ضم الضفة وحديث التقارب التركي الإسرائيلي

2020.05.27 | 23:53 دمشق

0.aisr-tur.jpg
+A
حجم الخط
-A

في ظل التغيرات التي تموج في المنطقة ومواجهة الدول في العالم وفي المنطقة لأزمة فيروس كورونا وبروز تركيا في مواجهة العديد من التحديات في ليبيا وسوريا وشرق المتوسط وأزمة كورونا وتحدياتها الصحية والاقتصادية وغيرها. تناولت بعض وسائل الإعلام وبعض المحللين أخبارا تتعلق بتقارب محتمل بين تركيا وإسرائيل وتم تناول أخبار تم نفيها لاحقا من قبيل وجود تفاهمات أولية حول اتفاق بحري بين تركيا وإسرائيل شرق المتوسط على غرار اتفاقية تركيا مع حكومة الوفاق الليبية. وهو خبر كان مستغربا بعض الشيء بالرغم من أن الاتفاقية بين الطرفين لمصلحة الطرفين جغرافياً وضد اليونان، ولكن من ناحية جيوسياسية وبنظرة أوسع كانت دولة الاحتلال تعمل ضد تركيا عبر منتدى غاز شرق المتوسط، ومن خلال دعم حفتر بشكل غير معلن.

كما أشار البعض إلى تراجع حفتر أمام قوات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا والذي يعد بمثابة تقدم تركي في ليبيا بالإضافة إلى المواجهة المحدودة بين تركيا وإيران في معركة إدلب الأخيرة في بداية مارس/آذار الماضي. حيث كتبت آنا أهرونهايم في صحيفة جيروزاليم بوست "إن الجيش الإسرائيلي راقب باهتمام وتعلّم من نجاحات تركيا في معركتها مع حزب الله في سوريا في وقت سابق من هذا العام" فضلا عن الارتباك الحاصل في بعض دول المنطقة التي تعول عليها إسرائيل قد تجعل إسرائيل تعيد النظر في علاقاتها مع تركيا التي يبدو أنها ستتجاوز أزمة كورونا قريبا.

وقد هبطت طائرة العال الإسرائيلية للشحن في إسطنبول في 24 مايو/أيار وهي أول طائرة شحن مساعدات إسرائيلية تهبط في إسطنبول منذ 10 أعوام

وقد هبطت طائرة العال الإسرائيلية للشحن في إسطنبول في 24 مايو/أيار وهي أول طائرة شحن مساعدات إسرائيلية تهبط في إسطنبول منذ 10 أعوام، وقد احتفى القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في أنقرة روي جلعاد بهبوط الطائرة مستخدما كلمة "تهانينا"، وقد قالت مصادر رسمية تابعة للحكومة الإسرائيلية، إن هذه الخطوة “ستساعد على وصول التجارة بين الطرفين إلى مستويات قياسية” من خلال رحلات الطيران المتبادلة.

لم يصدر تعليق تركي حتى الآن حول هبوط الطائرة الإسرائيلية ولا عن طبيعة مهمتها خاصة أنها وصفت مرة بأنها طائرة شحن مساعدات بينما رفعت أعلام الطرفين بجوارها، لكن المؤكد أن تركيا وافقت مع بداية أزمة كورونا على تسلّم إسرائيل مستلزمات طبية بشرط السماح بوصول المساعدات الطبية التركية للفلسطينيين، وقد تأخرت هذه العملية بسبب تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

من الواضح أن هنالك نوايا إسرائيلية لإحداث تحسن ما في العلاقة مع تركيا على سبيل المثال بإعادة السفراء، ولكن في نفس الوقت لو عدنا فقط وراء إلى بداية العام فقد "أدرجت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) في تقديرها الاستخباراتي لعام 2020 تركيا ضمن قائمة المنظمات والدول التي تهدد الأمن القومي الإسرائيلي، لكن التقديرات الاستخباراتية استبعدت اندلاع مواجهة عسكرية بين البلدين". كما أن إسرائيل دخلت في إطار ثلاثي مع قبرص واليونان وهو معسكر مناوئ لتركيا. وحتى في الوقت القريب كان الهجوم على تركيا جزءا من الحملة الانتخابية لطرفي الانتخابات الإسرائيلية الكبار، الليكود وأزرق أبيض. وبالتالي يمكن القول أن هذه الخطوات الإسرائيلية للتقارب مع تركيا هي بمثابة الحفاظ على الخيط في إطار تجاوز تركيا للكثير من العقبات مؤخرا.

رفضت تركيا هذه الخطط وأعلنت في أكثر من مناسبة وبشكل رسمي أنها ستقف مع فلسطين لإفشال هذه الخطط

ولكن إزاء كل هذا فإن دولة الاحتلال تخاطر بأي احتمال للتقارب في ظل اتفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس، على أن تبدأ عملية ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، أول يوليو/ تموز المقبل، وتشمل غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية. وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم سيصل إلى أكثر من 30% من مساحة الضفة المحتلة. حيث رفضت تركيا هذه الخطط وأعلنت في أكثر من مناسبة وبشكل رسمي أنها ستقف مع فلسطين لإفشال هذه الخطط كما دعت تركيا لاجتماع طارئ لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، قريبا، لإصدار موقف رافض لخطة الضم، وداعم بشكل كامل للموقف الفلسطيني.

إن كان هناك خطوات إسرائيلية للتقارب مع تركيا سواء بالعمل على عودة السفراء أو غيرها من الخطوات الرمزية أو التجارية فإن هذا مؤشر على أن هناك قراءة إسرائيلية لصعود تركي وهي بذلك تريد الحفاظ على خيط في العلاقة، في ظل تخبط بقية حلفائها في المنطقة، وهي ربما قراءة أولية لتقارب تركي أمريكي في مرحلة ما بعد كورونا، ولكن حكومة الاحتلال في مأزق كبير حيث إن الإقدام على ضم أجزاء من الضفة الغربية ستشعل المنطقة وستكون مانعا أساسيا لأي خطوة تقاربية في هذا السياق.

كلمات مفتاحية