لماذا تزداد الانفجارات الغامضة في إيران؟

2020.07.05 | 00:00 دمشق

20206261641418306s.jpg
+A
حجم الخط
-A

بالتزامن مع الذكرى السنوية العاشرة لأول هجوم إلكتروني على البرنامج النووي الإيراني (فيروس استاكس نت)، حدثت انفجارات متتالية في بعض المواقع النووية والصاروخية الإيرانية، مع حدوث تعطيل في نشاط بعض مؤسسات البنية التحتية الإيرانية.
وقد أدى تتابع حدوث هذه الانفجارات والعمليات المشبوهة إلى صدور العديد من التكهنات حول أسباب هذه الأحداث، ومن هي الجهات المحتملة التي تقف وراءها.
فيما مضى، أقرت إيران بأن عملية الحقن المتعمد لفيروس استاكس نت في المنشآت النووية في نطنز في عام 2010، أخرت من عملية تقدم البرنامج النووي لفترة طويلة، في حين نفت كل من إسرائيل وأميركا وهولندا والشركة الألمانية سيمنز (الشركة المصنعة للفيروس بالتعاون مع مخابرات هذه الدول)، أن يكون لها أي علاقة بما حدث من عمليات تخريبية داخل منشأة نطنز النووية في عام 2010.
رغم ذلك، أظهرت عملية حقن فيروس استاكس نت في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بمنشأة نطنز، وانتشاره بشكل واسع داخل نظام البرنامج النووي الإيراني، أن هذا الهجوم الواسع لم يكن من عمل أي هكر عادي، بل تم بقرار وتخطيط من حكومات دول تمتلك إمكانيات كبيرة للقيام بمثل هذا الهجوم الناجح.
بعد مرور عشر سنوات على الهجوم الناجح لفيروس استاكس نت، واجهت إيران مجموعة متنوعة من الحوادث الغامضة التي سنتطرق لذكرها تباعاً:
أولاً: في 19 من مايو/أيار 2020، قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، نقلاً عن مسؤول أميركي أن إسرائيل نفذت هجوماً سايبرياً على منشآت ميناء شهيد رجائي جنوب إيران، أدى لانهيار أنظمة الحاسوب التي تُنظم حركة السفن والشاحنات ونقل البضائع، وذلك رداً على هجوم إلكتروني إيراني على بنى تحتية مائية إسرائيلية، لكن مسؤولي الميناء الإيراني ادعوا أنه لم يحدث أي خلل في سير النشاطات الجارية في الميناء.
ثانياً: في مساء يوم الخميس 25 من يونيو/حزيران 2020، أدى اندلاع حرائق بمحطة الكهرباء الرئيسية في مدينة شيراز الإيرانية إلى انقطاع الكهرباء عن مناطق واسعة من المدينة، في حين علق العديد من الإيرانيين داخل المصاعد، وأثار صوت سيارات الإسعاف حالة من الهلع بين الإيرانيين.
ثالثاً: في 26 من يونيو /حزيران 2020، أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية عن وقوع انفجار في مخازن للغاز في قاعدة شرق طهران، في حين أشارت العديد من وسائل الإعلام، أن الانفجار حدث في موقع تجميع الصواريخ في منطقة خجير بالقرب من المنشآت العسكرية في بارشين، حيث تعتقد أيضاً أجهزة الأمن الغربية أن طهران أجرت تجارب تتعلق بتفجيرات قنابل نووية منذ أكثر من عقد من الزمان.
وأخيراً: في صباح يوم الخميس 2 من يوليو/حزيران 2020، أعلن المتحدث باسم منظمة الطاقة النووية الإيرانية عن وقوع حادث في المنطقة المفتوحة من موقع نطنز النووي في محافظة أصفهان، وبعد مرور يوم ونيف على هذه الحادثة، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أنه تم تحديد سبب الحادثة في منشأة نطنز النووية، لكنه لا يمكن الإعلان عنها فعلياً "لأسباب أمنية".
بغض النظر عن التصريحات الإعلامية الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين النافية لوجود أي أيادي خارجية، أو حتى وقوع أي خسائر بشرية أو مادية في هذه الحوادث المتتابعة والمثيرة للاستغراب والدهشة، لا يمكن التيقن من حقيقة ما جرى في واقع الأمر إلا بعد مرور فترة طويلة من الزمن على وقوعها، وذلك كون تلك الحوادث تمت على الأغلب بجهود وتعاون عدد من الأجهزة الاستخبارية لعدد من الحكومات، وهذا ما شاهدناه في حادثة حقن فيروس استاكس نت في منشآت نظنز النووية.
إن تكرار وقوع مثل هذه الأحداث في الذكرى السنوية العاشرة لأول هجوم إلكتروني على البرنامج النووي الإيراني، يطرح احتمالات قوية بوجود مساعٍ مشتركةٍ من حكومات ووكالات استخبارات كبرى من أجل تنفيذ هذه العمليات التخريبية ضد المرافق والمنشآت الإيرانية.
من ناحية أخرى، تعيد هذه الأحداث المريبة والمثيرة للشكوك للواجهة حادثة مقتل حسن طهراني مقدم، أبو الصواريخ الإيرانية، مع 16 شخصاً من عناصر وضباط الحرس الثوري الإيراني في انفجار كبير وقع في قاعدة بيدغنه البعيدة حوالي 50 كيلومتراً عن طهران في 12 من نوفمبر/تشرين الثاني 2011.
فعلى الرغم من أن إيران اتهمت إسرائيل بقتل عدد من علمائها النوويين سابقاً، لكنها لم تعلن رسمياً عن وجود أي عوامل خارجية في تلك الحوادث السابقة، ومن ضمنها حادثة مقتل حسن طهراني مقدم، في حين تركزت سياسة إسرائيل حول هذه الأحداث المشبوهة على "عدم التأكيد وعدم النفي".
وعلى ما يبدو أن الرد على تنفيذ مثل هذه الهجمات التي تقف وراءها أجهزة استخبارات حكومية، لا يكون بالتصريحات الرسمية، إنما بتنفيذ عمليات مشابهة، كالعملية التي نفذتها جماعة تدعى "سرايا الشهيد حسن طهراني مقدم"، معلنة مسؤوليتها عن مقتل عالم الكيمياء الإسرائيلي إيلي لولاز في 26 من ديسمبر/كانون الأول 2011، أي بعد شهر ونصف على مقتل طهراني مقدم، أو كالعملية التي نفذتها إسرائيل على ميناء شهيد رجائي رداً على هجوم إلكتروني إيراني على بنى تحتية مائية إسرائيلية.
لذلك فإن تكرار وازدياد معدل الانفجارات المشبوهة في إيران دليل على أن استراتيجية توجيه ضربات سريعة على الأهداف المحتملة أو إجراء اختبارات أولية في البلد المستهدف للتحقق من كفاءة الفيروس في الحرب السايبرية القائمة، ستكون مطروحة وبقوة في المعارك القادمة، حتى لو لم تحدث هذه المعارك في المستقبل القريب.