سوريا في صراع العلاقات التركية – الأميركية

2020.11.26 | 04:29 دمشق

erdo-biden.jpg
+A
حجم الخط
-A

على الرئيس بايدن اتخاذ قرار فيما يتعلق بالعلاقات التركية الأميركية وخاصة فيما يتعلق بسوريا، فإذا كان بايدن يريد اتخاذ موقف متشدد من روسيا كما هو المتوقع، فروسيا تحتفظ بوجود عسكري ضخم في سوريا دعما لنظام بشار الأسد، كما أن تركيا لديها وجود عسكري قوي يتمثل في الشمال السوري بعد عمليات غصن الزيتون ودرع الفرات ومعركة عفرين التي تمكنت من خلالها من السيطرة على المدينة بعد طرد قوات الحماية الكردية المشكلة من قوات حزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا شرسة مع الحكومة التركية على الأراضي التركية والعراقية والآن السورية.

وبالتالي على الولايات المتحدة أن تختار من سيكون حليفها في سوريا. روسيا كما هو الحال في إدارة ترامب التي لم تتحدَ الوجود العسكري في سوريا أبدا واعتبرته جيدا فيما يتعلق بالفضاء على الإرهاب، أم تركيا التي تحاول حماية إدلب وجوارها من عملية عسكرية محتملة من قبل النظام وروسيا وأعتقد هذا سيكون مصدر خلاف تركي أميركي قادم وسيجبر الرئيس بايدن على بناء استراتيجيته المحتملة فيما يتعلق بسوريا.

فالعلاقة التركية – الأميركية وصلت إلى مستوى متدهور للغاية ولذلك بالرغم من تصريحات بايدن السلبية تجاه أردوغان خلال الحملة الانتخابية فإن إمكانية تحسين هذه العلاقات وخروجها من الإطار الشخصي في عهد ترامب إلى علاقات تقوم على المصالح المتبادلة في عهد بايدن وهو ما من شأنه أن يقوي الموقف التركي في سوريا.

القضية الرئيسية التي ستعقد العلاقات التركية الأميركية هي موقع قسد في الخريطة السورية

بيد أن القضية الرئيسية التي ستعقد العلاقات التركية الأميركية هي موقع قسد في الخريطة السورية، حيث ترغب وتسعى تركيا إلى إنهاء وجود قسد على الحدود السورية – التركية كما فعلت في عمليتها العسكرية غصن الزيتون وهو ما دفع بقسد إلى التراجع نحو الرقة والقامشلي ومناطق شمال شرق سوريا، حيث مناطق وجود القوات الأميركية، لكن قسد لا تحظى بأي دعم شعبي سوري وهو ما يجعلها دوماً محط انتقادات من القبائل العربية الموجودة هناك، وهو ما يسبب إحراجا للقوات الأميركية هناك، بيد أن قسد في الوقت نفسه تحظى بدعم قوي من داخل الكونغرس من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي بوصفها حليفة الولايات المتحدة في حربها على داعش في سوريا، وهو ما يضع الرئيس الأميركي القادم بايدن أمام خيارات صعبة في الاختيار وفي تحديد استراتيجيته القادمة في سوريا وكيف سيكون موقع قسد فيها.

إن سياسة بايدن المحتملة في سوريا تعتمد بشكل رئيس على الموقع الذي يمكن أن تحتله سوريا في سياسة بايدن الخارجية القادمة، بالتأكيد سيكون تركيز بايدن على القضايا الداخلية وخاصة القضاء على فيروس كورونا وإنعاش الاقتصاد، لكن في الوقت نفسه عليه أن يضع أولوياته فيما يتعلق بالسياسة الخارجية في الشرق الأوسط وما هو موقع سوريا ضمنها، وكيف سينظر إلى الجانب الإنساني والعسكري والسياسي المعقد في سوريا، وهو ما يدفعنا بعد ذلك لتقدير مدى الانخراط التي يمكن أن تقدمه إدارة بايدن القادمة في الأزمة السورية.

يجب أن لا ننسى أن الأزمة السورية لن تكون منفصلة عن السياسة الأميركية التي ستتبعها إدارة بايدن تجاه روسيا وإيران، وهو ما يجعل القضة السورية أيضا رهينة الصفقات الدولية والإقليمية

وفي الوقت نفسه يجب أن لا ننسى أن الأزمة السورية لن تكون منفصلة عن السياسة الأميركية التي ستتبعها إدارة بايدن تجاه روسيا وإيران، وهو ما يجعل القضة السورية أيضا رهينة الصفقات الدولية والإقليمية التي يمكن أن تجري على حساب إنهاء الأزمة السورية.

وفي الوقت نفسه فإن هذه الأولويات تعتمد أيضا على الفريق الذي يختاره بايدن للسياسة الخارجية والأمن القومي، وعلى ردة فعل الإدارة على الأحداث المتكررة على الأرض السورية، كل ما نستطيع أن نأمله هنا هو أن ينظر بايدن إلى الأزمة السورية بعيون مستقلة عن إدارة أوباما السابقة وأن يعمل على ترتيب الأولويات الإقليمية والدولية لصالح ترتيب حل سياسي في سوريا ينهي عشر سنوات من الألم المزمن الذي يعيشه السوريون. ومع اختيار بلينكن لوزارة الخارجية تزيد مساحة التفاؤل نظرا للموقع والتصريحات التي عبر فيها عن خيبة أمله من السياسة الأميركية في سوريا خلال عهد أوباما وانتظاره الفرصة كي يقوم بتصحيح الأخطاء، وأعتقد أن وقت الفرصة قد حان مجدداً.