في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة.. لن نكون ضحايا بعد الآن

2022.12.01 | 06:16 دمشق

في اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة... لن نكون ضحايا بعد الآن
+A
حجم الخط
-A

تسألني قريبتي ذات الـ 13 عاماً ماذا يعني اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، ولماذا يحييه العالم ونحن في عام 2022 هل ما زال العالم متخلفا لهذه الدرجة؟ وماذا عن الناشطات السوريات وأنت منهن؟ ألم تستطعن فعل شيء لوقف العنف ضد النساء!

هذا الحديث جعلني أفكر، هل فعلا النساء مقصرات؟ كنت أتمنى أن يكون الموضوع بهذه البساطة، لكنه أكثر توحشا وتعقيدا مما نتصور، فإذا عدنا بنظرة سريعة إلى حين اعتماد الأمم المتحدة ليوم 25 تشرين الثاني يوما عالميا لمناهضة العنف ضد المرأة، نرى أن ذلك يعود لأسباب العنف الشديد الذي تتعرض له الفتيات بأرقام وإحصائيات صادمة.

العنف لا يقتصر على العلاقات الأسرية، فالمرأة معرضة للانتهاكات بدءا من محيطها العام كالشارع والمدرسة والعمل وليس انتهاء بمنزلها

بالبرتقالي والشعارات التي تملأ كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، تبدأ في كل عام حملات على مدى أيام طويلة لإيقاف العنف ضد النساء، وتتمنى النساء حول العالم بهذا اليوم أن يجدن لهن طوق نجاة ومخرجا من معاناتهن النفسية والجسدية، فهن أسيرات معتقدات وثقافات وعادات مجتمعية وجدت منذ وجودهن مع تفاوت في النظرة لهذه المعاناة من بيئة لأخرى.

فما الآثار والبصمات التي يتركها العنف على المرأة وبالتالي على المجتمع؟

لنتفق بداية أن العنف لا يقتصر على العلاقات الأسرية، فالمرأة معرضة للانتهاكات بدءا من محيطها العام كالشارع والمدرسة والعمل وليس انتهاء بمنزلها من قبل زوجها أو أحد أفراد أسرتها.

وهذا العنف ضد النساء يؤدي بالضرورة ليصبح المجتمع مفككا ذا أسرة هشة يطغى عليه الموروث الذكوري تصير المرأة فيه تابعا لا مساويا، ومسؤولة عن أفعالها أمام الرجل لا أمام نفسها خوفا من التعنيف غير المبرر.

الطامة الكبرى، أن العالم لا يرى دور النساء وما يقمن به من ثورات حول العالم، فها نحن نشهد جميعا انتفاضة المرأة الإيرانية وكيف تسبب ما تمارسه السلطة الديكتاتورية من عنف بحق المجتمع عموما والنساء خصوصا بثورة نحو التغيير والبناء تقودها نساء عانين ما عانين كما عانى المجتمع بأكمله من الاضطهاد والقمع تحت ستار الدين، مما دفع العالم للتضامن معهن ومناصرة قضيتهن، وبالرغم من التعتيم الإعلامي ومحاولات كم الأفواه وكتم الأصوات إلا أن المرأة الإيرانية الحرة أوصلت نداءها وهذا دافع ليأخذ العالم بيدها ويؤمن لها الحماية والرعاية حتى تنال ما تستحق.

ولا بد من الوقوف عند ما عانته المرأة السورية وما تعانيه باستمرار من عنف نظام الأسد واضطهاده وتهميشه وزجه للكثيرات من النساء في السجون، وقدمت الغالي والنفيس بسبب وجودها في الصفوف الأولى للثورة السورية التي خرجت لبناء دولة القانون والديمقراطية، وتحقيق المساواة في المواطنة بين أفراد الشعب. وبالرغم من أن المرأة السورية ما زالت بعيدة عن تحقيق طموحها إلا أنها تسير على الطريق الصحيح؛ وللأسف حتى الآن لم تنل الدعم الكافي ولم تحصل على ما يحميها من العنف الذي يقع عليها، لكنها تناضل من أجل قانون يحميها من العنف ولن تقبل أن تكون ضحية في سوريا المستقبل.

إن المهمة صعبة وشاقة ولكن بهذا الجيل المختلف الذي يملك من الحرية أكثر بكثير مما امتلكناه، يستطعن أن يقاتلن من أجل حقوقهن

وأعود الآن إلى قريبتي وسؤالها في المقدمة، كونها ستكون من عشرات آلاف السوريات اللاتي يناضلن من أجل حقوقهن مستقبلا، وأقول إن المهمة صعبة وشاقة، والحقيقة أن فتيات هذا الجيل مختلفات ويملكن من الحرية أكثر بكثير مما امتلكناه، ويستطعن أن يقاتلن من أجل حقوقهن بأدوات أكثر فاعلية، ويجب علينا أن نمهد الطريق لهن، وكلما كانت النساء مع بعضهن في هذا اليوم كن قوة أكبر في وجه العنف ضدهن.