عقاب على السلاح والمجرم طليق... القرار 2118 وخلل المنظومة الدولية

2022.09.27 | 07:32 دمشق

عقاب على السلاح والمجرم طليق... القرار 2118 وخلل المنظومة الدولية
+A
حجم الخط
-A

وصل نظام الأسد إلى حد غير مسبوق في الإجرام والقتل والتدمير ضد الشعب السوري الذي انتفض مطالباً بحريته وكرامته وحقوقه المشروعة ساعياً لبناء دولة ديمقراطية تعددية يسودها القانون والعدالة والمواطنة المتساوية.

ولا يخفى على أي متابع للشأن السوري استخدام النظام لشتى أنواع الأسلحة الكيماوية مرات كثيرة؛ ظهرت واضحة وجلية على العالم أجمع ومنظومته الأمنية والدولية مما دفع مجلس الأمن لإصدار القرار 2118 الخاص بنزع السلاح الكيماوي من أيدي لقتلة بناءً على خطة وتقارير قدمتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

ولكن، منذ متى كان العقاب على السلاح؟ وما سبب التراخي الأممي مع منظومة قاتلة أمعنت في الإجرام بشتى أنواعه؟

لقد عاقب المجتمع الدولي ومجلس الأمن السلاح الكيماوي بذاته بسحبه جزئياً من أيدي القتلة بمسرحية كاتبها ومنفذها القاتل نفسه!

لقد سعى النظام وحليفه الأول (روسيا) لعرقلة التحقيقات المستقلة والجهود المبذولة لمتابعة المساءلة، ليس فقط ضد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بل ضد كل تحرك يخصّ ارتكاب الفظائع الأخرى والتي لا تكفي عشرات الصفحات لذكرها وهي معروفة للقاصي والداني ولكل المنادين والمطبلين بالإنسانية، والحقوق والمساءلة والعقاب.

لقد عاقب المجتمع الدولي ومجلس الأمن السلاح الكيماوي بذاته بسحبه جزئياً من أيدي القتلة بمسرحية كاتبها ومنفذها القاتل نفسه! وبقي مع ما لديه مما يخفي من السلاح وما ظهر منذ عام 2013 وحتى اليوم يفتك بالكبير والصغير ضارباً عرض الحائط بكل القرارات والتقارير والأدلة المرئية والمسموعة -وليس بغريب عليه- فيده ما زالت على طاولة صنّاع القرار من خلال حلفائه في الأروقة السياسية ومجلس الأمن الدولي.

مئات التقارير الصادرة من منظمات حقوقية سورية ودولية ومنظمات معنية بالتوثيق إضافة إلى شهادات الناجين والمصابين، كلها أكدت استخدام السلاح الكيماوي بإجرام منقطع النظير طال حتى الحجر، كما أيدت دول عظمى ومسؤولون في مواقع صناعة القرار هذه التقارير علناً وفي جلسات مجلس الأمن وعلى كل طاولة سياسية تستعرض الملف السوري؛ ولكن لا نتيجة تُذكر، فالسلاح الذي عوقب لم يتعلم من عقابه! والقاتل حر طليق في الأروقة السياسية والمجتمع الدولي ومنظومته التي أثبتت عجزها وباتت موضع شك بعد أن كانت آخر أمل للسوريين -على الأقل- في قدرتها على كف يد القاتل عنهم ومحاسبته في لاهاي.

ثم ماذا؟ كل هذا لم يكن كافياً لاتخاذ إجراءات عملية تنفيذية لمحاسبة المجرمين؛ بل ترى البعض يسعى للتقارب مع نظام الأسد ناسياً آلام الملايين وتشردهم وأصواتهم التي تصدح مطالبة بالعدالة والدولة الحقيقية مما يشجع ويريح الآخرين على اتباع النهج ذاته ضد الشعوب التي تسعى للتغيير والبناء نحو الأفضل، ومما يضع المجتمع الدولي ومنظومته الأمنية موضع شك في قدرتها على الردع والمحاسبة ويشرع تساؤلات عديدة لا أعتقد أن لها إجابات واضحة سوى أن هناك قاتلاً طليقاً كان وما زال يمعن في إجرامه على مرأى ومسمع من العالم كله.

لا سبيل للخلاص إلا بالمحاسبة وهي البداية التي ستعيد لهذا الشعب حقه المسلوب ليبني دولته الديمقراطية الحقيقية

لقد انتصر الشعب السوري منذ انطلاقته الأولى -وهو مستمر فيها- مقدماً الغالي والنفيس في سبيل حريته وكرامته ومواجهاً أخطر مجرم عرفه التاريخ الحديث، كاشفاً تخاذل الكثير ممن يرفع شعارات خاوية لم تقدم له سوى المزيد من الخيام والآلام.

لا سبيل للخلاص إلا بالمحاسبة وهي البداية التي ستعيد لهذا الشعب حقه المسلوب ليبني دولته الديمقراطية الحقيقية، ويردع أولئك الذين ينتهجون هذا الدرب في محاربة الإنسانية وشعوبهم المضطهدة، فالمنظومة الأمنية على مفترق خطر إلا أن هناك فرصة واحدة تتمثل في خطوات جدية تحاسب المجرمين وتعيد كل شيء لموضعه الصحيح.