هل بدأت مرحلة تطويق وفتح ملفات فاغنر؟

2022.05.31 | 03:37 دمشق

720206144852493.jpg
+A
حجم الخط
-A

ذكرت وكالة الأنباء الأميركية "أسوشيتد برس" أن ليبيا تواجه تهديداً أمنياً خطيراً من المقاتلين الأجانب وخاصة مجموعة فاغنر الروسية التي انتهكت القانون الدولي وفقاً للأمم المتحدة. ولا يخفى على أحد أن فاغنر هي الذراع القوي لنفوذ روسيا في مناطق بعيدة عن متناولها سياسياً أو لتنفيذ أجندتها دون الوقوع في ما يسمى "المساءلات القانونية"، وفي التوقيت نفسه تقريباً كشفت صحيفة الغارديان عن تقرير سري للأمم المتحدة يوثق انتهاك مقاتلي فاغنر الروسية للقانون الدولي أثناء دعمهم الجنرال المتقاعد خليفة حفتر أثناء حربه على طرابلس، وأشارت في التقرير نفسه إلى أن ما لا يقل عن 175 رحلة جوية عسكرية تابعة للاتحاد الروسي (بين 1 مايو 2021 و31 مارس 2022) حملت ما يقارب 10000 طن من المساعدات الإنسانية ولقاحات ضد كوفيد 19 وهو ما قابله تشكيك كبير من قبل الخبراء والمحقيقن الدوليين الذين اعتبروا أن مثل هذه الحمولات ينطوي تحتها مساعدات عسكرية لفاغنر وغيرهم.

عناصر فاغنر ينتشرون في شرق أوكرانيا وإنه من المرجح سحب العديد منهم من سوريا وأفريقيا لدعم وجودهم في أوكرانيا

الأدوار الناجحة التي قامت بها الفاغنر في دعم حلفاء موسكو جعل الغرب يضعها في دائرة التهديد بعيد المدى دون اتخاذ خطوات حقيقية لإيقافها، وهذا ما كانت تظهره بيانات دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية سابقاً، ولكن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وفرض الغرب عقوبات قاسية على روسيا بدأت تُفتح ملفات الأذرع الروسية العسكرية فكما كان لفاغنر دور أساسي في صعود وسيطرة الجنرال حفتر على أجزاء واسعة من ليبيا، كان لهم الدور نفسه في الإطاحة بالحكومة المالية وتسيد العسكر المالي المشهد السياسي هناك وتهديد فرنسا ومصالحها في تلك البلاد بل ومنطقة الساحل الأفريقي، وهنا تصبح حتى المصالح الأميركية نفسها في خطر ولا يجب إغفال التقارير التي قالت إن لفاغنر دوراً في اغتيال الرئيس التشادي إدريس ديبي عبر دعمها وتدريبها لعناصر المعارضة التشادية، علاوة عن دورها القائم الآن مع الجيش الروسي في حربها في أوكرانيا، وهذا ما صرحت به وزارة الدفاع البريطانية بأن عناصر فاغنر ينتشرون في شرق أوكرانيا وأنه من المرجح سحب العديد منهم من سوريا وأفريقيا لدعم وجودهم في أوكرانيا.

أما الشق السوري لملف فاغنر فإنه يختلف عما سواه في القارة الأفريقية فلفاغنر في سوريا تُعاونُ مع الجيش الروسي الموجود فيها، بينما ليس هناك أي وجود للجيش الروسي النظامي في القارة الأفريقية وفي سوريا قد تتلاقى القوات الأميركية مع الروسية ومجموعات فاغنر وجها لوجه، والحسابات الغربية تعتبر أنه كلما زاد الضغط على الجيش الروسي في أوكرانيا قد يضطره لسحب عناصره الموجودة في سوريا وأفريقيا إضافة إلى وضع عقوبات أممية عليهم فإنها سوف تعرقل حركتهم بشكل ما، إضافة إلى كسب الحرب الإعلامية ضد روسيا عبر فضح مهام فاغنر في أي مكان، ولكن التناقض الغريب لروسيا في سوريا هو إظهارها أنها تحمي قوات قسد (عبر تسيير دوريات مشتركة معها) لمنع تركيا من القيام بأي عملية عسكرية في الشمال السوري ولكسب رضا واشنطن في هذا الملف، وربما أيضاً سحب ورقة قسد من قصر الإليزيه الذي استقبل قياداتهم من قبل وتذكير دول الجوار السوري بأن روسيا لها الكلمة العليا في أنه لا يمكن تجاوزها أو تجاوز حليفتها دمشق، وأن عمليتها العسكرية على أوكراينا لم تؤثر في قدراتها العسكرية في سوريا وغيرها.

الغرب يسعى لقصقصة الأذرع غير النظامية لروسيا والتي شهدت نجاحات متعددة أضرت بالمصالح الأوروبية والأميركية عبر تقارير أممية تظهر حقيقة تلك المؤسسة

رغم كل هذه التعقيدات سواء في المشهد السوري أو الأوكراني أو الأفريقي إلا أن الغرب يسعى لقصقصة الأذرع غير النظامية لروسيا والتي شهدت نجاحات متعددة أضرت بالمصالح الأوروبية والأميركية عبر تقارير أممية تظهر حقيقة تلك المؤسسة، وتستصدر قوانين عقابية ضدها دون ذكر المؤسسات الأمنية التي تتبع لها، والتي قامت بمهام عسكرية قذرة أكثر بكثير مما قامت به فاغنر ولكن الآن بسبب الحرب الروسية الأوكرانية يستطيع الغرب تحميل موسكو كل الأمور القذرة، وإظهار الوجه الإنساني البريء للغرب والذي يمتلك سجلاً من الجرائم لا يمكن أن يُمحى من ذاكرة الشعوب، ومما لا شك فيه أيضاً أن الأمور تجر بعضها فاليوم الملف الليبي، غداً من يدري قد يكون الملف السوري النقطة المتوسطية الثانية للوجود الروسي.