كيف تستفيد إيران في سوريا من تحالف الأسد مع حفتر؟

2020.06.09 | 00:01 دمشق

1552902719.jpg
+A
حجم الخط
-A

نشرت وكالة رويترز الأسبوع الماضي تقريراً يشير إلى قيام شركة فاغنر الروسية المعنيّة بتجنيد المرتزقة بتسريع وتيرة عملها في سوريا في شهر أيار الماضي، حيث تمّ تسجيل انضمام المئات من العناصر الموالية لنظام الأسد إلى قوائمها استعداداً لنقلهم إلى ليبيا للقتال في صفوف قوات حفتر. ولفت التقرير كذلك إلى أنّ الولايات المتّحدة تؤمن بأنّ روسيا تعمل مع الأسد جنباً إلى جنب من أجل نقل المزيد من الرجال والمعدات إلى ليبيا.

وتشير المعلومات الواردة إلى أنّ هناك حوالي ٣٠٠ عنصر تمّ تجنيدهم من منطقة حمص، وحوالي ٣٢٠ آخرين من منطقة جنوب غرب سوريا. لكن وبحسب بعض مؤسسات الرصد المقرّبة من نظام الأسد، فقد قامت روسيا بتجنيد حوالي ٩٠٠ سوري للقتال في ليبيا في شهر أيار الماضي فقط ويتم تدريب هؤلاء وتحضيرهم في قاعدة في حمص قبل إعادة فرزهم وإرسالهم.

وبموازاة هذا التقرير، تشير معلومات أخرى إلى أنّ عدداً من الذين تمّ إرسالهم بالفعل إلى ليبيا كانوا من الفرقة الرابعة، وأنّ بعض الذين تمّ تجنيدهم كذلك كانوا من الكتائب الفلسطينية-السورية الموالية لنظام الأسد.  وتؤكّد بعض الأرقام أنّ هناك حوالي ٢٠٠٠ سوري من أنصار النظام كانوا يقاتلون لصالح حفتر في نيسان الماضي. وتبلغ المكافآت التي يتقاضاها هؤلاء عن مهامهم ما بين ألف وألفي دولار شهرياً.

أيّاً يكن الأمر، فالأكيد أنّ إرسال موالين لنظام الأسد للقتال في ليبيا أمر في غاية الحساسية بالنسبة إلى النظام نظراً لافتقاده إلى العنصر البشري اللازم لإطلاق عمليات عسكرية طويلة الأمد فضلاً عن السيطرة على كامل الأراضي السورية. إرسال موالين للأسد إلى ليبيا يعني أنّ إيران ستقوم بتغطية الفراغ الناجم عن الخلل الذي قد يطرأ على العنصر البشري من خلال الزج بمزيد من العناصر الموالية للحرس الثوري الإيراني.

من شأن ذلك أن يعزّز من نفوذ إيران على المستوى الميداني وبين جنود النظام وعلى الأسد نفسه. سلاح الطيران الروسي لن يكون فعّالاً ما لم يكن هناك قوات على الأرض قادرة على بسط سيطرتها على المناطق التي يراد قصفها أو دخولها أو السيطرة عليها، ولذلك فإن تعزيز قدرة إيران على الميدان يعطيها اليد العليا في تحديد متى وكيف يتم التصعيد، كما يمنحها الفيتو على الاتفاقات التي قد يسعى إليها الأسد أو الأطراف الأخرى دون مشاركتها أو موافقتها.

مسألة أخرى لافتة كذلك هي مسألة تمويل المحسوبين على نظام الأسد للقتال في ليبيا. وفقاً لبعض التقارير التي نُشرت قبل عدّة أشهر، فإنّ السعودية هي التي تقوم بدفع تكاليف شرطة فاغنر الروسية لتجنيد السوريين وإرسالهم إلى ليبيا. وهناك من يشير إلى أنّ المسؤولية انتقلت فيما بعد إلى الإمارات حيث باتت الأخيرة تغطي التكاليف المالية اللازمة لهذه العملية. هذا يعني أنّ السعوديين والإماراتيين لا يموّلون الشركة الروسية فقط، وإنما يقومون أيضاً بدعم الموالين لنظام الأسد وتخفيف الأعباء المالية عن إيران بشكل غير مباشر.

وبهذا المعنى، تكون طهران قد استفادت سياسياً وعسكرياً ومادّياً أيضاً من هذه العملية. فضلاً عن ذلك، من شأن العلاقة بين الأسد وحفتر أن تفتح آفاقاً لإيران في شمال أفريقيا وأن تختبر تحسين العلاقة مع الأطراف الخليجيّة المعنية عسى أن يساعد ذلك على دفع هذه الدول للمساعدة على استعادة شرعية الأسد وإعادة مقعد سوريا في جامعة الدول العربية ومساعدة النظام على تجاوز الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها، فكل ما من شأنه أن يساعد النظام سيكون بمثابة مساعدة غير مباشرة لإيران أيضاً.

التجارة غير المشروعة حاضرة دوماً في تبادلات إيران الخارجية، وقد تفتح العلاقة بين الأسد وحفتر باباً آخر أمام طهران في هذا المجال. الأسبوع الماضي، نشرت وول ستريت جورنال تقريراً قالت فيه إنّ الامم المتّحدة ومسؤولين أميركيين يحقّقون في عمليات يعتقد أنّ حفتر باع من خلالها نفطاً ليبياً إلى فنزويلاً من خلال الإمارات كوسيط للحصول على تمويل لعملياته العسكرية وأنّ إيران قد تكون جزءاً أيضاً من العمليات التي تمّت لتأمين النفط لفنزويلا.

ووفقاً لمسؤولين أميركيين وليبيين، فإنّ روسيا وإيران أرسلتا شحنة من الأسلحة من خلال خطوط أجنحة الشام التي تخضع لعقوبات أميركية إلى ميليشيات حفتر بداية أيار الماضي. مثل هذه التعاملات تحمل قيمة تجارية وأمنية وسياسية أيضاً. وبغض النظر إذا ما صحّت هذه الحادثة بحد ذاتها أم لا، فإنّ الدلائل المتزايدة خلال الأشهر القليلة الماضية تشير كلها إلى تنامي الدور الإيراني الداعم لحفتر في ليبيا.