قمة بايدن بوتين وبشار الكيماوي

2021.06.20 | 06:29 دمشق

20210616_2_48794086_66155128.jpg
+A
حجم الخط
-A

في إشارة لا تخلو من دلالة مهمة، كشف الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمره الصحافي، ما دار في اجتماع القمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بخصوص بشار الأسد شخصيا. وقال "سألني بوتين عن سبب اعتقادي بأنه يجب استمرار المشكلات مع الأسد، فقلت له إنه ينتهك القواعد الدولية التي تخص معاهدة الأسلحة الكيماوية، وبالتالي لا يمكن الوثوق به". وتأتي أهمية هذه الإشارة من عدة أسباب. أولها أن موسكو هي التي رعت مسألة تصفية ملف الأسلحة الكيماوية التي بحوزة النظام السوري، وفق الاتفاق الذي تم مع واشنطن بعد مجزرة الغوطة التي استخدم فيها النظام السلاح الكيماوي وراح ضحيتها نحو 1400 قتيل. والسبب الثاني هو أن هذا النظام عاد إلى استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين في عدة أماكن منها دوما في آب 2015 وراح ضحيتها 110 قتلى وخان شيخون في آذار 2017 وسقط فيها نحو 100 قتيل، وعلى أثرها قام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتوجيه ضربة تحذيرية للنظام في مطار الشعيرات.

حدد تقرير المنظمة أنه ما تزال هناك العديد من الأسئلة حول مصداقية النظام السوري، فيما يتعلق بالإعلان عن برنامجه للأسلحة الكيميائية

أما السبب الثالث فهو استمرار المتابعة من طرف المنظمات الدولية المعنية بملف الأسلحة الكيماوية، ومنها منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي علّقت في نيسان الماضي حقوق سوريا، "لاستخدامها المتكرر للغازات السامة". وتشمل تلك الحقوق التصويت والترشح للمجلس التنفيذي وعدم إمكانية تولي أي منصب داخل المنظمة. وقالت المنظمة إن سوريا متهمة بعدم الرد على أسئلة المنظمة بعد نشرها تقريرا في العام الماضي، يفيد بأن نظام دمشق استخدم غاز السارين والكلور عام 2017 ضد بلدة اللطامنة، في وقت كانت تسيطر عليها فصائل معارضة، وذلك في انتهاك لاتفاق حظر الأسلحة الكيميائية. وبعد ذلك لم تلتزم دمشق بمهلة 90 يوما حددتها المنظمة للإفصاح عن الأسلحة المستخدمة في الهجمات والكشف عن المخزون المتبقي لديها. ونشرت المنظمة تقريرا في الآونة الأخيرة يتهم النظام السوري باستخدام غاز الكلور عام 2018 في هجوم على بلدة سراقب على بعد 50 كيلومترا جنوب حلب، والتي كانت في ذلك الحين تحت سيطرة فصائل معارضة. وفي آخر تقييم في الرابع من الشهر الحالي قال فرناندو أرياس رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أمام مجلس الأمن إن نظام الأسد استخدم الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا فيما لا يقل عن 17 مرة خلال الحرب الأهلية السورية. وكشف أن الخبراء حققوا في 77 ادعاء، وخرجوا بنتائج أكدت تلك "الحقيقة المزعجة" التي تأتي على الرغم من انضمام سوريا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عام 2013. وحدد تقرير المنظمة أنه ما تزال هناك العديد من الأسئلة حول مصداقية النظام السوري، فيما يتعلق بالإعلان عن برنامجه للأسلحة الكيميائية، وذلك بعد "العثور على أسلحة كيميائية في عينات تم جمعها في حاويات تخزين كبيرة في أيلول 2020".

الملف الكيماوي وبقية الملفات التي سجلت انتهاكات النظام السوري هي من أقوى الأوراق التي يمتلكها الشعب السوري

نظام الأسد الذي انضم لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية عام 2013 بإيعاز من حليفته روسيا بعد مجزرة الغوطة، كان قد أعلن عن تدمير ترسانته من الأسلحة الكيميائية عام 2014، إلا أن هذا الأمر ما يزال محل تكذيب من المنظمة التي ترد عليها روسيا بأنها "تستخدم معلومات من مصادر متحيزة ضد الحكومة السورية". على حد تعبير السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الذي قال أمام مجلس الأمن "ليس من المستغرب أن سوريا لم تعترف قط بشرعية مجموعة التحقيق، ولا نحن كذلك". وأضاف: "تأسست المجموعة بشكل غير شرعي. لا يمكنك أن تتوقع أن سوريا ستتعاون معها".

الملف الكيماوي وبقية الملفات التي سجلت انتهاكات النظام السوري هي من أقوى الأوراق التي يمتلكها الشعب السوري، وسواء أسفرت قمة بايدن بوتين عن نتائج لصالح السوريين في المدى القريب أم لا، فإن رمي بايدن لهذه الورقة مؤشر على أن مسألتي المساءلة والمحاسبة غير قابلتين للتصرف. وما قاله بايدن عن أن الأسد ليس محل ثقة بسبب الكذب في الملف الكيماوي، هو في حقيقة الأمر بقوة طلب تقديم الأسد إلى محكمة الجنايات الدولية، وهذه مسألة وقت لا أكثر.