من هي الدولة النموذج في إدارة أزمة كورونا؟

2020.04.22 | 00:10 دمشق

kwrya_aljnwbyt_2.jpg
+A
حجم الخط
-A

رأينا فشلا ذريعا في إدارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي أعلن في بداية الأمر اتباع سياسة "مناعة القطيع" في مواجهة انتشار فيروس كورونا ثم لم يلبث أن أصيب هو وتم نقله إلى المشفى لمتابعة العلاج بدلا من متابعة إدارة الأزمة.

كما أن الرئيس الأميركي تلقى انتقادات كبيرة بسبب تأخره في اتخاذ تدابير مبكرة لمواجهة الفيروس حيث أصبحت الولايات المتحدة تتصدر قائمة الدول الأكثر من حيث الوفيات والإصابات بالفيروس وقد وصل عدد الإصابات إلى أكثر من 760 ألفاً، حتى 20 إبريل/نيسان 2020، في حين وصل عدد الوفيات إلى أكثر من 40 ألفاً.

وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى كوريا الجنوبية كحالة نموذجية للاستجابة لتفشي وباء "كورونا-19". حيث قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "تيدروس أدهانوم" إن كوريا الجنوبية كانت تعاني من تسارع الإصابات المجتمعية قبل شهر واحد فقط. ولكنها طورت استراتيجيات اختبار مبتكرة، ووسعت من قدرة مختبراتها ووزعت الكمامات، وقامت أيضًا بتتبع واختبار الأشخاص الذين اتصلوا بالحالات المؤكدة والمشتبه فيها، مما أدى إلى تراجع حالات الإصابة الجديدة. وقال إن الدول الأخرى التي تحارب الفيروس تطبق الدروس المستفادة من كوريا الجنوبية والمناطق الأخرى.

وقد نظرت كل من ألمانيا وفرنسا إلى كوريا الجنوبية كنموذج حيث عقدت كوريا الجنوبية وفرنسا ندوة افتراضية لمناقشة سبل الاستجابة لفيروس كورونا المستجد بناء على طلب غرفة التجارة الكورية - الفرنسية وبمشاركة حوالي 400 من المسؤولين والسياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال من فرنسا. وقال الجانب الفرنسي خلال الندوة إن نموذج كوريا الجنوبية في التعامل مع فيروس كورونا المستجد أصبح مثالا جيدا للعالم.

وفي الحقيقة تميزت تجربة كوريا الجنوبية، حيث تقوم استراتيجيتها على نظام يسمى "3T+P" و"3T+P" يعني الاختبار (Testing) والتحقيق الوبائي (Tracing) والعلاج (Treating) ومشاركة الشعب (Participation).

بالنسبة للاختبارات فقد وضعت كوريا الجنوبية حوالي 100 ألف مركز اختبار في البلاد مما أدى إلى حصر الفيروس ولذلك فإن الأرقام حتى تاريخ 14 إبريل 2020 هي عند 10 آلاف و537 حالة، في حين توفي نحو 217، وتعافى نحو 7 آلاف و447 شخصا.

أما بالنسبة لنظام كوريا الجنوبية في التحقيق الوبائي فهي تعتمد على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل تطبيق الهاتف المحمول للتشخيص والعزل الذاتي، ومركز المسح داخل السيارة (درايف ثرو) وتحليل معلومات موقع الهاتف المحمول.

وفيما يتعلق بالعلاج ترى كوريا الجنوبية أن "التوصل إلى عقار ولقاح هو السبيل الوحيد للتعامل مع الوباء"، وقد حصلت شركة الدواء الكورية بوكوانغ على موافقة لإجراء تجارب سريرية على دواء لعلاج فيروس كورونا الجديد. حيث بدأت المرحلة الثانية من التجارب السريرية على دواء "ليفوفير"، المُستخدم في علاج التهاب الكبد الوبائي من نوع B.

ويعد دواء "ليفوفير" دواء مضاداً للفيروسات حصل على موافقة لبيعه في 2006، وهو رابع دواء عالمي لعلاج التهاب الكبد الوبائي من النوع B

ويعد دواء "ليفوفير" دواء مضاداً للفيروسات حصل على موافقة لبيعه في 2006، وهو رابع دواء عالمي لعلاج التهاب الكبد الوبائي من النوع B، ويمنع تكاثر المواد الجينية الفيروسية. وقد قال مسؤول كبير إن "كوريا الجنوبية تسعى إلى اختبارات سريرية على العلاج القائم على الأجسام المضادة لفيروس كورونا المستجد خلال عام، لطرح دواء في 2021".

وتعتمد ألمانيا استراتيجية كوريا الجنوبية لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد مع زيادة أعداد الفحوصات ووضع المرضى في الحجر الصحي وذلك لمنع استنفاد طاقات مستشفياتها التي تنقصها طواقم طبية. وتجري ألمانيا 300-500 ألف فحص أسبوعيا وتتطلع ميركل إلى اتباع كوريا الجنوبية من خلال الوصول إلى 200 ألف فحص يوميا. وهنا نذكر أن فرنسا مع أنها حريصة على الاستفادة من تجربة كوريا الجنوبية إلا أنها متأخرة في عدد الفحوص كما أنها تأخذ ثمن الفحص 50 يورو من الراغبين في الفحص.

وتبدو ألمانيا الدولة الأكثر اقتداء بنهج كوريا الجنوبية وليس في عدد الفحوص فحسب ولكن في استراتيجية "التتبع"، من خلال الاستخدام المكثف للتكنولوجيا لمراقبة المرضى التي يبدو أنها ساعدت كوريا الجنوبية على السيطرة على تفشي الفيروس.

ويمكن لعملية التتبع أن توجه عملية الفحص أيضا، وفي هذا السياق قال رئيس معهد "روبرت كوخ" الألماني لمكافحة الأمراض: "على الرغم من أن ألمانيا وكوريا الجنوبية دولتان مختلفتان للغاية، فإن استراتيجية الفيروس في الدولة الآسيوية يمكن أن تكون مثالاً". وأن "النقطة الأساسية هي تتبع بيانات الهاتف الخليوي، لمعرفة جميع تحركات الشخص المصاب ومع من التقى".

تركيا تعتبر من الدول النموذجية في إدارة ملف كورونا خاصة مسألة الشفافية في التعامل مع الأزمة

وتعتبر تركيا نفسها من الدول الناجحة في التعامل مع أزمة كورونا سواء من التدابير المبكرة أو التعامل مع المصابين كما أشارت منظمة الصحة العالمية أن تركيا من الدول النموذجية في إدارة ملف كورونا خاصة مسألة الشفافية في التعامل مع الأزمة.

 وقد استطاعت تركيا البدء في تخفيف سرعة انتشار الفيروس منذ الأسبوع الرابع وقد أكد على هذا الأمر وزير الصحة التركي باعتباره إنجازا مهما لتركيا، حيث قال إن الصين وصلت لأعلى رقم في عدد الحالات اليومية في الأسبوع رقم 7 والولايات المتحدة في الأسبوع رقم 11 فيما وصلت له تركيا في الأسبوع الرابع، حيث بدأ الرقم في النزول بعد الأسبوع الرابع، ومن الناحية الأخرى بالنظر إلى عدد الحالات وعدد الوفيات منها وبالمقارنة مع بقية البلدان فإن تركيا تتخطى الأزمة بأقل عدد من الوفيات والذي يصل إلى حوالي 2% بينما كانت نسبة الحالات التي لديها أمراض مزمنة من الوفيات فوق 75%. وقد تجاوزت تركيا حاجز ال 40 ألف فحص يوميا. كما بدأت تركيا إجراءات التتبع للمصابين ولكن لم تبرز هذه  النقطة بشكل واضح.

وعلى كل الأحوال ما زالت الأمور تحت السيطرة في تركيا، وتعتبر تركيا نفسها مثالا في موضوع مجانية الفحوص والعلاج للمواطنين، وفي منع بيع الكمامات وتوزيعها مجانا على المواطنين. وعلى صعيد آخر تتابع تركيا ملف اللاجئين وخاصة في إدلب حيث أعلن رئيس إدارة الكوارث والطوارئ" التركية (آفاد)، محمد غوللو أوغلو، أن مؤسسته تتابع عن كثب احتمال تفشي وباء كورونا في منطقة إدلب شمال غربي سوريا. كما أظهرت تركيا إنسانية عالية عندما قامت بتقديم مساعدات طبية لحوالي 40 دولة في الوقت الذي استولت فيه دول أوروبية على مواد طبية قادمة لدول أخرى من جاراتها.

ويقول الباحث التركي نبي ميش أن معايير المقارنة في التميز بين البلدان ليست واحدة فنقطة تميز اليابان وكوريا الجنوبية هي من حيث العدد الكبير للفحوص التي تم إجراؤها، ولكنه يضيف أن دول آسيا تعتبر من الدول التي تعرضت سابقا لأوبئة مختلفة مما يجعلها أكثر تميزا من بقية الدول من حيث الاستعدادات سواء من الدولة أو من المجتمع. حتى إن استخدام الكمامة في بعض هذه المجتمعات يعتبر ثقافة حتى في الأوقات العادية عند دخول الأسواق أو أماكن التجمعات قبل كورونا. وبالتالي من الصعوبة المقارنة بين الدول وفق معيار واحد فهذا يؤدي إلى نتائجة خاطئة.

نحتاج إلى تقييم شامل بنهاية الأزمة تماما لمن هي الدولة النموذج بعد انتهاء الأزمة وبدون الاعتبار على معيار واحد سواء في مجال العلاج المباشر أوغيره لأن الإطار الاقتصادي والاجتماعي لأي دولة لا يقل أهمية عن الطبي حيث تنظر الدول الواعية لهذه الملفات أنها مكملة لبعضها بعضا.

وفي الختام لا ننسى أن نشير إلى أن الصين حاولت أن تبدو كنموذج في مكافحة الفيروس إلا أن تكذيب واشنطن ولندن لها قلل من درجة نجاح الصين في عرض نفسها كنموذج ولا تزال تلتصق فيها سمعة الموطن الأول للفيروس. ولكن حتى الآن تبدو كوريا الجنوبية هي الدولة الأكثر نجاحا عالميا في مواجهة أزمة كورونا، مع أن البعض يرى أن كوريا الجنوبية استلهمت استراتيجيتها من الصين.