مخلوف وإدارة أملاك العائلة

2020.06.17 | 00:03 دمشق

ramy-mkhlwf-wbshar-alasd-2.jpg
+A
حجم الخط
-A

عندما قررت السلطات السورية الترخيص لشركات الخليوي بالدخول إلى الأراضي السورية دخلت شركتان إلى السوق السورية هما سيريتل وشركة 94 قبل أن تتحول إلى شركة MTN ، ليس لرامي مخلوف أية خبرة في كل هذه الأعمال على الإطلاق وبالتأكيد شركة الخليوي تحتاج إلى تركيب معدات خاصة وكلفة لذلك تحالف مع شريكه الملياردير المصري نجيب ساويرس صاحب الVodaphone  من أجل إدخال وتركيب المعدات الخاصة، لكنه ما لبث أن اختلف معه وطرده من السوق السورية كليا بعد الاحتجاج من قبل ساويرس على طريقة إدارة مخلوف للشركة، ولم يحل الخلاف الذي وصل إلى المحاكم الدولية إلا بعد أن تدخل الرئيس السابق حسني مبارك في اتصال شخصي مع الرئيس بشار الأسد.

كان واضحا أن تخلي الدولة السورية عن حقوقها في عقود شركات الخليوي سوف يضيع على الخزينة السورية مليارات الدولارات، وهو ما دفع النائب السابق رياض سيف إلى إثارة هذا الموضوع علنا تحت قبة مجلس الشعب السوري وصدر كتابا موثقا بالكامل يكشف حجم التلاعب الكبير في تأسيس الشركة وفي العقود على حساب الخزينة السورية، يكفي أن تأسيس شركة سيريتل هو في جزر العذراء البريطانية برأسمال قدره 50 ألف دولار فقط، فإذا ما أفلست الشركة لا تستطيع الحكومة السورية مقاضاتها أبدا.

والأهم أن الحكومة السورية تعطي الحقوق للشركتين المشغلتين لمدة سبع سنوات وفق عقود P.O.T   لكن وبعد انتهاء السبع سنوات في عام 2012 بقيت الشركتان هما نفسهما ولم تعد ملكيتهما للدولة أبداً، بل جرى تجديد العقود بصيغ أخرى مع الاحتفاظ على ملكية سيريتل للنسبة الأكبر على حساب الدولة والتي تبلغ الآن 50 بالمائة.

إثارة هذا الموضوع علنا وداخل قبة البرلمان دفعت الأجهزة الأمنية للتحرك فورا واعتقال النائب رياض سيف، رغم حصانته في تلك الفترة والحكم عليه بالسجن خمس سنوات، وفي ذات اليوم الذي اعتقلت فيه الأجهزة الأمنية سيف اجتمع مجلس الشعب السوري ليصوت بالإجماع دون أي صوت مخالف على عقود الدولة السورية مع الشركتين المشغلتين للهاتف الخليوي، كشفت قصة عقود شركة سيريتل أن رامي مخلوف هو مجرد واجهة شكلية لعائلة الأسد في إدارة الأملاك الخاصة بعائلتي الأسد ومخلوف.

رامي مخلوف هو ابن محمد مخلوف الذي هو خال الرئيس السوري بشار الأسد وأخو والدته أنيسة مخلوف، لمحمد تاريخ طويل في الفساد المشرعن عبر انتقاله من المؤسسة العامة السورية للتبغ "الريجي" إلى البنك العقاري الذي أصبح يحصل على نسبة 5 بالمئة من كل القروض الممنوحة، ولذلك لقب بالسيد خمسة بالمئة، لكن مع وفاة الأسد الأب وجَدَ بشار الأسد في رامي مخلوف وإخوته إيهاب الذي هو شريك رامي في الإدارة والإشراف على كل هذه الشركات والأخ الثالث العقيد حافظ الذي يتبوأ موقعا مرموقا في الاستخبارات السورية، فقررت عائلة الأسد مشمولة بالوالدة أنيسة مخلوف وبشار وماهر أما الأخ الثالث لبشار مجد فيعاني من إدمان واختلال عقلي، قررت العائلة توسيع ممتلكاتهم الشخصية عبر السماح لعائلة مخلوف في توسيع الثروة من خلال الشراكة مع كل الاستثمارات الأجنبية التي يمكن أن تدخل سوريا بعد العام 2000.

طبعا يتداول السوريون قصصا كثيرة عن رامي مخلوف وتدخله في السيطرة على امتيازات الشركات الأجنبية العاملة في سوريا لصالحه عبر فرض شراكة إجبارية هي أقرب للإتاوة كما أنها لا تكلفه أي حاجة لخبرة إدارية أو رأس مال وأشهر تلك القصص شركة مرسيدس التي استقرت على عائلة سنقر بوصفها الوكيل لكل مبيعاتها في سوريا، حاول رامي مخلوف مرارا انتزاع الوكالة من عائلة سنقر لكن الشركة الألمانية الأصل أصرت على الاحتفاظ بوكيلها في سورية ممثلا في سنقر فأجبر رامي مخلوف رئيس الوزراء حينها محمد ناجي عطري بإصدار قرار يمنع استيراد كل السيارات وقطع الغيار من شركة مرسيدس، لكن وكما يعرف الجميع مرسيدس ليست ماركة السيارات الفارهة (التي هي سيارة المسؤولين السوريين بالمناسبة) فحسب بل إنها عملاق سيارات النقل والمواصلات الضخمة في العالم وكل الوزارات السورية بدون استثناء لديها أسطول ضخم من هذه الباصات وسيارات الشحن فضلا عن السيارات الفارهة لكبار المديرين وكل هذه تحتاج إلى قطع غيار وتبديل بشكل يومي تقريبا ولذلك اضطرت كل الوزارات السورية للجوء إلى التهريب بشكل شرعي عبر الحصول على هذه القطع من لبنان المجاورة بسبب هذا القرار العدائي الذي أراد منه مخلوف تأديب الشركة الألمانية ووكيلها السوري سنقر ضاربا عرض الحائط بكل الخسائر الفادحة التي يمكن أن تمنى بها المؤسسات السورية.

هذه الحادثة تشير أيضا إلى مدى العلاقة الثلاثية الوثيقة بين ثروة مخلوف وثروة الأسد وارتباط كليهما وتسخير مؤسسات الدولة كلها من أجل الإثراء غير المشروع الذي تحصل عليه العائلتان.

كلمات مفتاحية