فلذات الأكباد من البابليين إلى جسر الرئيس بدمشق

2022.05.04 | 18:43 دمشق

fr6cwyfuyau6xem.jpg
+A
حجم الخط
-A

ثمة فكرة قديمة انتقلت من البابليين في بلاد ما بين النهرين إلى أمم الأرض، أزال عنها الغبار الصحفي الفلسطيني ماجد عبد الهادي في كتابه "الإنسان الكلب"، تقول الفكرة إن الكبد لا القلب ولا الدماغ أساس الحياة ومركز العواطف والأحاسيس والمشاعر، وهي فكرة اقتبسها الآشوريون واليونانيون ثم الرومان، فكانوا يقرؤون الكبد كما يقرأ الناس الكف في هذه الأيام ليتنبؤوا بالمستقبل، بينما كان العرب وما زالوا يصفون أبناءهم بفلذات الأكباد ويقولون:

وإنما أولادُنا بيننا ..أكبادُنا تمشي على الأرضِ

في المشهد السوري يمشي الناس أمما في شوارع دمشق من دون أكبادهم، حافظ الأسد الذي مات قبل  أكثر من عقدين من الزمن، ترك لهم نقمتين، أبناءَه وعائلته الذين سيكملون من بعده حركته التصحيحية في خطف البلاد وتخريبها، وجسر الرئيس الذي سيصبح عنوانا يقصده الأهالي يتحسسون أخبارا عن ذويهم القابعين خلف القضبان منذ سنوات، يصلون ليلهم بنهارهم ويتلذذ الأسد بإذلالهم عند جسر أبيه، يبيعهم أوهاما وأملا زائفا ويُقلّبهم ويكويهم على جمر الانتظار بانتظار خبر ما من أحد ما، ممن نجَوا من الفرّامة الأسدية.

عشرات وربما مئات، لا أرقام دقيقة لمن أفرج عنهم النظام بموجب العفو الذي أصدره رئيسه، المؤكد أن معظمهم خرج من المسلخ البشري في صيدنايا، ولأن كل شيء يحدث بسبب ولسبب كما يقول الروائي الكويتي سعود السنعوسي، ستكثر التحليلات والأسئلة التي تحيط بدوافع هذا القرار الملغوم، تساؤلات عن الأرقام والقوائم والمشمولين بالعفو الزائف، يترك النظام مشهد الجموع الغفيرة، لعلهم يردمون حفرة التضامن التي صدمت العالم، يقول لهم إن مصائر أبنائهم معلقة على حبائله فقط، على جسر الرئيس.