عام جديد من الألم لسورية

2023.01.04 | 05:50 دمشق

عام جديد من الألم لسورية
+A
حجم الخط
-A

بدأت الأمم المتحدة عامها بوصف الوضع المريع الذي وصل إليه السوريون إذ إن أكثر من 94 بالمئة يعيشون على خط الفقر وحيث هناك أكثر من 5 ملايين سوري يعيشون في الخيام كنازحين فضلا عن أكثر من 7 ملايين لاجئ، تبدو الأرقام هي ذاتها للعام الفائت مع زيادة تدل على أن الوضع ازداد بؤسا وألماً، فالبلد اليوم على شفا مجاعة من نتيجة الفقر الشديد نتيجة سياسات الأسد وعلى مدى سنوات الثورة حيث قرر المضي بسياسة "الأسد أو نحرق البلد" حتى نهايتها وكانت النتيجة أن دمرت البلد بكاملها وبقي الأسد نفسه متربعا على عرشه.

عام 2022 كان الأكثر إيلاما سياسيا واقتصاديا بالنسبة للسوريين، فمع شعور الأسد بالتمكين وخسارة المعارضة لكثير من مواقعها عادت القبضة الأمنية في المناطق التي يسيطر عليها على ما اعتاد الأسد قبل عام 2011 حيث الاعتقال والتنكيل والموت تحت التعذيب لكل من شارك بالثورة السورية وتضامن معها، كما تفرغ الأسد للمعتقلين السوريين الذين حولهم إلى رهائن يفاوض عليهم الخارج ويبتز أهلهم بالحصول على الأموال من أجل خبر أو معلومة كاذبة عنهم. أما اقتصاديا فقد انهارت الليرة السورية إلى ما يزيد عن 7000 ليرة للدولار الواحد ووصلت الأسعار إلى مستوى جنوني مع دخول سوريا في حالة من التضخم الجامح حيث تزيد الأسعار وتتقلب بشكل ساعيٍّ مما يمنع حالة الاستقرار الضرورية من أجل بناء دورة اقتصادية يمكن أن ينتعش معها الاقتصاد الذي انهار بشكل كلي وتوقفت الدورة الإنتاجية بشكل كامل.

هذه الخريطة وحدها تصف وضع السيادة السورية التي أصبحت ممتهنة بشكل يومي ودائم، أما وحدة الأراضي السورية فقد صار حلما ومن المستحيل تخيله اليوم على أرض الواقع

وفوق ذلك كله كان الاستهداف الإسرائيلي للمرافق الحيوية السورية وعلى رأسها المطارات بشكل دوري وشهري تقريبا فضلا عن وجود الجيوش الأجنبية في كل المناطق السورية حيث الشمال السوري تسيطر عليه القوات الأميركية والتركية وحيث تنتشر على الساحل القوات الروسية أما الميليشيات الإيرانية فتنتشر على كل الأراضي السورية وهذه الخريطة وحدها تصف وضع السيادة السورية التي أصبحت ممتهنة بشكل يومي ودائم، أما وحدة الأراضي السورية فقد صار حلما ومن المستحيل تخيله اليوم على أرض الواقع.

هذه هي نتيجة طبيعية لسياسات الأسد خلال العقد الماضي واتباع سياسة قتل السوريين وحكمهم مهما كان الثمن والكلفة وكان من الطبيعي أن تكون النتيجة إفلاس كامل لمؤسسات الدولة وخزينتها التي وظفت من أجل تمويل حرب الأسد ضد السوريين، وبذلك أصبحت سوريا على حافة الإفلاس تتسول من أجل إعانتها وتمويلها من دون جدوى فحلفاء الأسد من إيران وروسيا ليسوا بأفضل حال حيث تعيش إيران أزمتها الخاصة في قمع المواطنين الثائرين وقتلهم أو اعتقالهم على طريقة الأسد كما أن طهران تعيش أزمة انهيار اقتصادي مع انهيار العملة الإيرانية، أما روسيا فإنها تعيش أجواء الهزيمة في حرب أوكرانيا حيث أخبار القتلى الروس دون أن يكون هناك أي مخرج من هذه الحرب العبثية التي ورط بوتين روسيا فيها، وبالتالي لن تستطيع روسيا مساعدة الأسد ماليا أو اقتصاديا لأنها على أبواب أزمة بحد ذاتها بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية عليها.

مستقبل سوريا سيبقى مرهونا بالأسد وسياساته ومع كل يوم يبقاه الأسد في السلطة يزداد السوريون فقرا وبؤسا

هل من الممكن أن يقف الأسد على أطلال سوريا في لحظة تأمل ويقرر الانعطاف كليا والتنحي من أجل مستقبل سوريا جديد، طبعا هذا من المستحيل حدوثه ومع ضعف الجيش على القيام بأي انقلاب وسيطرة السياسات الطائفية في سوريا اليوم، فإن مستقبل سوريا سيبقى مرهونا بالأسد وسياساته ومع كل يوم يبقاه الأسد في السلطة يزداد السوريون فقرا وبؤسا وللأسف سيستمر العام الحالي 2023 على هذا الوضع إذا ما بقي الأسد في السلطة.