هل تكون أفغانستان نهاية بايدن السياسية؟

2021.09.03 | 06:35 دمشق

2021-08-27t002458z_1667317830_rc29dp9bx32h_rtrmadp_3_afghanistan-conflict-usa-biden.jpg
+A
حجم الخط
-A

خطاب بايدن الذي أعلن فيه نهاية انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في نهاية شهر آب الماضي كان خطابا اعتذاريا بكل معنى الكلمة، أعلن فيه تحمله المسؤولية الكاملة عن قرار الانسحاب من أفغانستان والفوضى التي لحقت وتبعت هذا الانسحاب وسمحت لطالبان بالسيطرة الكاملة على كابل ومن ثم أفغانستان وبالتالي إعلان الهزيمة الأميركية بعد مرور عشرين عاما من البقاء هناك.

ربما حمل خطابه كثيراً من التبريرات للدفاع عن قرراه هذا، لكن كما يقال سبق السيف العذل، فالصور القادمة من أفغانستان ومن مطار كابل لم تترك لأاي خطاب معنى يحاول القول على عكس ما تنقله الصورة، وهو ما يفسر انخفاض شعبية بايدن بشكل كبير جدا على الرغم من القرارات الداخلية الهامة التي اتخذها فيما يتعلق بتحفيز  الاقتصاد بعد إغلاق كورونا والخطة الوطنية لتوزيع اللقاح التي شملت كل الولايات الخمسين بالتساوي وبتوقيت موازٍ.

لكن بايدن سيخضع كما كل رئيس أميركي من قبله إلى الحكم على قراراته الداخلية والخارجية منها، فربما يحمل بايدن مصير جونسون الذي كان أنجح الرؤساء الأميركيين في تمرير التشريعات الداخلية من التأمين الصحي للمسنين إلى تأمين القروض الجامعية إلى قانون الحقوق المدنية كلها لم تشفع لجونسون في الحكم عليه بالفشل في فيتنام، ويكاد الأمر ذاته يتكرر مع الرئيس جيمي كارتر الذي أدخل تحسينات هامة على وزارة الخارجية ودورها فيما يتعلق بحقوق الإنسان ودوره في تمرير التشريع الخاص بالسكن لكن الحكم عليه اختصر من زاوية الرهائن الأميركيين في إيران بعد اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979.

وبالتالي هل سيلقى بايدن مصير جونسون أو كارتر؟ يمكن القول إن بايدن سيكون رئيسا لفترة واحدة فقط، فما جرى في أفغانستان لا أعتقد أن الناخب الأميركي يمكن له أن يمرره بسهولة ولو أن قرار الانسحاب والاتفاقية الخاصة مع طالبان كان قد توصل لها الرئيس السابق ترامب، لكن بايدن قرر احترام هذه الاتفاقية والبناء عليها، وخالفت توقعاته كلها ما جرى على الأرض، وعلى عكس ما كانت المخابرات المركزية الأميركية تردده بأن القوات والجيش الأفغاني قادر على الصمود في وجه طالبان لمدة لا تقل عن ستة أشهر، لكن تبين أن طالبان استطاعت السيطرة على أفغانستان في أقل من 11 يوماً وهو ما لم يتوقعه أي من أجهرة الاستخبارات الأميركية.

فهو فشل ليس عسكرياً فحسب وإنما استخباراتي ربما يكون له تداعياته في فقدان الثقة المتكررة في أجهزة الاستخبارات الأميركية ودورها في رصد وتوقع الأحداث المستقبلية، ولكن يبقى الرجل الأول والأخير المسؤول عن هذا الفشل هو الشخص الساكن في البيت الأبيض.

يستغل الجمهوريون الحدث الأفغاني على الاقتصاد لإضعاف صورة الرئيس بايدن والحصول على أقصى قدر من النقاط تتيح لهم السيطرة على مجلس النواب والشيوخ في العام القادم وربما البيت الأبيض بعد ثلاثة أعوام وكل ذلك يعتمد على التداعيات الأمنية والعسكرية للانسحاب الأميركي من أفغانستان وكيف يمكن للصور القادمة من أفغانستان تحت حكم طالبان أن تؤثر في الرأي العام الأميركي.

صحيح أن بايدن ما زال أمامه ثلاث سنوات من أجل الانتخابات الرئاسية القادمة، وهي مدة كافية من أجل إشغال الرأي العام الأميركي بقضايا أخرى مختلفة كليا لكن الصور من أفغانستان وبقاء ما يعادل من 100 إلى 200 أميركي في أفغانستان كلها تفتح الباب للمزيد من الصور والقصص السلبية التي تغذي الجمهور الأميركي الغاضب من هذا الفشل الأميركي المضاعف في أفغانستان بعد ما يقارب من 20 عاما صرفت خلالها المليارات وكلفت أرواحاً أكثر من ألفي جندي أميركي.

تبدو الأمور كلها تسير على عكس صالح بايدن الذي من المتوقع أن يغير استراتيجيته التفاوضية مع إيران وربما يؤثر على بقاء القوات الأميركية في سوريا أو العراق.