عرب وأكراد.. الجدار الذي اصطدمنا به في النهاية

2020.05.13 | 00:01 دمشق

lm-alaqlym-walthwrt.png
+A
حجم الخط
-A

ما إن انطلقت، نهاية نيسان الماضي، النسخة الأخيرة من المفاوضات بين القطبين الكرديين الرئيسيين في سوريا، حزب الاتحاد الديموقراطي والمجلس الوطني الكردي، حتى وجد الإخوة الكرد أنفسهم في مواجهة تحد كبير يتعلق بفكر حزب الاتحاد وارتباطاته وسيرته خلال السنوات الماضية، والتي تشكل بمجموعها عائقاً كبيراً في طريق الحل الشامل المنشود في سوريا.

فارتباط ال"بي واي دي" بحزب العمال الكردستاني المصنف على قوائم الإرهاب، ليس التركية وحسب، بل الأميركية والأوربية فضلاً عن الأممية، يعتبر حجر عثرة ضخم في طريق التطبيع معه أو تطبيعه هو بحد ذاته.

كما أن سلسلة طويلة من الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها حزب الاتحاد الديموقراطي، بمسمياته المختلفة والسلطات المتعددة التي أنشأها أو مارسها، ليس بحق المكونات الأخرى فقط، بل وحتى بحق المكون الكردي ذاته، أضاف مشكلة أخرى لا تقل تعقيداً عن المشكلة الأولى التي تواجه محاولات تأهيل الحزب ليكون جزءا من المعارضة الكردية والسورية الشرعية.

وإذا ما أضفنا إلى ما سبق الموقف التركي الحاسم من الحزب، والعلاقات المشبوهة له مع النظامين السوري والإيراني، فسنجد أنفسنا أمام سلسلة من العوائق غير العادية التي يتطلب معالجتها حلولاً غير عادية أيضاً، وربما مؤلمة جداً للأخوة الأكراد إذا ما أرادوا الخروج مع جميع السوريين من الحلقة المفرغة التي تدور بها البلاد.

الأمر ذاته ينطبق علينا كعرب في المعارضة، وأكثر ما ينطبق على فصائل الجيش الوطني التي تواجه تحدياً مماثلاً مع ملف الفصائل الجهادية في إدلب، وعلى رأسها هيئة تحرير الشام بطبيعة الحال.

فرغم أن الهيئة أعلنت فك ارتباطها بتنظيم القاعدة منذ منتصف العام ٢٠١٦، فإن ذلك لم يغير من تصنيفها كمنظمة "إرهابية" بالنسبة للمجتمع الدولي، حتى على لوائح الإرهاب التركية ما تزال الهيئة تحتفظ بموقعها.

ورغم المراجعات الواضحة التي أجرتها "تحرير الشام" ورغم التحولات الكبيرة التي أقدمت عليها خلال السنوات الماضية، ورغم ما أبدته من واقعية لافتة وبراغماتية جلية في كثير من الملفات، فإن ذلك لم يغير من نظرة العالم إليها بشكل يكفي للقول معه إنها أصبحت قوة شرعية وجزءا معترفاً به من المعارضة.

ساعد على ذلك أيضاً سلسلة طويلة من الانتهاكات التي ارتكبتها الهيئة، بتسمياتها المختلفة وسلطاتها المتعددة التي أنشأتها أو استغلتها، والتي طالت في أغلبها قوى وشخصيات وأفراد من المعارضة السنية كما هو معروف، الأمر الذي يعقد إلى درجة كبيرة مهمة تركيا والفصائل المتحالفة معها في حل ما يعرف بملف (الجماعات الإرهابية) الذي تستغله روسيا وإيران أيما استغلال، ويجعل من مهمة إدماج الهيئة في الإطار الرسمي للمعارضة الشرعية أمراً ليس بالسهل.

نحن إذاً، المعارضون، عرباً وأكراداً، بمواجهة مشكلة واحدة بالمواصفات والتعقيدات والمخاطر نفسها، وبعد أن انتشى من انتشوا منا بالاستجابة العاطفية للرغبات والعواطف القومية أو الدينية التي قدمها للأكراد حزب الاتحاد، وللسنة العرب الجماعات السلفية الجهادية، نجد أنفسنا حالياً أمام تحدي الانتقال للخطوة التالية، وبمواجهة السؤال الأهم: ماذا الآن؟!

لقد ظن طيف واسع من العرب السنة والأكراد أنه، وأمام ما يتعرضون له من ظلم وما يرتكب بحقهم من جرائم، سيكون من المنطقي الاستعانة والترحيب أو حتى التغاضي عن الجماعات المتطرفة، القومية أو الدينية، وكان النظام، عدو العرب والأكراد الأول، بل وعدو كل مكونات الشعب السوري، سعيداً أيما سعادة بهذا الخطأ والتمادي به، إلى درجة تحالفه مع حزب الاتحاد في مرات عدة، وتساهله وتغاضيه عن الجماعات الإسلامية المتشددة في مرات كثيرة كما هو معروف، لأنه كان يعرف منذ البداية أن وجود هذه القوى سيكون طوق نجاته الوحيد في النهاية، وعلى الرغم من كل التحذيرات فإن صوت العاطفة وفكر الأزمة طغى على صوت العقل والحكمة بكل أسف.

اليوم، يقول قادة كل من ال"بي واي دي" وهيئة تحرير الشام أنهم تعلموا وتغيروا، وأنه لم تعد لهم ارتباطات أو طموحات عابرة للحدود، وأن قضيتهم هي الشعب السوري.. الخ في محاولة لتغيير الموقف الدولي والإقليمي منهما، لكن كيف يمكن للطرفين أن يجعلوا الناس العاديين من أبناء وقوى وفصائل الشعب التي حكمها كل منهما، كيف سيمكن إقناعهم بنسيان الانتهاكات التي مورست بحقهم وبالتالي القبول بهما حقاً، هذا إن نجح كل منهما فعلاً بكسب رضا الخارج؟!

ببساطة لقد كان علينا جميعاً، ككرد وعرب، وكان على قادة هذه القوى والجماعات الذين يقولون إنهم تعلموا الآن، كان على الجميع أن يعي منذ البداية أي طريق مسدود يسير فيه، بدل الاصطدام بهذا الجدار الحتمي في النهاية.