لا خلاص من علّة نجسة إلا بالاقتلاع

2020.04.06 | 00:17 دمشق

qtly-aljysh.v1-1200x900.jpg
+A
حجم الخط
-A

هناك خلط عفوي أو مقصود بين طائفة الحكم وحكم الطائفة، وهذا أمر متشعب ومعقد، ولا أريد الدخول به، ولأسباب كثيرة على رأسها أنه مهما كان البحث معمقاً ودقيقاً يبقى قاصراً، ولا أرى له قيمة في خلاص سوريا. يؤكد ذلك تلك الصرخة التي تضمنها فيديو ينتشر بشكل واسع في وسائط التواصل الاجتماعي، يقول صاحب الصرخة:

((محكيكن من اللاذقية من عند مشفى العثمان. طلعت جيت حكيكن شوي قد ماني مقهور، لأحكيكن كلمتين لحتى نعرف وين صرنا ووين وضعنا اليوم. بسورية ماضللنا شي بفضل هالقيادة النجسة الحكيمة اللي مشيانه فينا ع المجهول وع الفناء.

(هاي مدرسة إبراهيم محفوض: أي انه يتكلم من أمام المدرسة المذكورة في اللاذقية من أجل المصداقية ).

محكيكن ع الوضع اللي صار بالبلد، ع حالتنا اللي صارت: بالله القرباط مانن عايشينا، شبابنا ماضل منن حدا.

الروسي إجا كوّش ع البلد واقتصاد البلد وع موانئ البلد، وع كل مدخرات البلد واقتصاد البلد.

الايراني، إجا الايراني، ماشغلته الايراني إلاّ بس...... نسوانا بجهاد المتعة وجهاد الأبعرف شو.

وحماية الحسينيات لأهداف ما أنزل الله بها من سلطان.

ولَكْ صحوا صحوا، اليوم قدامنا فرصة، فرصة: أبقى معنا كتير وقت ها، ترى ماكل واحد يحط راسه ع المخدة ويقول:

آ... يالله.... بعدين.

قانون شيزر قيصر والله أبعرف شو اسمه: ولَكْ هادا أميركا مارح بتطلعوا هيك، وأميركا ما تبنيته حتى يمرق هيك: طافوش يعني.

تمام عيني انتو: فيتنا نلحق حالنا، عنا شباب:

اللي عم ينقتلوا ع الجبهات هني هدوني: الأرقام الموجودة والله العظيم كلها كذب..

 

 

وين المختطفين، وين الجثث: جثث الضحايا.

والله من قلبنا ما منعرف شو بدنا نحكي، وهاي أنتو وهاي اللي ضل من البلد.

إذا فيتكن نعمل شي: يعني والله نحن جاهزين، في شباب من الطائفة ماعم تحسن توصل رسالتا، وفيه من اخوتنا السّنه اللي عشنا نحنا واياهن بها البلد ع الحلوة والمرة. كمان فيه منن بيتقبلونا: ما تعينوا انه السّني كلهن دواعش وكلياتن إخونجي، بتكونوا غلطانين ترى ها، عيني هنتو: اختارو انتو طريقكن بها البلد.

بالله أبدو يحمينا لا بشار الأسد ولا سهيل الحسن ولا حتى شي بالدنيا.

إذا نحنا قمنا يمكن نحمي نسوانّا اللي....... كرمال ليرة وليرتين ومية ليرة ووظيفة ودفاع الوطني ومدري شو !

تمام. نحنا جاهزين يا عمي: يعني حطو إِدكن بإِيد إخوتكن السّنية وقوموا حتى نقوم: بلكي منعمل شي. بلكي عسى ولعل منحافظ ع ها البقي من الوطن.

الله يعطيكن العافي

وبناء على ذلك فقد ارتأت الأجهزة الأمنية أن تُطلق هذا الفيديو الذي يحتوي الدعوة للعصيان، وغايتها من ذلك هي معرفة مستوى الاستعداد لدى العلويين لترجمة غليانهم النفسي إلى فعل حقيقي

في رسالة من صديق من المنطقة ذاتها فسّر ما جاء في الحديث أعلاه كما يلي: أتمعن بحقيقة الفيديو المتضمن صرخة علوي ودعوته الطائفة للصحوة، فقد توصلت الى أحد الاحتمالين التاليين:

أولاً: إن أجهزة مخابرات النظام تعلم جيداً حقيقة الغليان الذي يسود بين أبناء الطائفة، ولأسباب لا تُحصى، وأن هذا الغليان الذي كان سابقاً يتم التعبير عنه داخل زوايا البيوت المغلقة قد بدأ اليوم يخرج إلى العلن، حتى من بعض عائلة الأسد ذاتها/أبناء رفعت/. وهذا يعني إحساس النظام بأن الأمر الخطير، الذي كان يخشى أن يحدث في حديقته الخلفية، قد بدأ فعلاً. وبناء على ذلك فقد ارتأت الأجهزة الأمنية أن تُطلق هذا الفيديو الذي يحتوي الدعوة للعصيان، وغايتها من ذلك هي معرفة مستوى الاستعداد لدى العلويين لترجمة غليانهم النفسي إلى فعل حقيقي، وبالتالي يمكنها القضاء على هذا الحراك في مهده من خلال اعتقال زعاماته، الذين سيتحركون في البداية.

ثانياً: أن يكون هذا الفيديو حقيقياً، وأطلقه شاب غاضب، ويعبر عن الوجدان العام المتأزم حالياً لدى العلويين نتيجة فقدانهم عشرات الآلاف من فلذات أكبادهم بلا جدوى على مذبح النظام... إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي الذي جعل العلويين يتضورون جوعاً. ورغم أنه قد يكون هذا الاحتمال صحيحاً، ورغم المعاناة العميقة للطائفة وجيشاناتها المؤلمة، إلا أنني أتجرأ على القول من خلال معرفتي الوثيقة بماهية تفكير الطائفة، تدفعني إلى الدعوة بعدم توقع التفاؤل الكبير باستيقاظ أو صحوة للطائفة (الكريمة). إن قتل سليمان الأسد لضابط تجاوزه بسيارته في الطريق، وقتل أحد "أبطال" آل الأسد بدم بارد في "مقصف ديفة" لأخوين عائدين للتو من دفن أخيهما الذي قضى في أحد معارك الأسد على شعبه، لمجرد أنهما لم يسلما على ابن الأسد بخشوع وطاعة.... كل ذلك لا يبشر بأي صحوة، ويمكن القول، بأحسن الأحوال، إن هؤلاء لا يصح معهم المبدأ الفيزيائي المعروف: كلما زاد الضغط، تزداد احتمالية الانفجار، بل يصح معهم حكاية "جحا" الذي تم إعلامه بأن الأعداء قد وصلوا إلى قريته، فقال لهم: الحمد لله لم يصلوا إلى حارتي، وعندما قالوا له: لقد وصل الأعداء إلى حارتك، قال: الحمد لله إنهم لم يصلوا إلى بيتي، وعندما أعلموه بأنهم في بيته، قال: لكنهم لم يصلوا إلى مؤخرتي. ولكن في الحقيقة أن الخطر كان قد وصل إلى أكثر من مؤخرته، وهو يحمد الله.

دون احتمالات أو سيناريوهات، تجربة السنوات التسع الماضية وما قبلها تؤكد أن النظام لا يكترث ولا يعبأ، والتسجيل ليس إلا طفرة غضب. هذا النظام دمّر وشرّد وقتل واعتقل واغتصب، ولم يكن هناك ردة فعل لسنين. وقعت جريمة الكيماوي، ولم يكترث أو يتأثر، (والبعض منهم مقتنع جداً أن الارهابيين فعلوها). وصل الوضع الاقتصادي إلى قعر الكارثة، وبقيت المزايدة والتنمُّر. تكثر الروايات عن تصفية المعتقلين بالأفران والأسيد، ولا تراه يكترث. وها هي ضجة المعتقلين مع كورونا تهدد كل شيء، ولا يرف له جفن. هل يمكن لهذه الجائحة الخارجة عن وعلى كل إرادة أن تكون الجسر الذي يعيد هذا النسيج الاجتماعي الذي تهتك بسبب إجرام وغباء وجشع وفساد مجموعة لا تزيد على المئات؟! أشك بذلك، لا خلاص من علّة نجسة إلا بالاقتلاع.