ماذا لو رفع حظر التسليح عن طهران؟

2020.05.19 | 23:59 دمشق

602x338_cmsv2_9847aa61-5156-59f9-be1c-1a968b7c1fbc-3650156.jpg
+A
حجم الخط
-A

في الأيام الماضية، عبر المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم إزاء إنهاء حظر التسليح المفروض على طهران، حيث صرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن بلاده لن تسمح لإيران بشراء أنظمة أسلحة تقليدية عند رفع الحظر عنها، معتبراً أن إنهاء حظر التسليح المفروض على طهران تهديد للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

لكن حقيقة، في حال رفع هذا الحظر عن طهران، هل سيساهم ذلك في زيادة قدرتها على شراء الأسلحة والمعدات العسكرية بشكل أوسع؟ وإلى أي حد سيساهم قرار حظر التسليح المفروض على طهران في منعها من شراء بعض التجهيزات والأسلحة العسكرية المستخدمة في القوات البرية والجوية والبحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني؟

أثر محدود لحظر التسليح:

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وعدم قدرة إيران على شراء الأسلحة التقليدية من روسيا في التسعينيات وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، فشلت عملية إعادة إعمار القدرات القتالية للقوات الجوية الإيرانية.

حتى إنه قبل فرض حظر التسليح على طهران بناء على قرار مجلس الأمن رقم ١٧٤٧ في مارس / آذار ٢٠٠٧، تركزت كل المساعي الإيرانية على شراء الأسلحة العسكرية التقليدية مثل مقاتلات ميغ ٢٩ الروسية، لكن بسبب الضغوطات الأمريكية في ذلك الوقت انتهت كل تلك المساعي بالفشل، الأمر الذي دفع النظام الإيراني لزيادة الاستثمار في تطوير وتصنيع الصواريخ البالستية في القوات الجيوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وذلك لملء الفراغ والنقص الكبير في المقاتلات والقاذفات الحربية المتطورة في القوات الجوية التابعة للجيش الإيراني في حال نشوب حرب أخرى.

في الوقت الحالي تمتلك القوات الجوية في الجيش الإيراني ٣٠٤ طائرات مقاتلة من أنواع مختلفة، من بينها ٨٩ مقاتلة تتمتع بالاستعداد القتالي التام، ومعظم تلك المقاتلات أصبحت متهالكة وتخطى عمر كل منها الثلاثين عاماً، في حين، على سبيل المثال، تمتلك القوات الجوية السعودية المنافس الأول لإيران في المنطقة ٢١٤ مقاتلة ذات استعداد وجاهزة قتالية تامة، بالإضافة لـ ١٤٩ مقاتلة حربية أخرى من نوع (إف ١٥ إي)، ونوع (تورنادو آي دي إس)، تمكن السعودية من تنفيذ أي ضربة جوية ضد أهداف في إيران أو في المنطقة بكل أريحية.

ميزانية الحرس الثوري الإيراني في مواجهة حظر التسلح:

في الأعوام الماضية تضاعفت ميزانية كل من الحرس الثوري الإيراني والجيش الإيراني، حيث وصلت ميزانية الحرس الثوري الإيراني في عام ٢٠٢٠ إلى ١٨ ألفا و٣١٥ مليار تومان، وميزانية الجيش الإيراني إلى ١١ ألفا و ٩٧٨ مليار تومان.

لقد أتاحت الميزانية الضخمة للحرس الثوري شراء المعدات والأسلحة العسكرية على الرغم من حظر الأسلحة المفروض على طهران.

من شراء القطع والأجزاء والمحركات اللازمة لصناعة صواريخ كروز والطائرات المسيرة القتالية والانتحارية والاستطلاعية، إلى أنظمة المراقبة والرؤية الليلية لتجهيز مقاتلات وطائرات الهليكوبتر، وكذلك لشراء الأجزاء اللازمة لترقية دبابات T-72  التابعة للقوات البرية في الحرس الثوري الإيراني من روسيا.

بطبيعة الحال، إذا ما أردنا مقارنة المشتريات العسكرية لدول الخليج مع المشتريات العسكرية للحرس الثوري في السنوات الأخيرة، فإن الأخيرة لم تكن عاملاً في خلق سباق تسلح في المنطقة، لكن النقطة المهمة هنا والتي يجب التركيز عليها هي تحويل الميزانيات العسكرية الإيرانية التي كانت مخصصة لإعادة إعمار القوات الجوية الإيرانية المهترئة، إلى تطوير وبناء الصواريخ البالستية دقيقة الإصابة متوسطة وبعيدة المدى.

أين يكمن الخطر الحقيقي في حال رفع حظر التسليح عن طهران؟

رغم كل عبارات "الاكتفاء الذاتي" و"التكنولوجيا المحلية" و"عدم تأثير العقوبات الدولية"، التي يعشقها قادة الحرس الثوري ومسؤولو وزارة الدفاع الإيرانية، لكن الشواهد تشير إلى أن العقوبات الدولية المطبقة من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، قد أوجدت عقبات ملموسة بالنسبة لإيران في هذا الصدد.

فإيران اليوم لا تستطيع الحصول على المحركات الخفيفة الضرورية لإنتاج الطائرات المسيَّرة الكبيرة، وخاصة بعيدة المدى منها، والعديد من الشركات الإيرانية مثل الشركة الإيرانية لصناعة الطائرات "هسا" وصناعات القدس الجوية مشمولة ضمن العقوبات الدولية.

واقع الأمر هو أن حظر التسليح المفروض على طهران أثر بشكل كبير على قدرة القوات المسلحة الإيرانية في شراء الأغراض الدفاعية من العديد من الدول، وأدى إلى إلغاء العديد من برامج شراء الأغراض الدفاعية، لكنه لم يؤثر بشكل ملموس على البرنامج الصاروخي الإيراني ( وبرنامج الطائرات المسيرة كجزء منه)، الذي تدعي طهران أنه برنامج دفاعي رادع!.

من المحتمل في حال رفع حظر التسليح عن طهران أن يسعى النظام الإيراني لشراء منظومات الدفاع الجوية إس ٤٠٠ أو بانسير الروسية، وذلك لتعزيز نظام الدفاع الجوي الإيراني الذي يعاني من ضعف في القيادة والتنسيق، والتقنيات، لكن الشيء المؤكد هو أن رفع خطر التسليح هذا سيزيد من قدرة النظام الإيراني على شراء المعدات العسكرية بسعر أقل بكثير من الآن، مما سيساهم في تعزيز وتطوير هذين البرنامجين (البرنامج الصاروخي وبرنامج الطائرات المسيرة) المهددين للسلم والأمن الدولي، وإرسال تلك التقنيات إلى الميليشيات التي يدعمها في كل من سوريا ولبنان واليمن والعراق.