نحن محكومون بالأمل

2020.01.03 | 16:02 دمشق

2018-05-09t172209z_1747766246_rc1a33a2a500_rtrmadp_3_mideast-crisis-syria.jpg
+A
حجم الخط
-A

استوقفني "تعبير نحن نشيع العام  2019 " بدل أن نودع، التعبير يعود لأحد الأصدقاء من أبناء بلادي الجريحة التي أدمتها سنوات حرب النظام على الشعب، حيث أصبح لفظ التشييع شائعاً جداً لكثرة من فارقناهم خلال السنوات إلى أن وصلنا إلى حد تعتبر فيه مراسم الدفن والتشييع ضرباً من الرفاهية لا يناله الكثيرون.

مؤسف أن نبدأ السنة الجديدة بهذه المشاعر لكننا نعيشها بكل قسوتها، بدأ العام المنصرم بما انتهى به من قتل وتدمير وتهجير لما بقي من سوريا فواصل النظام رمي حمم براميله على إدلب وقبلها ريف حماة الشمالي ودمر البلدات والقرى  من  مورك إلى معرة النعمان وهجّر أهلها والنازحين إليها في هجرة جديدة إلى الشمال الذي يضيق شيئاً فشيئاً على ملايين الناجين من بطش الأسد وأسر مليشياته، غرقت سوريا في المزيد من الدماء وفي المزيد من التدخلات فلم يتبق من معالم الدولة والسيادة سوى ألفاظ فارغة يتشدق بها النظام الآيل للسقوط والذي استدعى كل طائرات الدنيا لتجوب سماءنا ورضي بدور شرطي المرور الذي ينظم مرور الأرتال الأجنبية دون أن يكون له الحق حتى بمخالفة سير، أو دور المتفرج على مشاريع روسيا وإيران وتخادمهما وتجاذباتهما خاصة وأنه لم يعد يملك ما يبيع ليغري الحليفين ليستمرا بحمايته من الشعب وإبقائه على كرسيه الغارق في الدماء.

مؤسف أن نبدأ السنة الجديدة بهذه المشاعر لكننا نعيشها بكل قسوتها، بدأ العام المنصرم بما انتهى به من قتل وتدمير وتهجير لما بقي من سوريا

في 2019 اعترفت الولايات المتحدة بضم الجولان ونقلت سفارتها للقدس وأعلنت وضع يدها على النفط شرق سوريا وبعد سنوات من متاهة الكونغرس أصدرت في نهايته قانون قيصر الذي يعطي الأمل بمحاسبة النظام على جرائمه وهو أيضاً سيفاقم الألم في وقت انهارت فيه عملة البلاد واشتد الضيق على الناس وتوالت عليهم النكبات.

في العام الذي نودع، باشر عمله المبعوث الأممي الرابع لسوريا غير بدرسون والذي تفاءل بعد أن استطاعت روسيا جرّ النظام إلى اللجنة الدستورية التي توقفت بعد جولتين فقط فأنهى بيدرسون عامه بتجربة مرة جديدة مع النظام الذي يعرف جيداً أن أية خطوة للحل في سوريا ستنتهي بزواله، فيقع المبعوث الجديد في الحيرة ذاتها التي عرفها سابقوه وليعود ليبحث عن نقطة بداية جديدة لن تصل مع هذا النظام إلى شيء.

وفي وسط هذه الحلكة المطبقة في العام الفائت أيضاً توضحت مباعث الضوء، فالسوريون يقاومون لم يشعروا باليأس لحظة، أشكال المقاومة تعددت في ميادين الحرب والسياسة وقصص نجاح اللاجئين وتفوق وإبداع الطلاب السوريين في كل مكان، المظاهرات عادت لدرعا ودير الزور والكتابات وأعمال المقاومة عادت للغوطة وقرى ريف حماة وجنوب إدلب قاومت وكبدت النظام الكثير والكبينة أصبحت أسطورة مقاومة.

إرادة الشعب السوري في الحرية والخلاص التي لم تكسرها سنوات حرب الإبادة وقلبت السحر على الساحر وبدل أن يصبح الشعب السوري عبرة لكل شعب يريد الخلاص لما دفعه من ثمن باهض أصبح النظام عبرة لكل من يتصدى لإرادة الشعب فاستأنف الربيع العربي مسيرته وفهم الأشقاء في السودان والجزائر الدرس والعراق العظيم على الدرب ولبنان اهتزت فيه أركان الطائفية وبدأت عودة الاعتبار لقيم الوطنية بعد متاهات الاستقطاب الطائفي ونظام الملالي في إيران يصارع عبثاً قوانين الطبيعة فيما شارف الروس على اليأس من أن ثمة ما يمكن تدويره من بقايا هذا النظام.

إرادة الشعب السوري وإصراره حوّل أعتى الأنظمة وأشرسها إلى كيان هزيل مهترئ بدأ يأكل نفسه ويعض ذيله وأطرافه وفقد أية مصداقية لدى حتى أقرب المقربين لديه وأطبق حول عنقه حصار الدماء التي سفكها فبات معزولاً منبوذاً محاصراً يندب حظه ويعد أيامه فعقارب الساعة لا ترجع للوراء وإرادة الشعوب لا تكسر والمخاض المؤلم سيسفر ولادة جديدة.

السنة التي نستقبل تتحدانا بما تم ترحيله إليها من آلام وهي كثيرة ونتحداها بما نحمل من إصرار ونحن مصممون على أن المستقبل الأفضل آت إلى بلادنا وأن علينا أن نعد العدة له ونرسم خطوطه العريضة بما يليق بشعب التضحيات والمآثرّ، الحرية قادمة وصفحة الاستبداد ستطوى مرة وإلى الأبد بإذن الله.

كلمات مفتاحية