هل تنشغل تركيا بشرق المتوسط عن سوريا؟

2020.09.17 | 00:52 دمشق

20200912_2_44320550_58081600.jpg
+A
حجم الخط
-A

ما من شك أن جبهة شرق المتوسط تزداد توترا بمرور الأيام، فبالرغم من أن الأمور هدأت قليلا مع تراجع احتمالات المواجهة في ليبيا بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير إلا أن الخلاف المتزايد بين تركيا واليونان والمناوشة الفرنسية لتركيا بخصوص مواقفها من اليونان وقبرص بالإضافة إلى الحشود العسكرية المستمرة والتحركات السياسية المرافقة مثل قرار رفع حظر التسلح عن قبرص الرومية  من قبل الإدارة الأميركية ومن قبله التوافق المصري اليوناني على المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما كانت عوامل تصب باتجاه رفع درجات تركيز تركيا على جبهة شرق المتوسط.

وقد تصلبت تركيا في مواقفها شرق المتوسط مستفيدة من الهدوء الذي حصل في سوريا بعد اتفاق وقف إطلاق النار في مارس 2020 والذي يكون مر عليه 6 أشهر حتى الآن. والذي يتعرض لخطر الانتهاء بعد تكثيف روسيا للغارات على بعض الأماكن في  منطقة الأحراش غرب إدلب وفي منطقة أريحا، ولكن تذرع روسيا بأن الجهات المستهدفة ليست ضمن الاتفاق مع تركيا تشير إلى نية روسيا الحفاظ على وقف إطلاق النار.

ولكن مع ذلك فإن تركيا لم تغض الطرف عن التطورات الجارية في سوريا وتحديدا المحاولات الأميركية لتقوية وحدات حماية الشعب من أجل تأسيس دولة لها شمال سوريا وعن المحاولات الروسية لدمج وحدات حماية الشعب في الجيش السوري التابع لنظام الأسد.

وقد أشارت الكاتبة التركية هانده فرات أن مسؤولين أتراكا أخبروها أنه يتم باستمرار إرسال تحذيرات للدول من التعامل مع وحدات الحماية الشعبية.

يتضح من بعض الأخبار أن كلاً من الاستخبارات والجيش ووزارة الداخلية التركية ما تزال تعمل على القضاء على كافة وحدات حزب العمال الكردستاني داخل وخارج تركيا .

إن تركيا لم تغض الطرف عن التطورات الجارية في سوريا وتحديدا المحاولات الأميركية لتقوية وحدات حماية الشعب من أجل تأسيس دولة لها شمال سوريا

وقبل أيام  قليلة فقط أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، عن إلقاء فرق الأمن القبض على أرجان سليمان بيط، أحد المسؤولين عن الهجوم الذي استهدف مدينة الريحانية التركية عام 2013. ووفقا للصحف التركية، فقد تمكنت الاستخبارات التركية من إلقاء القبض على بيط، في عملية نوعية داخل الأراضي السورية.

بالرغم من عين تركيا المتفتحة على شرق المتوسط حاليا فإنها لا تخفي قلقها من محاولات واشنطن دعم وحدات الحماية / قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وتأهيلها سياسيا واقتصاديا ( مع الإعلان عن عقود نفطية بين شركات أميركية وقسد) وعقد مصالحات بينها وبين قوى محلية أخرى مثل المجلس الوطني الكردي، والعمل على تغيير الصورة الدولية لها من حيث كونها ممثلا سوريا لحزب العمال الكردستاني  وقد أعطت واشنطن تعليمات مؤخرا لوحدات الحماية الشعبية بناء على مصادر تركية بعدم استخدام أعلام ورايات حزب العمال الكردستاني وعدم رفع صور عبد الله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني المعتقل حاليا في تركيا منذ عام 1999.

بالرغم من وجود تفضيل تركي لرئيس جمهوري على رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض إلا أن تركيا ترى أن تعامل واشنطن مع وحدات الحماية سيبقى ذا إشكالية خاصة أن تعامل الناتو أيضا يحمل الكثير من الإشكاليات بالنسبة لتركيا.

تبدو المقاربة الأميركية تجاه وحدات الحماية في سوريا أخطر بالنسبة لتركيا من المقاربة الروسية بالرغم من وجود احتمالات للخلاف مجددا حول إدلب.

تعتمد أنقرة على الاستمرار في إضعاف حزب العمال الكردستاني في كافة أماكن وجوده حيث تتعامل معه على أنه كتلة واحدة وترى أن ضرب حزب العمال في قنديل يضعف وحدات الحماية الكردية والعكس صحيح، وتحاول أنقرة إقناع الأطراف أن العمل مع وحدات الحماية لن ينجح وأنها تتابع الأمر عن كثب وأنها ستتدخل عسكريا عندما ترى الأمور خرجت عن السيطرة. ومحليا تعمل تركيا مع عدد من العشائر في المنطقة لإبقائها في صفها ومنعها من التحالف مع وحدات الحماية الكردية.

لا زالت تركيا تتابع التطورات في سوريا وقد ناقش أردوغان مع روحاني خلال اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين قبل أيام الوضع في سوريا وهناك متابعة دبلوماسية وميدانية تؤكد أن تركيا لم تغفل عن الوضع في سوريا فهي جبهة حساسة جدا بالنسبة لتركيا وأكثر خطورة، ولكن من المهم أن نذكر أن أي احتدام للصراع في شرق المتوسط سيقلل من إمكانيات تركيا على المناورة على كافة الجبهات خاصة أن جبهة شرق المتوسط تضم لاعبين كثر.