cacfec.jpg
+A
حجم الخط
-A

ليس من الهين القول بأن القوات الأمنية العراقية تُسيطر على عموم البلاد، بل نحن أمام مواجهات شبه يومية لعناصر داعش مع القوات الرسمية وغير الرسمية في محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين وغيرها، وهذا يؤكد أن التنظيم ما زال يمتلك العديد من الأوراق التي ربما ستدفعه لواجهة نشرات الأخبار المحلية والأجنبية مجدداً!

وقد سبق لداعش أن سيطر في العاشر من حزيران/ يونيو 2014 على ثاني أكبر مدينة عراقية وهي الموصل، وليكمل بعدها سيطرته على العديد من المدن ومن بينها صلاح الدين والأنبار وغيرهما وأحكم سيطرته حينذاك على أكثر من ثلث مساحة العراق إلى أن حَسمت القوات الأمنية والتحالف الدولي نهاية العام 2017 المعركة ضده، وأعلنت حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي النصر على التنظيم!

وبعد أقل من ثلاثة أشهر من هذا الإعلان الانتخابي، حينذاك، عادت مجاميع التنظيم للواجهة من جديد ونفذت العديد من العمليات العسكرية التي راح ضحيتها المئات من أفراد القوات الرسمية والحشد الشعبي!

وبعيداً عن إحصاء مجمل عمليات داعش خلال السنوات الأربع الماضية سنكتفي بالإشارة إلى أن التنظيم نفذ في العراق خلال العام 2020، (1422) عملية، أي بمعدل (120) عملية شهرياً، وذلك وفقا لمصادر رسمية عراقية، ومعظمها في محافظة ديالى، وبقية المدن الشمالية والغربية!

وسنحاول هنا ذكر بعض تحركات وهجمات التنظيم خلال العام الحالي فقط:

  • شنّ التنظيم في يوم 11/ 9/ 2021 هجوما بالأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة على قرية الخطاب، جنوب شرقي الموصل، وكانت الحصيلة مقتل ثلاثة عسكريين عراقيين وإصابة عدد آخر منهم.
  • وفي الخامس من أيلول/ سبتمبر قتل 13 عنصرا من الشرطة الاتحادية، وأصيب 3 آخرون في هجوم على حاجز أمني في محيط جنوب كركوك، نفذه (داعش).
  • وفي الأول من أيلول/ سبتمبر 2021 أعلن "الحشد الشعبي " أن مجموعة من اللواء (88) أحبطت هجوما نفذه مسلحو "داعش" في منطقة الفتحة شمالي ناحية العلم بمحافظة صلاح الدين شمالي البلاد، وأنه تمّ قتل بعض المهاجمين.
  • وفي يوم 29 آب/ أغسطس 2021 أفاد مصدر أمني عراقي، بأن عناصر داعش هاجموا بأسلحة رشاشة وقناصة حاجزاً أمنياً للشرطة في بلدة الضلوعية بمحافظة صلاح الدين، ونتج عن الهجوم إصابة 6 من الشرطة، اثنان منهم إصابتهما خطيرة، ثم انسحب عناصر التنظيم بعد تنفيذ الهجوم إلى جهة مجهولة!
  • وفي نهاية تموز / يوليو 2021 قتل ما لا يقل عن 14 شخصا وجرح أكثر من 20 آخرين بعد هجوم واسع نفذه عناصر داعش حيث استهدفوا مجلسا للعزاء في ناحية يثرب بمحافظة صلاح الدين.
  • وفي يوم 31/5/2021 أصيب 4 جنود عراقيين، بجروح إثر هجوم مسلح شنته عناصر من تنظيم "داعش" استهدف حاجزا عسكريا بأطراف قضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين.

هذه الهجمات وغيرها العشرات خلال العام الحالي والسنوات الثلاث الماضية تؤكد أن التنظيم، وإن تراجع في الساحة العراقية، إلا أنه لم ينته!

ومن الأهمية بمكان التذكير بأن عشرات من عمليات داعش تمت في العاصمة بغداد وبابل فضلاً عن الموصل والأنبار وصلاح الدين وكركوك!

والسؤال المرعب هنا:

هل يمكن أن يعود سيناريو الموصل للواجهة الميدانية والإعلامية مجددا؟

سنحاول قراءة المشهد العراقي بموضوعية تامة، والتي ربما ستساعدنا في الردّ على هذا التساؤل الكبير.

أشارت صحيفة المدى العراقية في يوم 20/ أيلول/ سبتمبر 2021 إلى التحركات "الاستثنائية" التي يقوم بها داعش، ضمن خطة الانتشار التي يعتمدها شمال بغداد في مناطق القيارة ومخمور، جنوب شرقي الموصل، والتي قد تنذر بـ"مفاجئات"، وأن هذه التحركات تقع ضمن المدن، ومن بينها المناطق "المناطق المتنازع عليها" بين بغداد وحكومة الإقليم، وهي مناطق بعمق أكثر من 7 كم وهي بيئة خصبة لتحركات المسحلين.

وهنا، وبناءً على ما تقدم، يمكننا تحديد بعض الجوانب الميدانية المتعلقة بالموقف بين داعش وحكومة بغداد، ومن بينها:

  • نفذت حكومة بغداد وبدعم التحالف الدولي أكثر من 800 حملة عسكرية لملاحقة عناصر التنظيم في الأنبار والموصل وديالى وصلاح الدين وكركوك وغيرها وهذه أدلة جازمة على استمرار وجوده في أكثر من ثلث مساحة العراق!
  • منذ بداية العام 2018 وحتى اليوم لوحظ أن مقاتلي داعش يعملون بشكل مجاميع صغيرة لا تتجاوز العشرة عناصر.
  • تواصل الخروقات الأمنية على الحدود العراقية - السورية مما يجعلها بوابة واسعة لتهريب المقاتلين والبضائع، وهذه من أهم عوامل الدعم المالي واللوجستي للتنظيم.
  • يستغل داعش الآن أكثر من خمس قرى خالية من سكانها وبالذات في المناطق المتنازع عليها ما بين حكومتي بغداد وأربيل، وجعلها مقرات شبه ثابتة لتحركاتها وهجماته!
  • تمتد تحركات داعش على شريط حدودي طوله أكثر من 130 كم في مناطق صحراوية وجبلية وتضم أهم مضافات التنظيم، ويتحرك مقاتلوه عبر درجات نارية.
  • يستخدم التنظيم نقاط التفتيش الوهمية وعمليات التهريب والخطف للحصول على التمويل اللازم لاستمرار الدعم اللوجستي لمقاتليه، مما يؤكد وجود مشكلات مالية داخل التنظيم، قد تدفعه للمجازفة ثانية!
  • توقف الدعم الجوي خلال الستة أشهر الأخيرة من جانب قوات التحالف الدولي للقوات العراقية في معاركها ضد داعش، وقد أظهر هجوم ناحية يثرب في صلاح الدين هشاشة الدعم الجوي والبري المحلي والمركزي للقوات في ميدان المواجهة رغم استمرار المعركة مع التنظيم لعدة ساعات!
  • أكدت المعارك مع داعش ضعف الجانب المهني والنفسي لكثير من عناصر القطعات الرسمية والشعبية.

هذه المعطيات الخطيرة وغيرها تؤكد أن التنظيم لم ينته بعد، وأنه في ظروف اقتصادية في غاية الصعوبة، ربما، تدفعه للمواجهة المصيرية.

وبالمقابل هنالك حالة فوضى في القرار السياسي والأمني العراقي، إذ إن الطرف الحكومي، وبالذات مع تنامي الدعوات بخروج قوات التحالف من العراق، أصبح في موقف غير صحّي، ومن هنا، وبناءً على ما تقدم، يمكننا التحذير، وبدرجة عالية، من احتمالية عودة سيناريو الموصل، ولكن ليس بالضرورة في ذات المدينة، بل يمكن أن يقع في كركوك، أو صلاح الدين، أو ديالى، أو حتى في ذات الموصل، وحينذاك سيقع أهالي تلك المدن ثانية ضحية لعمليات عسكرية جديدة!

والسؤال الأبرز:

هل سيكون هذا السيناريو قبل انتخابات العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل أم بعدها؟

حقيقة لا يمكن التكهن بسهولة لكن الأمر متوقع حدوثه قريباً وبدرجات كبيرة!