سوريا ومهرجان التطبيع مع إسرائيل

2020.09.16 | 00:03 دمشق

3201425203026.jpg
+A
حجم الخط
-A

ركزت بعض كاميرات التلفزيون على مقعد سوريا الخالي في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب، الذي انعقد في التاسع من الشهر الحالي لمناقشة الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي. ورغم أن الاجتماع كان افتراضيا، وانعقد عن طريق الفيديو كونفرانس، فإن اللقطة التلفزيونية طرحت بصورة غير مباشرة مسألة غياب موقف سوريا عن الحدث، وليس عدم حضورها الاجتماع. ذلك أن عضوية سوريا معلقة في الجامعة منذ عام 2011 بقرار من مجلس وزراء الخارجية العرب "بموجب خطة العمل العربية لحل الأزمة السورية".

ومن الناحية العملية لم تكن السلطة السورية بحاجة إلى حضور اجتماع وزراء خارجية الدول العربية، كي تعلن موقفها من الاتفاق الذي يمس القضية الفلسطينية والأمن القومي العربي وسوريا بصورة مباشرة، وكان يمكنها أن تصدر بيانا توضح فيه موقف الدولة السورية حتى لو لم تعقد الجامعة العربية الاجتماع الذي فازت فيه الإمارات، وخسرت السلطة الفلسطينية التي لم تجد سوى أقلية من الدول العربية تساند موقفها الذي كان يطالب بصدور بيان يدين الاتفاق ويعتبره خروجا على مبادرة السلام العربية 2002.

إذا راجعنا مواقف إسرائيل من الثورة السورية طيلة عشرة أعوام نجد أن لها سياقا واحدا، وهو ممارسة أقصى الضغوط على الولايات المتحدة وأوروبا من أجل بقاء النظام، وعلى هذا الأساس قامت التفاهمات الروسية الإسرائيلية طيلة الأعوام الماضية.

وفي حقيقة الأمر ليس عدم مشاركة سوريا في مؤسسات العمل العربي المشترك، ومنها الجامعة العربية، هو الذي حال دون إصدار موقف واضح وصريح، بل إن عدم تحرك النظام السوري موقف مدروس بصورة واعية، وهو يعتبر خلاصة للوضع السوري الراهن الذي تتقاطع داخلة عدة اعتبارات، يأتي في طليعتها الموقف الإيراني المتذبذب. ومن يراجع موقف إيران من الاتفاق يجد أنها تلعب على جميع الحبال رغم أنه يعنيها مباشرة لجهة تحول الإمارات إلى قاعدة متقدمة للنفوذ الأمني الإسرائيلي الموجه ضد إيران من الناحية النظرية. ومن جانب آخر فإن التحالف الإماراتي الإسرائيلي لن يوفر وجود إيران في سوريا، وهذه مسألة لم يصدر عن طهران أي موقف حيالها. وعند هذه النقطة يتقاطع الموقفان الروسي والأميركي من الوجود الإيراني في سوريا، ومن المعروف أن هناك قواعد اشتباك معتمدة بين إسرائيل وروسيا وأميركا تجاه الوجود الإيراني بسوريا، وإحدى ثماره الغارات الإسرائيلية شبه المنتظمة التي تستهدف الوجود الإيراني في سوريا، وهذه القضية مرشحة أن تتطور أكثر بعد الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي. وسيكون أكثر وضوحا في ظل الغزل الإماراتي مع نظام بشار الأسد، وهنا يمكن تسجيل سلسلة من المواقف التي صدرت من أبوظبي تجاه دمشق منذ عدة أشهر، وكانت البداية مع إعادة فتح السفارة الإماراتية في دمشق وإرسال وفود تجارية ومساعدات بدأت تتكثف في الآونة الأخيرة، وهناك شحنتان وصلتا بعد الإعلان عن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، ولو أن دمشق غير راضية عن الاتفاق لما قبلت هذه المساعدات، ولكانت أعلنت رفض استقبالها، وهذا قد يمهد لخطوات سياسية في المدى المنظور.

وإذا راجعنا مواقف إسرائيل من الثورة السورية طيلة عشرة أعوام نجد أن لها سياقا واحدا، وهو ممارسة أقصى الضغوط على الولايات المتحدة وأوروبا من أجل بقاء النظام، وعلى هذا الأساس قامت التفاهمات الروسية الإسرائيلية طيلة الأعوام الماضية، وهذه النقطة يمكن عطفها على التصريح الشهير الذي صدر عن رامي مخلوف لصحيفة نيويورك تايمز، والذي فحواه أن أمن إسرائيل من أمن النظام السوري "إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا، فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل".

هل يمكن أن نتوقع سيناريوهات، في الفترة المقبلة، للمسار الذي يمكن أن يسير فيه الأسد؟ على الأرجح سيجد الأسد المبرر في تأييد الاتفاق داخل تفاصيل وضعه الخاص، وربما سيلتزم الصمت كما هو الحال اليوم، ولكنه لن يغلق النوافذ بوجه أبوظبي التي تتقدم بسرعة نحو دمشق، مستخدمة كل أدوات ديبلوماسية المساعدات، وربما وظفت نفوذها لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل تخفيف عقوبات قيصر مقابل دخول الأسد نادي المطبعين من بابه العريض .