كوشنر في الخليج.. هدايا وداع أم توثيق للعهود؟

2020.12.01 | 23:10 دمشق

2020-11-29t192014z_267339476_rc27dk9jemfw_rtrmadp_3_mideast-usa-kushner.jpg
+A
حجم الخط
-A

عندما يحط صهر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب ومستشاره الخاص، جاريد كوشنر، رحاله في كل من السعودية وقطر، تكون ساعات رحيل "عمه" المتخبط في أوحال الطعون الانتخابية قد شارفت على النهاية، لكن توقيت الزيارة وأهميتها تبدو أكبر مما هي، ويحاول الإعلام الأميركي ذاته تسريب أسرار عنها.

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نقلت عن مسؤولين أميركيين وخليجيين (لم تسمّهم) قولهم: إن كوشنر المكلف بإدارة ملف الشرق الأوسط في إدارة ترامب سيلتقي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في مدينة "نيوم" كما سيلتقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في الدوحة، في محاولة أخيرة، على ما يبدو، لتأمين مزيد من الاتفاقات الدبلوماسية في الشرق الأوسط، في مقدمتها الأزمة الخليجية، قبل مغادرة البيت الأبيض.

لقاءات كوشنر في الخليج سوف تبحث، بطبيعة الحال، عدة قضايا، في مقدمتها الأزمة الخليجية، وتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، إضافة إلى النفوذ الإيراني في المنطقة. لكن التفاؤل الذي حاولت بعض وسائل الإعلام الأميركية والعربية تسريبه من بين ثنايا الزيارة، سرعان ما عاد إلى الانحسار مع تسريبات أخرى نقلتها صحيفة وول ستريت جورنال، عن مسؤولين أميركيين وخليجيين مفادها أن التركيز الرئيسي للمحادثات سيكون على حل الخلاف بشأن تحليق طائرات الخطوط الجوية القطرية في أجواء السعودية والإمارات، ليس إلا.

ما من شك أن دول الحصار أو "القمار"، كما يحلو للبعض تسميتها نسبة للحروف المكونة لعواصم مصر والبحرين والإمارات والسعودية، قد خففت مؤخرا وسرا مطالبها الـ13، في مسعى من السعودية  لإيجاد أرضية مشتركة لحل الأزمة. فبعد إعلان فوز الرئيس الأميركي جو بايدن بالانتخابات الأميركية الأخيرة مباشرة، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" أن "بن سلمان يسعى إلى إنهاء الحصار المفروض على قطر، من أجل كسب ودّ إدارة الرئيس المنتخب بايدن القادمة، وتقديم هدية وداع إلى ترامب".

تشكل زيارة جاريد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته إلى كل من السعودية وقطر في هذا التوقيت فارقا مهما بسبب ما تموج به المنطقة والعالم من تطورات وأحداث.

وبالرغم من محاولة جاريد كوشنر، عراب اتفاقات التطبيع العربية مع "إسرائيل" التركيز على ملف الحصار الخليجي للدوحة بعد مرور نحو 3 سنوات عليه، إلا أن ملفات أخرى لا تقل عنها أهمية قد تتم مناقشتها أيضا، ولا سيما الموقف من إيران بعد اغتيال مهندس البرنامج النووي الإيراني محسن فخري زاده.

الحديث هنا يدور عن محاولة الخروج بمنجز جديد لإدارة ترامب قبل مغادرته للبيت الأبيض، وتحقيق انفراج مهم في الأزمة الخليجية، لكن البعض يرى أن المسألة قد لا تتجاوز في مخرجاتها موضوع السماح لطائرات الخطوط الجوية القطرية بعبور الأجواء الإماراتية والسعودية، ورص الصف الخليجي في مواجهة أي مغامرة إيرانية محتملة للرد على اغتيال فخري زاده.

يحاول كوشنر إذن في زيارته التأكيد على قوة اللوبي الذي يمثله في أجواء المنطقة (الخليج العربي)، بالرغم من مغادرة "حماه" سدة الحكم، وأن سطوة تيار كوشنر مستمرة حتى مع الرئيس الجديد جو بايدن، وأن الأخير لن يتمكن من العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران رغم وعوده الانتخابية، لكن مسعى كوشنر قد يصطدم برغبة بعض الأطراف الانتظار حتى اتضاح الصورة ومعرفة سياسة بايدن الجديدة لاتخاذ مواقف مناسبة لها فيما يخص ملف العلاقات الخليجية والعلاقة مع إيران.

بكل الأحوال، فإن ملامح حلحلة مواقف دول الحصار والتخفيف من الشروط الـ13 التي أعلنتها إبان إعلانه، بدت في الآونة الأخيرة أقل وطأة، ومن غير المستبعد أن يزداد هذا التوجه ويتعمق مع تسلم بايدن للسلطة في البيت الأبيض، لكن السؤال يبقى عن حجم الفائدة التي يمكن لدول الحصار أن تجنيها من منح مثل هذا المنجز (إنهاء الحصار الخليجي) لفريق رئيس أيامه الأخيرة في البيت الأبيض باتت معدودة، ما لم يكن في جعبة كوشنر نفسه من المفاجآت ما لم يتم الإعلان عنه أمام وسائل الإعلام، لا سيما فيما يتعلق بزرع الألغام أمام فريق بايدن السياسي في منطقة الخليج العربي، ومنع حصول أي انفراج سياسي قد يفتتح به الرئيس الجديد المنتخب مسيرته في البيت الأبيض، فالساعات القليلة المتبقية لترامب وفريقه السياسي في سدة الحكم قد تفاجئ الجميع بما قد يعيد خلط الأوراق السياسية في المنطقة، ويؤخر عملية الاستلام والتسليم لمقاليد الحكم في البيت الأبيض على الطريقة الإسرائيلية تحديدا.. وهي الهروب إلى الأمام!