سوريا الممزقة بين معارض الكتب

2022.11.21 | 05:33 دمشق

معرض الكتاب السوري
+A
حجم الخط
-A

اعتاد هواة المعرفة انتظار موسم دوري، في أيلول من كل عام في العادة، ليرتادوا المعرض الوطني المركزي للكتاب، والذي اشتهر باسم "معرض مكتبة الأسد" نسبة إلى الجهة التي تنظمه ويجري في رحابها غالباً.

لم يكن المعرض فرصة للاطلاع على الإصدارات الجديدة، المحلية والعربية، فقط؛ بل كان مناسبة للاستفادة من هامش الحرية الأوسع نسبياً الذي تتيحه رقابة المعرض بالمقارنة مع رقابة وزارة الإعلام، وربما الحصول، من تحت الطاولة، على كتب ممنوعة تهرّبها دور نشر لبنانية مستغلة زحمة شحن الكتب.

لكن هذا المعرض أخذ يتراجع منذ 2011، إثر اندلاع الاحتجاجات في البلاد وتحوّلها إلى مواجهات عسكرية لم تخلُ من قذائف تنزل في دمشق نفسها، فضلاً عن تقطّع الطرق واضطراب عمل شركات النقل، والمقاطعة العربية، وضعف القدرة الشرائية للسكان. فأخذ المعرض يتقلص ويُفرط في الموالاة للنظام وينحدر، عاماً بعد عام، حتى توقّف تماماً سنة 2020 بالتزامن مع جائحة كورونا.

وعاد، في السنة اللاحقة، بعد أن خلع وصف "الدولي" الذي كان يرافقه، وتواضع فاكتفى باسم "معرض الكتاب السوري" تعبيراً عن محلية دور النشر المشاركة فيه. وأقام دورته الثانية في 12 من تشرين الأول لهذا العام.

افتتحت وزيرة الثقافة المعرض الذي شاركت فيه 50 دار نشر، 11 منها عامة و12 للأطفال. وزاره "حشد من المهتمين" جاؤوا فرادى أو في مجموعات كوفد الهيئة الطلابية في كلية العلوم السياسية، وطلاب مدرسة "دوحة الأمل" الابتدائية، وفريق "مئة كاتب وكاتب في سورية".

بعيداً عن العاصمة، وفي اليوم نفسه الذي وقّع فيه الجعفري كتابه، السبت 22 من تشرين الأول؛ افتتحت "هيئة الثقافة والفن" في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا النسخة السادسة من معرض "هرَكول" للكتاب الذي تقيمه في مدينة القامشلي

وعلى هامشه عُرض عدد من الأفلام، أحدها لجود سعيد وآخر لعبد اللطيف عبد الحميد، كالمعتاد، وفيلم ديكودراما "الرحلة 17" الذي "يجسد بطولات الجيش العربي السوري" في الرقة. كما نُظّمت ندوة عن ترميم المخطوطات وثانية عن تاريخ وصناعة ومزايا آلة العود. وجرى توقيع عدد من الكتب؛ لنوري المدرس بعنوان "الأجوبة على داء الزهايمر"، ولعائشة حسنات في مجموعتها الشعرية النثرية الأولى "يممت حلماً". في حين خُتم المعرض بمحاضرة لبشار الجعفري، نائب وزير الخارجية والمغتربين وقتئذ، تحدث فيها عن كتابه "السياسة السورية الخارجية" الذي تناول، كما قال "أسد الدبلوماسية"، مرحلة بارزة من تاريخ البلاد تداعت فيها الأحداث بشكل مكثف، وكان لدمشق فيها "الكلمة الفصل".

بعيداً عن العاصمة، وفي اليوم نفسه الذي وقّع فيه الجعفري كتابه، السبت 22 من تشرين الأول؛ افتتحت "هيئة الثقافة والفن" في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا النسخة السادسة من معرض "هرَكول" للكتاب الذي تقيمه في مدينة القامشلي. وقد شارك فيه 13 ألف عنوان عرضتها قرابة 50 دار نشر سورية وأوروبية وعربية. وحوى أربعة عشر جناحاً للكتب الكردية وجناحاً لكتب الأطفال الذين عُرض لهم 200 عنوان بالكردية و70 بالإنكليزية و40 بالعربية.

وقال تقرير صحافي من هناك. صاحبت المعرض محاضرات وندوات وفقرات موسيقية ومسابقات. وزارته وفود من الإدارة الذاتية التي دعمت تخفيض أسعار بعض الكتب للطلاب، كما قال مدير منشورات "نقش"، التي تهتم بنشر الكتب المترجمة إلى الكردية، والتي شاركت بأكثر من 15 عنواناً من مطبوعاتها هذا العام.

قبل ذلك كانت مكتبة أخرى باسم "نقش" قد طرحت 38 عنواناً من منشوراتها في إدلب، أحدها "اتكاءة على حد السيف" الذي يروي فيه أبو حذيفة السوداني تجربته الجهادية الأفغانية. وذلك في المعرض الذي نظمته مديرية الثقافة التابعة لإدارة الشؤون السياسية في 18 من آب الفائت، وشاركت فيه 15 مكتبة ودار نشر عرضت 9 آلاف عنوان.

وحمل المعالم المميزة للنشاطات العامة التي تجري في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" لجهة الاختلاط بين الهيئة وحكومة الإنقاذ والقطاع العام/الخاص الوسيط الذي لا تتضح تبعيته لأي منهما. فإدارة الشؤون السياسية كيان غامض يقال إن من يرأسه هو أحد المقربين بشدة من أبو محمد الجولاني، كما يشاع أنه مَن وضع يده على مبنى قديم كبير، أقيم فيه المعرض، وحوّله إلى مقهى عصري باسم "كتاب كافيه" يقع بالمصادفة في عنوان ذي دلالة على الوضعية الانتقالية القلقة للهيئة؛ مقابل جامع التوحيد وخلف فندق الكارلتون.

من إشارات الدعم المكثف الذي حظي به المعرض زيارة قائد الهيئة له، وافتتاحه بيد رئيس حكومة الإنقاذ التي تقاطر وزراؤها، يوماً بعد يوم، لارتياده. فضلاً عن "مشايخ الساحة" ووفود من وجهاء دمشق، وحلب، والساحل، والعشائر السورية، والهيئة العامة للمهجرين

ومن إشارات الدعم المكثف الذي حظي به المعرض زيارة قائد الهيئة له، وافتتاحه بيد رئيس حكومة الإنقاذ التي تقاطر وزراؤها، يوماً بعد يوم، لارتياده. فضلاً عن "مشايخ الساحة" ووفود من وجهاء دمشق، وحلب، والساحل، والعشائر السورية، والهيئة العامة للمهجرين. وقد صاحبه معرض للخط العربي، وأمسية شعرية للمدائح النبوية، ومحاضرة خاصة للنساء.

وذلك في حين أن اعزاز، أبرز معاقل الجيش الوطني، اضطرت إلى تأجيل معرضها للكتاب عن موعدٍ في الشهر الماضي بسبب هجوم "هيئة تحرير الشام". وعادت فافتتحه في 15 من تشرين الثاني الجاري، من دون رعاية رسمية. فعلى خلاف المعارض السابقة تصدت للمهمة فرق تطوعية وناشطون أفراد، مستفيدين فقط من المجلس المحلي الذي قدّم الصالة. شاركت في المعرض 12 مكتبة من المناطق المحررة طرحت 10 آلاف عنوان بيعت منها الروايات بشكل أساسي. وعلى هامشه نُظّمت جلستا شعر بعنوانَي "أدب السجون" و"الحرية انتماء"، وجلسات للتعريف بكتب منها "النظام الشمولي" و"سيكولوجية الإنسان المقهور"، ومحاضرة بعنوان "الثورة السورية إلى أين؟".