فراس طلاس في صحيفة المستوطنين الصهاينة

2021.03.20 | 06:30 دمشق

438.jpg
+A
حجم الخط
-A

لا يهدأ أولاد وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، رجل الأعمال فراس، وشقيقه الضابط السابق في الحرس الجمهوري مناف، فهما حاضران بقوة في الإعلام، وما إن يختفي أحدهما عن مسرح الأحداث حتى يظهر الآخر. وفي كل مرة يتحفنا أحد الشقيقين بمبادرة أو اختراع تحت عنوان إنقاذ أهل سوريا من حكم آل الأسد الذين صاروا خصومهم في السنوات الأخيرة، بعد أن عاشوا كعائلة واحدة لزمن طويل في كنف العلاقة التاريخية بين الأسد الأب وصديقه التاريخي مصطفى طلاس الذي كان الأمين على عملية توريث بشار في عام 2000، والوحيد الذي بقي إلى جانبه من بين الحرس القديم حتى أعفاه من المنصب عام 2004.

وقبل أن تهدأ عاصفة المجلس العسكري التي أثارها مناف طلاس في الشهرين الماضيين بالتفاهم مع الروس لتصفية الثورة السورية، طلع علينا فراس طلاس أمس بحديث مع صحيفة "ماكور ريشون" الإسرائيلية الناطقة بلسان تيار المستوطنين أجرته معه عبر الهاتف. وترجح أوساط صحفية فلسطينية في الداخل الفلسطيني أن طلاس هو الذي طلب الحديث، كي يوصل عدة رسائل الغاية منها التموضع داخل الحلف الجديد بين إسرائيل وأبوظبي. واعتبر طلاس الذي يقيم في العاصمة الإماراتية" أن إسرائيل أخطأت بعدم تدخلها في الحرب الأهلية في سوريا". وقال "أفهم الموقف الإسرائيلي الذي رأى بالنظام والشعب السوري أعداء، ولذلك امتنعت عن التدخل في الحرب. لكن الواقع في سوريا اليوم سيئ بالنسبة لإسرائيل ويسبب مشكلات كثيرة عند الحدود. وعلى إسرائيل أن تدرك أنه يوجد ثمن لعدم العمل". وبحسب طلاس، فإنه "في السنوات 2013 – 2015 نظر كثير من السوريين بشكل إيجابي إلى إسرائيل، وكانت فرصة حقيقية للتغيير ولمستقبل جديد. واليوم عاد الشعب السوري إلى النظر بصورة سلبية لإسرائيل، لأنها أيدت الروس وبقاء الأسد رئيسا. والآن يتعين على إسرائيل أن تفعل كثيرا من أجل تغيير هذه الفكرة السلبية".

الشعب السوري ونخبه الوطنية لم يخرجوا عن الخط الوطني الذي يعتبر إسرائيل عدوا

يمتلك فراس طلاس جرأة استثنائية حين يجزم بأن كثيرا من السوريين نظروا بإيجابية إلى إسرائيل. وأي شخص آخر يمتلك قليلا من الاحترام للذات كان سيراجع نفسه طويلا، قبل أن يطلق مثل هذا الحكم الخطير في الذكرى العاشرة للثورة السورية. ولا أدري من أين جاء طلاس بهذا الاستنتاج، فلم يسبق لأحد من السوريين، باستثناء شخصيات ساقطة أخلاقيا وسياسيا، ولا تاريخ لها أو دور في الحراك السوري، أن رحبت بدور لإسرائيل في حل المسألة السورية، فالشعب السوري ونخبه الوطنية لم يخرجوا عن الخط الوطني الذي يعتبر إسرائيل عدوا. وأي تعويل على دور إسرائيلي في القضية السورية، فإنما كان من طرف النظام، والدليل على ذلك تصريح رامي مخلوف الشهير  لصحيفة "نيويورك تايمز" "إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا، فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل".

وإذ ينصح فراس طلاس إسرائيل بالعمل من أجل "تغيير الأفكار السلبية عنها لدى السوريين"، فإن الذي بات واضحا هو أن آل طلاس يبحثون عن دور سياسي سواء عن طريق الروس أو إسرائيل، كما هو حال مناف، وشقيقه فراس الذي يغازل الإسرائيليين، ولا شك أن الأخير يصوب من خلال حديثه نحو أهداف أخرى، منها وعود البزنس في الجو الجديد الذي ينشأ في الانفتاح الإسرائيلي الإماراتي، وتقديم عربون ولاء للعراب الإماراتي الذي يشكل رأس القاطرة لتمهيد طريق علاقات إسرائيل الجديدة مع المنطقة.

أجاد طلاس دور الوفي للأسد في كل الأوقات، وهذا ما سمح لأولاده بأن يحتلوا مواقع متقدمة في العسكرية والأعمال

ويدين آل طلاس بكل ما نعموا به لآل الأسد، فلولا حافظ الأسد لما وصل مصطفى طلاس إلى الموقع الذي شغله كوزير دفاع، وكان سيكون مثل بقية الضباط الآخرين وأقل. وتعود الصداقة بين الأسد وطلاس حسب كتاب باتريك سيل "الصراع على الشرق الأوسط" إلى أن الأسد حين أعاد زوجته إلى سوريا من مصر في فترة الوحدة، وعن طريق البحر باتجاه اللاذقية، وبرفقتها نجله الكبير باسل، كلف طلاس بمرافقتها. وأجاد طلاس دور الوفي للأسد في كل الأوقات، وهذا ما سمح لأولاده بأن يحتلوا مواقع متقدمة في العسكرية والأعمال، وكان فراس إلى حين قيام الثورة ثاني أغنى شخصية في سوريا بعد رامي مخلوف حسب تقديرات قطاع الأعمال.

وكما أشرت فإن صحيفة "ماكور ريشون" محسوبة على التيار الصهيوني المتدين، ويرأس تحريرها حجاي سيغل عضو التنظيم السري اليهودي في ثمانينات القرن الماضي، والذي قام بأعمال إرهابية ضد شخصيات وطنية فلسطينية مثل بسام الشكعة وكريم خلف وإبراهيم الطويل، وحاول تفجير حافلة للكلية الإسلامية، كما خطط لتفجير المسجد الأقصى، الأمر الذي يعني أن التعاطي مع هذا الأوساط، يعبر عن تهافت بأي ثمن على إسرائيل ولو من بوابة الاستيطان، وهذا نموذج سيئ ومسيء للغاية للسوريين.