ماذا تعني عودة النظام إلى الإنتربول؟

2021.10.07 | 05:53 دمشق

6a7022ab4e1a2b06d1c4538735cae304c13faf9a.jpg
+A
حجم الخط
-A

يشيع النظام جوا من التفاؤل وهو يوظف كل ما يقع تحت يده من أخبار ليضخمها ويعيد إذاعتها على أنها نصر مبين يمهد الطريق لاستعادة موقعه كعضو طبيعي في المجتمع الدولي، وما زال يكرر بعد سنوات الحرب العشر بأنه واجه مجموعة من العصابات الخارجة عن القانون وانتصر عليها، ليشعر المتابع بوجاهة الحكاية، ولدى النظام ما يكفي من الوقاحة ليعيد إذاعتها معطوفة على إشاعة التفاؤل والطمأنينة بين أنصاره، على كل وسيلة إعلامية يسيطر عليها، فيركز على خبر مكالمة تلفونية أجراها رئيس النظام مع زعيم دولة ما، أو مؤتمر قمة مصغرة حدث في دولة مجاورة، تم التطرق فيها للوضع السوري دون أن يتسرب عنها كثير، لكن النظام المولع بتجميع "القش"، يعيد صقل الخبر ويقدمه كوجبة تفاؤلية بإعادة صياغته أو حتى تزويره ليخدم غرضه الإعلامي.. في الوقت ذاته الذي يستفيض فيه إعلام النظام بنشر جو مريح نرى مشاهد أسواقه الخالية، وتشغلُ أخبار خزائنه الفارغة حديثَ الشارع، وسعر صرف الليرة يسابق الريح صعودا نحو الأسفل، ويتعامى النظام عن كل ذلك بترقيعات مضحكة يطلقها أبواقه عبر وسائل الإعلام، أما آخر ما بشر به النظام جمهوره هو عودته إلى منظمة الشرطة الدولية كعضو كامل لديه كل صلاحيات العضو وهو يقدم الخبر على أنه حلقة جديدة من حلقات تطبيع المجتمع الدولي الكامل معه.

يصف الموقع الرسمي للإنتربول نفسه بأنه "منظمة دولية حكومية تضم مئة وأربعة وتسعين بلدا، مهمتنا أن نساعد أجهزة الشرطة في جميع هذه الدول على العمل معاً لجعل العالم مكاناً أكثر أماناً

يصف الموقع الرسمي للإنتربول نفسه بأنه "منظمة دولية حكومية تضم مئة وأربعة وتسعين بلدا، مهمتنا أن نساعد أجهزة الشرطة في جميع هذه الدول على العمل معاً لجعل العالم مكاناً أكثر أماناً، ولهذا نمكّن البلدان من تبادل البيانات المتعلقة بالجرائم والمجرمين والوصول إليها ونقدم الدعم الفني والميداني بمختلف أشكاله"، وهناك مكتب للشرطة الدولية في كل بلد منضوٍ بعضوية الإنتربول، مهمة هذا المكتب التنسيق والاتصال مع الأمانة العامة، ويتولى ضباط الشرطة المحليون هذه المهمة، وليس هناك أي شكل سياسي لهذه المنظمة، فهي ترفع شعار مكافحة الجريمة، والمساعدة في حل رموزها بمطاردة الهاربين من العدالة أو المدانين، ويحاول الإنتربول بما لديه من خبرات وذراع، تطول وتقصر، على تحقيق هذا الغرض، وتشدد الأنظمة الداخلية للشرطة الدولية بأنها لا تلاحق المطلوبين سياسيا، ومهمتها الحقيقية هي القبض على المشتبه بهم الجنائيين أو الإرهابيين الدوليين، والنقطة المهمة بالنسبة للنظام في سوريا هي أن الدولة العضو تستطيع عن طريق الشرطة الدولية إصدار ما يسمى بالنشرة الحمراء، وهي طلب بالقبض على مشتبه به أو مجرم، فيقوم الإنتربول بضمه إلى قائمته الحمراء ويجند كل مكاتبه في الدول للقبض على هذا الشخص، والنظام السوري يمكن أن يستفيد من هذه الميزة فيطلب القبض على كل من يمكن أن يجد فيه خطرا عليه، ليتم إدراجه في القائمة الحمراء.

النقطة المهمة بالنسبة للنظام في سوريا هي أن الدولة العضو تستطيع عن طريق الشرطة الدولية إصدار ما يسمى بالنشرة الحمراء، وهي طلب بالقبض على مشتبه به أو مجرم، فيقوم الإنتربول بضمه إلى قائمته الحمراء

عودة النظام على هذه المنظمة لا تفيده سياسيا ولا تعني أن مكانته الدولية قد تغيرت، ولن تضيف إلى رصيده أية نقطة تجعل من موقفه أكثر قوة، ويمكن رصد ردود الفعل الدولية والأصوات العالية التي احتجت على هذه العودة وخاصة من هيئات حقوقية وكيانات تهتم بحقوق الإنسان والمعتقلين أو من محامين دوليين، والنظام مشهور بجرائمه وله سمعة واسعة في أساليب التعامل مع السجناء وخصوصا السياسيين.. يعرف المجتمع الدولي بأن النظام يمكن أن يستخدم ميزة النشرة الحمراء بشكل قذر ويحاول تسخير هذه المنظمة الدولية لصالحه، خاصة وأن هناك ما يزيد عن ستة ملايين سوري خارج القطر، لكن لا يستطيع النظام إصدار نشرة حمراء بحق شخص إلا باتهامه جنائيا، وهي مهمة سهلة يمكن أن يقوم بها النظام بكل راحة ضمير من خلال التلفيق، إلا أنه في النهاية يمكن الاعتماد على البلد المستقبل ليتأكد من هذه الجريمة فالنشرة الحمراء لا تعتبر مذكرة توقيف.

النظام العاجز ورغم كل ما يحكى عن محاولات إنعاشه، يستمر بالتهاوي وإن ببطء أكبر، فكل يوم تزداد مشكلاته، ويغرق أكثر في وحوله، ولا يمكن لخطوة مثل رجوعه إلى منظمة الشرطة الدولية أن تضيف شيئا مفيدا في واقعه التعيس.