هل بدأ حوار المخدرات بين الأسد ونتنياهو؟

2023.02.03 | 07:34 دمشق

هل بدأ حوار المخدرات بين الأسد ونتنياهو؟
+A
حجم الخط
-A

تاجر نظام الأسدين، الأب والابن، بقضية الجولان المحتل عدة عقود، ولكثرة ما كان إعلامهما يتحدث عنه، كاد السوريون يظنون أن التحرير قاب قوسين أو أدنى. لكن الحقيقة تقول إن لوك الشعارات الطنانة والرنانة، ليس هو التجارة، بل إن حماية الاحتلال، وتركه يستمر، مقابل البقاء في الحكم، والتسلط على حياة الناس، وجعلهم لا يفكرون لا بالجولان ولا غيره، هو التجارة الحقيقية!

في العام 2011، استشعر الأسد الابن تهديداً يطول كرسيه وحكم العائلة، فأرخى قليلاً حماية خط وقف إطلاق النار، وأوحى، أو ربما طلب من الفصائل الفلسطينية المستلبة له، بأنه لا يمانع ذهاب الفلسطينيين إلى الجولان، تحت شعارات حملة حق العودة، فحدثت هناك مقتلة، كان ضحيتها شباب فلسطينيون أرادوا أن يعبروا صوب فلسطين، لكن موتهم كشف أن العملية كانت جزءاً من مخطط جرى تنفيذه من قبل قادة الفصائل، ليكون حاملاً للرسائل بين الأسد وإسرائيل!

ربط رامي مخلوف، عبر تصريح وقح، بين بقاء النظام وأمن الكيان الصهيوني، وصحافة الأخير لم تكذب خبراً، فسمّت الأسد بملك إسرائيل، وصار واضحاً منذ بدايات الثورة، أنها لا تريد حاكماً لدمشق، سوى عائلة الأسد! وأن زعزعة أحوال هذه العصابة هي الخط الأحمر، الذي يجب ألا يتجاوزه أحد!

قال الناطق باسم جيش الاحتلال إنه تم اعتقال سوريين اثنين، حاولا تهريب كمية من المخدرات، عبر "الحدود السورية" إلى الداخل الإسرائيلي

بعد مرور 12 سنة على تلك الواقعة الدموية، عند خط وقف إطلاق النار، وبعد أن صار كبتاغون الأسد ماركة مسجلة باسمه عالمياً، يوزعه شمالاً وجنوباً، ويهدد به دول الجوار، عدا إسرائيل طبعاً، سُجلت في الأيام الأخيرة أولى الوقائع المختلفة، إذ قال الناطق باسم جيش الاحتلال إنه تم اعتقال سوريين اثنين، حاولا تهريب كمية من المخدرات، عبر "الحدود السورية" إلى الداخل الإسرائيلي.

ورغم أن أفيخاي أدرعي أشار إلى ندرة عمليات تهريب المخدرات من الأراضي السورية إلى إسرائيل، إلا أن المهربين كانا يحملان 21 كلغ من الحشيش المخدر!

المنطقة التي تتشدد أبراج المراقبة الصهيونية في رصد دبيب النمل فيها، خشية اقتراب عناصر الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، لم تكن هادئة قبل هذه الحادثة، إذ شهدت حادثتين سابقتين، اُعتقل فيها أشخاص، حاولوا اجتياز الخط الفاصل بين الجهتين، وقتل صياد سوري اشتبهت قوات الاحتلال به، ليتبين لاحقاً أنه لم يشكل خطراً، بحسب التصريحات الرسمية الإسرائيلية.

وقوع مثل هذه الحوادث، بتواتر قليل، يجب ألا يقلل من استثنائية محاولة البعض تهريب المخدرات إلى إسرائيل، خاصة وأن هذه المادة لا تنتج في سوريا إلا من قبل جهات مرتبطة بالنظام، أو تعمل تحت سيطرته وإدارته، وأيضاً أوامره!

فهل أصدر أحد ما الأوامر، بنقل هذه الشحنة إلى هناك، وهل هي حمولة تجريبية؟

أم أنها الحمولة المكتشفة فقط! وهل جرى نقل أنواع أخرى من المخدرات، كالكبتاغون مثلاً؟

لا أحد سيجيب عملياً عن هذه الأسئلة، سوى التحقيق مع المهربين، الذين سيجري تمديد اعتقالهما، بموجب أمر محكمة الناصرة، في شمال الأراضي المحتلة.

ربما تكون الحادثة مجرد اجتهاد للبعض، من الجهة السورية، وهذا احتمال ضعيف، لسبب أساسي مفاده أن التعاطي مع هذه المنطقة، في محافظة القنيطرة، لا يخضع للانفلات القائم، في مجمل من الأراضي السورية، فهو مقونن بحسب اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في العام 1974، وهو أيضاً محمي من قبل النظام، بحسب التفاهمات بينه وبين تل أبيب، وهو في المحصلة غير قابل للاختراق أو التجاوز، لأن رد فعل قوات جيش الدفاع الإسرائيلي سيكون عارماً، وسينعكس هذه المرة ليس على التحركات الإيرانية في سوريا المستباحة، بل على النظام ذاته، ولهذا فإنه من الأرجح، وبحسب التعاطي الهادئ للإسرائيليين بعدما جرى، أن يكون الأمر برمته نوعاً من تبادل الرسائل العملية، بعد تضارب في المصالح، احتوته الرسائل الشفوية التي تدار بين الطرفين.

قراءة النمط السلوكي الذي تخضع له تصرفات الإسرائيليين، وكذلك الأسديين، يوحي بأن ثمة ما يجري، يجب الانتباه له، خاصة مع تكرار محاولات العبور

ما الذي طلبه الأسد من الإسرائيليين، ولم يجيبوه عنه، فقرر أن يخاطبهم بهذا الشكل، وهل فعل الأسد هذا، أم أن أحداً آخر من حاشيته قام بذلك؟

كل المؤشرات، ولا سيما لجهة غياب التصعيد في المكان، تقول إن الحادثة محدودة، وإن علينا ألا نبالغ في تحليلها، وتأويل معطياتها، لكن قراءة النمط السلوكي الذي تخضع له تصرفات الإسرائيليين، وكذلك الأسديين، يوحي بأن ثمة ما يجري، يجب الانتباه له، خاصة مع تكرار محاولات العبور.

فهل يحاول أحد الطرفين، تغيير بند من بنود اتفاق حماية النظام، لحدود إسرائيل الشمالية؟ أم أن فتح باب تهريب المخدرات عبر خط وقف إطلاق النار، محاولة إيرانية عبر أدوات محلية لتهديد نتنياهو، وكبح جماح شهيته الطيبة، بعد أن بدأ تصعيده المشترك مع الولايات المتحدة، ضد مراكز السلاح النووي الإيراني؟!

أياً يكن ما يجري، يكفي أن نراه من زاوية الاقتراب من محرمات تل أبيب، لندرك أن الحكاية ليست مجرد حادثة عابرة.