مباحثات إس 400 في عهد بايدن

2021.02.23 | 00:00 دمشق

thumb_219033_700_400_0_0_exact.jpg
+A
حجم الخط
-A

مع إعلان فوز إدارة بايدن كان هناك حالة شبه إجماع على أن بايدن سيعيد ترتيب أولويات الإدارة بشكل مختلف عما سارت عليه في عهد ترامب في معظم الملفات ولكن دون أن يمس بالثوابت المعروفة بالسياسة الأميركية، وقد كان من الأمور التي كان هناك تركيز في التحليل حولها أن الإدارة الجديدة بقيادة بايدن لديها مشكلة مع روسيا وستكون سياستها الخارجية موجهة نحو تقييد حركة روسيا، وستعمل على التعاون مع حلفائها وخاصة دول الناتو في تنفيذ هذه السياسة.

وفي هذا السياق يعد ملف صفقة إس 400 الروسية التي حصلت عليها تركيا "عضو الناتو" ولم تشغلها إلى الآن بسبب التلويح بعقوبات أميركية، أحد أكبر الملفات المهمة في تحديد شكل العلاقات التركية الأميركية في المرحلة القادمة. وفيما تعرضت تركيا لعقوبة الخروج من برنامج إف35 ومن ثم لعقوبات شكلية في نهاية فترة ترامب فإنها قد تكون عرضة لعقوبات أكبر في حال لم تتفاهم مع إدارة بايدن على حل مقبول.

بالنظر إلى الوضع القائم في العلاقات حاليا وإلى تصريحات المسؤولين الأميركان والأتراك فإن هناك سعياً تركياً للتفاهم حول هذا الملف ولكن مع ذلك هناك العديد من مواطن الخلاف، ففي حين ترى واشنطن أن هذا الملف هو الملف الأساسي وهو العقبة الكبرى أمام تصحيح مسار العلاقات فإن تركيا ترى أن هناك ملفات أخرى على رأسها دعم الإدارة الأميركية لتنظيم بي واي دي الذي تعتبره تركيا تنظيما إرهابيا متصلا بحزب العمال الكردستاني والذي تعتبره واشنطن أيضا تنظيما إرهابيا.

الاتصال مع بلينكن قبل أيام كان في إطار سلبي حيث تم التشكيك برواية تركيا حول مقتل 13 من مواطنيها في منطقة غارا على يد حزب العمال الكردستاني

وعندما ننظر إلى هذه العملية نجد أن بايدن وأردوغان لم يتحدثا بعد بالرغم من مرور شهر على دخول بايدن للبيت الأبيض، ولكن على مستوى أقل حصل اتصال بين المتحدث باسم الرئاسة في تركيا إبراهيم كالن وبين مستشار الأمن القومي جاك سلوفيان، وبين وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو ووزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن.

لكن الاتصال مع بلينكن قبل أيام كان في إطار سلبي حيث تم التشكيك برواية تركيا حول مقتل 13 من مواطنيها في منطقة غارا على يد حزب العمال الكردستاني حيث جاء بيان الخارجية الأميركية مشروطا بتأكيد قيام حزب العمال الكردستاني بهذا الفعل. وقد قال البيان الأميركي " الولايات المتحدة تقف بجانب تركيا العضو مثلها في حلف شمال الأطلسي وتدين عملية القتل إذا تأكد أن المسؤولية عنها تقع على عاتق حزب العمال الكردستاني." كما قامت أنقرة باستدعاء السفير الأميركي ديفيد ساترفيلد، واحتجت على اللغة المستخدمة في البيان ومع ذلك ذكر بعض الكتاب الأتراك أن الاتصال كان له دور في تغيير وجهة النظر الأميركية حول هذا الحادث. لكن احتياج أمر بهذا الوضوح ومن حزب العمال الكردستاني وليس من وحدات الحماية للترتيب والتنسيق بين واشنطن وأنقرة يشير إلى بيئة العلاقات الحالية.

من زاوية أخرى يمكننا أن نشير إلى تصريحات وزير الدفاع التركي التي حملت إشارات واستعدادات من تركيا للقيام ببعض المناورات والتي من ضمنها البدء بدراسة فكرة شراء منظومة باتريوت أميركية، مع التفاهم على تشغيل منظومة إس 400 بأوقات محددة ومتفاهم عليها، أو العمل على نسخة إس300 والتي توجد لدى جار تركيا عضو الناتو الآخر اليونان والتي لم تتعرض لأي مساءلة أو انتقادات من الغرب أو الناتو حولها.

أشار الموقف المتباعد بين الطرفين حول مقتل الـ 13 تركياً في غارا وفي أول اتصال بين وزيري خارجية البلدين إلى جانب من جوانب العلاقة بين البلدين وإلى الصعوبة التي يمكن أن يشهدها ملف إس400

وبالطبع يوجد هنا عامل مشترك واحد في كلام وزير الدفاع التركي وهو أن تركيا لن تتخلى عن منظومة إس400 ولن تعيدها أو تتخلص منها ببيعها لدولة أخرى لأن ذلك غير ممكن بدون موافقة روسيا.

ما بين إدراك الإدارة الحالية لأهمية تركيا في أي خطوات من شأنها احتواء روسيا وهو الأمر الذي عبرت عنه مؤخرا على سبيل المثال المناورات التركية الأميركية المشتركة في البحر الأسود، وما بين الخلاف القائم حول منظومة إس 400 سيستمر التفاوض بين الطرفين لفترة أطول على الأغلب. وقد أشار الموقف المتباعد بين الطرفين حول مقتل الـ 13 تركياً في غارا وفي أول اتصال بين وزيري خارجية البلدين إلى جانب من جوانب العلاقة بين البلدين وإلى الصعوبة التي يمكن أن يشهدها ملف إس400 ولعل هناك حاجة للانتظار كيف سيكون حال أول تواصل بين بايدن وأردوغان والذي لم يصمت في الحادث الأخير بل وجه رسالة لواشنطن قال فيها"لا يمكن لكم أن تكونوا مع الإرهابيين. إذا ما أردتم أن تكونوا طرفا، فقفوا إلى جانبنا".