كيف فاز بايدن بالبيت الأبيض؟

2020.11.10 | 23:00 دمشق

3.1.jpg
+A
حجم الخط
-A

كان لفوز ترامب عام 2016 وقع الصاعقة على الأميركيين الليبراليين أو المقيمين في ولايات شرق الولايات المتحدة وغربها، وربما لقناعة هؤلاء أنه من المستحيل أن ينتصر ولذلك لم تشارك قواعد الحزب الديمقراطي في الانتخابات بكثافة فقد نجح ترامب فعلاً وبأصوات أقل مما حصل عليه المرشح الجمهوري الخاسر ميت رومني.

ترامب حصل على 62 مليون صوت في انتخابات 2016 فقاعدة كلينتون الانتخابية حينها لم تذهب للتصويت بكثافة كما هي حال قاعدة ترامب التي نجحت في حشد الأصوات الكافية لإيصاله إلى البيت الأبيض.

الحل الوحيد كان لهزيمة ترامب هو زيادة القاعدة الانتخابية لبايدن بحيث تصوت له بشكل لم يسبق له مثيل بما يفوق عدد الأشخاص الذين سيصوتون لترامب، وقد نجحت هذه الاستراتيجية بشكل كبير، فقد حافظ ترامب على قاعدته بل وزاد عدد المصوتين له من 62 مليون إلى 70 مليون تقريبا لكن ازداد عدد الذي صوتوا لبايدن إلى 75 مليونا على مستوى التصويت الشعبي.

أما على مستوى الولايات وعدد أصوات المجمع الانتخابي وهي الأهم بالنسبة لحسم الفوز في الانتخابات الأميركية حيث يبلغ عدد الأصوات في المجمع الانتخابي 538 صوتا ويجب أن يحصل الفائز على 270 صوتا كي يتمكن من الفوز بالانتخابات، فإن استراتيجية بايدن كانت تقوم على استرجاع ولايات الجدار الأزرق كما يطلق عليها وهي ولايات بنسلفانيا وميتشغان ووسكنسن وهي الولايات التي خسرتها هيلاري كلينتون لصالح ترامب في عام 2016 ومكنت ترامب

ازدياد الأقليات وتصويتها بشكل حاسم لصالح الديمقراطيين لعب فارقا جوهريا بالنسبة للأميركيين من أصول أفريقية في ولاية جورجيا

من الفوز بالبيت الأبيض، انتصر بايدن في هذه الولايات بفارق بسيط للغاية، لكن بايدن بنفس الوقت تمكن من الفوز في ولايات تعتبر جمهورية بالأساس مثل ولايات جورجيا وأريزونا وهو ما مكنه من الفوز بما يعادل 306 أصوات في المجمع الانتخابي بنفس عدد الأصوات التي فاز فيها ترامب في انتخابات عام 2016.

كيف يمكن أن نفسر أو نفهم فوز بايدن إذاً؟ بالرغم من أن نسبة 57% من البيض هي من صوتت لترامب مجدداً في عام 2020 بكل تأكيد لعب التغيير الديمغرافي الحاصل في الولايات المتحدة دورا رئيسيا في تغيير نسب الناخبين فالنسبة ذاتها التي فاز بها نيكسون وريغان عن الحزب الجمهوري لم تعد اليوم صالحة بالوصول بترامب إلى البيت الأبيض، فازدياد الأقليات وتصويتها بشكل حاسم لصالح الديمقراطيين لعب فارقا جوهريا بالنسبة للأميركيين من أصول أفريقية في ولاية جورجيا وبالنسبة للأميركيين من أصول لاتينية مع بقاء الصوت الأبيض من الرجال مخلصا لترامب بشكل كبير خاصة بالنسبة لغير المتعلمين والأرياف.

لكن المرأة الريفية هنا صوتت لصالح بايدن بشكل كبير مما ساعده في الحصول على كثير من الأصوات في الريف كانت كافية لقلب كثير من النتائج، وهكذا حافظ وجدد الحزب الديمقراطي ائتلافه العريض الذي مكنه من الوصول إلى البيت الأبيض بعد أربع سنوات قاسية من حكم ترامب.

لقد تمكن ترامب من تعيين ثلاثة قضاة في المحكمة الدستورية العليا خلال أربع سنوات وهذا يعتبر نجاحا كبيرا ساعده فيه الغالبية في مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري التي قلبت المحكمة كي تكون أغلبية من المحافظين على حساب الليبراليين من 6 إلى 3.

حافظ ترامب على كثافة التصويت بين ما يسمى الايفانجليكان الذين صوتوا لترامب بنسبة 82% وهي أعلى من النسبة التي صوتوا فيها لجورج بوش الابن نفسه الذي اشتهر بوصفه وصل إلى البيت الأبيض بسبب أصواتهم (يطلق عليهم المولودون من جديد) في الحقيقة، ترامب انحاز كثيرا إلى اليمين من أجل ضمان أصواتهم ودفعهم للتصويت بكثافة أكبر.

أما بالنسبة للعوامل الحاسمة في التصويت فكان بكل تأكيد فشل إدارة ترامب مع تداعيات جائحة كورونا، فبعد أزمة كورونا التي ضربت الولايات المتحدة بقوة حيث فاق عدد الضحايا 235 ألف ضحية خلال فترة أقل من عشرة أشهر وهي أعلى عدد وفيات بالعالم، وللأسف لا تظهر كل المؤشرات الوبائية انخفاضا في عدد الحالات بل على العكس شهدنا زيادة كبيرة في عدد الحالات خاصة في فلوريدا وتكساس، فإذا قرأنا الآن الوباء سياسيا وحزبيا فمع بداية الوباء كان يسيطر على ولايات ديمقراطية خاصة نيويورك وكاليفورنيا اللتين أظهرتا صعودا لحاكمي الولايتين على الصعيد الوطني بقدرتهما على قراءة المؤشرات بشكل جيد واتخاذ القرارات المناسبة، أما اليوم فارتفاع الحالات كان في الولايات الحمراء التي يسيطر عليها الجمهوريون مثل تكساس وفلوريدا التي أظهر فيها حاكم فلوريدا استخفافا بالفيروس منذ البداية وقام بتصريحات شبيهة بتصريحات ترامب وضعه في دائرة الضوء وأثار السؤال مجدداً لماذا انتهت قيادة الحزب الجمهوري إلى قيادة شعبوية غير قادرة على التصالح؟ خاصة فيما يتعلق بارتداء الكمامات وتحولت الكمامة إلى رمز سياسي لقمع الحكومة لمواطنيها.

بالنهاية تمكن تحالف الديمقراطيين من هزيمة ترامب في انتخابات يمكن اعتبارها أنها الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة.