كيف سيكون مسلسل أبو عبدو قبنض؟

2021.12.17 | 05:53 دمشق

5e0f3428-6943-45b3-a44f-00ff2c347255.jpg
+A
حجم الخط
-A

في كل مقابلة يكرر المنتج ورجل الأعمال المقرب من النظام محمد قبنض أنه سينتج مسلسلاً يحكي سيرة ومراحل حياته بصدق، دون زيادة أو نقصان، وقد يمثل هو ذاته في المراحل الأخيرة، كمثال لرجل الأعمال الناجح!

ولكن المتتبع لهذه السيرة الذاتية التي رواها أبو عبدو على لسانه أثناء مقابلة تلفزيونية مع مذيعة لبنانية مؤيدة لنظام الأسد يعتقد أنه أمام فيلم هندي، من كثرة المصادفات الدرامية الغرائبية، التي باتت اليوم ممجوجة حتى في أردأ أنواع الروايات، والأعمال القصصية الأدبية.

فمن قصة سفره إلى بريطانيا، فهو قد ذهب برفقة صديق حلبي، أراد أن يقضي الإجازة في لندن، دون أن يكون لقبنض أي هدف من زيارة عاصمة الضباب، وقد استدانت والدة أبو عبدو الأموال المطلوبة للفيزا والرحلة من ابن اختها، ولكن المسكوت عنه هنا، أو الانقطاع في السرد، لم يجب على سؤال هو لماذا أخذ هذا التاجر الحلبي هذا الشاب الفقير معه، ثم إن السفر إلى بريطانيا في تسعينيات القرن الماضي لم يكن أبداً بهذه السهولة، فهو كان وما زال بحاجة إلى إجراءات إدارية كبيرة، فضلاً عن رصيد مالي في البنك، ويعلم كل الناس أنه لا يمكن الحصول على فيزا في يوم واحد كما زعم قبنض في لقائه الممتلئ بالشطحات.

المصادفة الأغرب والتي استطاع قبنض من خلالها جمع ثروته، هي تلك العجوز البريطانية التي وجدته وحيداً بعد أن غادر صديقه مع عشيقته الملهى الليلي، وتركه فيه ، فاضطر للخروج منه بملابسه الصيفية في برد لندن بعد منتصف الليل، فوجدته هذه العجوز في الشارع فأحبته "كابن" لها وأعطته الأموال التي بدأ يتاجر بها، فكان يشتري المطعم ويجري له أعمال التصميم والكسوة ثم يبيعه فيربح الكثير من المال، فهو شاطر وموهوب في الديكور والتصميم، رغم أنه لا يعرف تماماً إن كان قد درس للصف السادس أو السابع، ثم يقول إنه رسب في الصف السابع، وإن كان دائماً هو الأول! ولا يجيد إلا بضع كلمات من اللغة الإنكليزية، ولكنه كان يقتحم المزادات العلنية بكل جرأة ويحقق أرباحاً كبيرة من خلالها، حتى إنه في إحدى المرات قد دخل أحد المزادات فاشترى قصر الملك إدوارد دون أن يعلم ذلك، وهو كان يعتقد أنها أرض صالحة للزراعة!.

لماذا عاد رجل الأعمال هذا إلى سوريا بعد كل هذا النجاح الذي حققه في بريطانيا خلال خمسة عشر عاماً، ولماذا لم يستثمر في مدينته حلب عاصمة المال والأعمال والصناعة السورية؟

من يتابع هذا اللقاء يعتقد أن جمع الأموال سهل جداً عبر المصادفات، فما عليك سوى أن تكون جريئاً، ولا بأس حينها إن كنت بسيطاً وأمِّياً، ولا تتكلم لغة هذا البلد الأجنبي، ولكن النجاح الاقتصادي مضمون، حتى وإن لم تستطع السنوات الخمس عشرة في بريطانيا بين رجال الأعمال أن تعلمه ولو قليلاً من أصول الإتيكيت.

كمٌّ كبير من الشطحات التي يقولها صاحبها بملء فيه، طالما أنه ليس هنالك من يدقق وراءه، ففي الفندق ذي الخمس نجوم كانت الفتيات يتحرشن به قالها حرفياً "تحترش" ويقرصنه!، والبيت الذي استأجره كان بثلاثين جنيهاً إسترلينياً للشهر، بينما الليلة الواحدة في الفندق بمئة جنيه، وهو عمل في مطعم أصحابه لبنانيون لعشرة أيام فقط ثم قرروا من فرط ذكائه أن يجعلوه مديراً لهذا المطعم الشهير. 

ثم لماذا عاد رجل الأعمال هذا إلى سوريا بعد كل هذا النجاح الذي حققه في بريطانيا خلال خمسة عشر عاماً؟ ولماذا لم يستثمر في مدينته حلب عاصمة المال والأعمال والصناعة السورية؟ لماذا جاء ليستثمر في العقارات بريف دمشق؟

ببساطة لأنه معروف الأصل والفصل في حلب، وهو كما العديد من أغنياء الغفلة واجهة لأحد رجال العائلة الحاكمة في سوريا الأسد، الذين يهتمون كثيراً بشراء العقارات، وإلا لما سُمح لقبنض أن يستثمر في المجال الدرامي، رغم أنه يقول إنه لا يربح شيئاً في هذا السياق، وإن المال الذي يقدمه للإنتاج الدرامي إنما هو خدمة لوطنه!

وهذا القطاع الفني يحرص النظام دائماً على أن يكون تحت يديه، فهو ذو أهمية كبيرة جداً، ومن خلاله يمكن تمرير رسائله السياسية، وضبط إيقاع الشارع، وتنفيس احتقانه عبر الدراما ونجومها المؤيدين بغالبيتهم، الذين يتم التحكم بهم عبر الأموال الكبيرة التي تدفعها هذه الشركات.

قبنض مثل محمد حمشو، ومن اجتمع بالأخير يعرف أنه لا يختلف كثيراً عن "أبو عبدو"، ومثل هذا الكلام يمكن تعميمه على العديد من رجال الأعمال الأسديين الذين طفوا على ساحة المال والاقتصاد مؤخراً.

ولا يقوم بمثل هذه المهمة إلا هذه الشخصيات الهزلية الضعيفة، فهم في الواجهة دائماً ولكنهم يُدارون من الخلف بكل سهولة، وهذه الصفة تجمع معظم رجال أعمال المصادفة، خصوصاً "أبو عبدو" الذي هو بالأساس مادة للتندر والتفكه، وهذا ما يدفعنا للتساؤل كيف سيكون مسلسل "أبو عبدو"؟ هل هو كوميدي، ويجب أن يكون كذلك، أم سيرة ذاتية بقالب درامي اجتماعي، أم ديكو دراما.. سؤال لا يغير من الحال شيئاً، طالما أن كل ما جرى ويجري في سوريا الأسد أغرب من الخيال.

كلمات مفتاحية