ملالي إيران؛ سود العمائم والقلوب

2020.04.27 | 00:01 دمشق

khamenei-sepah28july.png
+A
حجم الخط
-A

كما تمت مقاربة الحال الروسي من خلال رؤية أو موقف أو حق الإنسان الروسي، وعلاقته بقيادته كإنسان- بلا حول أو قوة- أمام دكتاتورية تأخذه رهينة وتمضي بمخططاتها المافياوية؛ فإننا نرى أن الإنسان الإيراني- ومنذ ما يُسمى بثورة الخميني- قد ابتُلي بقيادة أيضاً مافيوية تحكمه بخبث العقلية الدينية، التي تستحضر غيبيات الجاهلية لتغسل عقول وضمائر بسطاء الإيرانيين، كي تُبقيهم في جوارها.

إن إرهاب إيران المنظم، وتسييسها للفكر الشيعي، وسيطرتها على شيعة المنطقة- من خلال تغذية الرهاب من الوهابية والتلويح بأن السنة المتشددين هم قتلة الشيعة- قد حوّل شيعة المنطقة إلى منظمات وميليشيات بيد إيران؛ في وقت كانت فيه إيران ذاتها ترعى مصالح تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة وغيرها ممن قتل وأرهب السنة والشيعة على حد سواء في العراق وسوريا.

لقد استخدمت إيران ميليشياتها، وعلى رأسهم ما يسمى حزب الله اللبناني في كل المنطقة لمآربها الخاصة، وربطت مع آخرين عبر التشييع والمال والابتزاز والمخدرات ونفذت إلى القضية الفلسطينية والمقاومة ساعيةً إلى سحبها من اليد العربية عبر المزاودات والبروبوغندا الرخيصة؛ آخذةً شيعة المنطقة رهائن لمخططها المريض الخبيث. ولكن كما قررت الصهيونية أن لا وطن لليهود إلا إسرائيل؛ كذلك محاولة الملالي جعلت ولاية الفقيه المأوى والمرجعية لكل الشيعة؛ سيتبيّن أن من يراهن على إيران ونظامها كمن راهن وارتبط بالاتحاد السوفييتي.

وفي الوقت الذي تسرق فيه هذه العصابة الدينية (بغير حق) خُمس الدخل من مواطنيها باسم الواجب الديني، فإنها تستحضر زمن الفتنة الكبرى و"ثارات الحسين"، لِبَثِّ مشروعها الخبيث. وقد وصلت إلى مرحلة الاستثمار الديني في مقاومة فيروس الكورونا: أليس من العجب العجاب مثلاً أن نرى رجال الدين الإيرانيين وأزلامهم من علية القوم يدعون الشعب إلى عدم القلق من الكورونا، وإلى عدم اتخاذ تدابير الحيطة والأمان كارتداء الأقنعة الواقية من هذا الفيروس؛ وذلك "لأن الحسين سيحميهم، ويثأر لهم من هذا الفيروس اللعين؛ الذي هو- حسب ما تؤمن رؤوسهم الحاقدة- من تجليات معاوية"؟! أي فكرٍ عفنٍ هذا الذي يحكم بلاد فارس، التي أنجبت علماءَ طبٍ عِظاماً أمثال "ابن سينا"!!

إن التدخل الإيراني في مقدرات شعبنا يؤرقنا على الدوام؛ ولكن منسوب القلق اليوم أعلى بكثير من السابق؛ وذلك لسبب خطير، وهو أن الإيرانيين يستخدمون السلاح البيولوجي ممثلاً بفيروس الكورونا كحرب إبادة ضد السوريين، الذين استنزفت السنون الخوالي مقدراتهم وعزيمتهم. إن مشاهد الطائرات الإيرانية التي لا تهدأ تنقل مئات المسافرين والمرتزقة المصابين بالكورونا إلى سوريا، لنقل العدوى إلى العتبات الدينية في دمشق وغيرها، هو أمر يقتضي تفعيل جميع المؤسسات الدولية المعنية لوقف هذه المجزرة الإيرانية. على العالم أن يتذكر أن عدم وقف هذا الطغيان الإيراني سيجعل من سوريا حاضنة لهذا الوباء القاتل؛ ولابد أن تصيب شظاياه كل أطراف المعمورة، التي تجهد للتخلص منه.

إن سياسة الإنكار وتزييف حقائق الجرائم، التي تستعصي على الزمن، ليست أمراً غريباً على أنظمة شمولية؛ فكما ورث نظام بوتين منهجية التزييف من نظام سوفييتي لم يتوانَ عن التأكيد أن الشمس تشرق من الغرب، وأن عدد ضحايا انفجار مفاعل تشرنوبل لم يتجاوز الضحيتين الاثنتين- في حين ما زالت الآثار الضارة لهذا الانفجار ملموسة في غرب أوروبا حتى يومنا هذا- فإن ملالي طهران كذلك ينكرون مفاعيل كورونا في بلادهم؛ تماماً كما يفعل نظام الأسد، وكما تقيأت بثينة شعبان عام 2013، بعيد قصف النظام لمنطقة دوما بالسلاح الكيماوي، عندما ادّعت أن الضحايا في دوما هم بالأصل من منطقة الساحل قتلهم الإرهابيون، ونقلوهم إلى مسرح الجريمة في دوما.

إن ملالي طهران يرون في سوريا واسطة عقدهم الخبيث، وعلاقتهم مع منظومة الاستبداد في دمشق كالتوأم السيامي؛ وهذه المسألة بالنسبة للملالي وجودية. وهكذا وضعت إيران الشعب السوري أمام خيار الوجود أو اللاوجود من خلال محاولة إلغاءٍ لوجوده الحالي باستخدام فعل إيديولوجي- (بيولوجي الآن) إلى حذف كينونة دولة اسمها سوريا، وتحويلها إلى المحافظة الإيرانية رقم 35.

ورغم كل ذلك يبقى هناك ما يبعث على التفاؤل في نفوس السوريين؛ وهو أن إيران وبسبب ضغوط العقوبات الاقتصادية ووطأتها القاسية جداً، وبسبب وباء كورونا الذي زاد الطين بلة في تعاسة المواطن والنظام الإيراني، وبعد الاستنزاف المادي للخزينة الإيرانية بسبب تدخلاتها في العراق ولبنان وسوريا واليمن، وفي ظل "التنسيق" الروسي مع إسرائيل لإخراج إيران من سوريا، وفي ضوء الموقف التركي القوي في وجه محاولات "النظام" المدعومة إيرانياً للسيطرة على إدلب، وتحت وطأة أزمة النفط العالمية التي تهز عروش الاقتصاديات العالمية الكبرى والتي بدأت منعكساتها السيئة على حياة المواطن الإيراني العادي منذرةً بثورات جياع في إيران تحرق الأخضر واليابس؛ فإن كل هذه المعطيات قد تدفع بالمرشد الأعلى لإيران أن يتجرع السم كما فعل سيده الخميني عام 1988، وأوقف الحرب الإيرانية ضد العراق.

قد يقوم خامنئي بالتهدئة مع ما يسميه قوى الشر التي تتزعمها أميركا والتي حولت حياة النظام الإيراني إلى جحيم. وقد يبرر خامنئي هذه التهدئة على أنها التزام ديني بمبدأ "التقية" الذي يبيح المحظورات لتفادي العاصفة.

وختاماً، نؤكد أنه رغم مواجهة الشعب السوري لثالوث إجرامي مؤلف من جوقة أشرار يتجاوز خطرها الاستبداد ضد مواطنيها بل يفوق آثام النازية ووباء الكورونا، فإن هذا الثلاثي قد نسي أو تناسى أهم دروس التاريخ، بأن إرادة الشعوب لا تقهر، وأن مصير كل محتل إلى مزبلة التاريخ.