سوريا الإيرانية أم العربية… اختلاف حافظ وبشار

2021.11.25 | 05:15 دمشق

2021-06-20t153815z_1738669890_rc2f4o96sqw1_rtrmadp_3_iran-nuclear-talks.jpg
+A
حجم الخط
-A

تترقب المنطقة أجواء عودة المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية. بين عهد ترامب وبايدن، يظهر اختلاف واضح في المسار حول طريقة التفاوض النووي. هنا حصل الانقلاب في الأدوار، إذ كان ترامب يصر على التفاوض حول النفوذ الإيراني في المنطقة، فيما ترفضه طهران.

أما اليوم فإن إيران هي التي تريد التفاوض على ملفات المنطقة فيما تريد واشنطن حصر الاتفاق بالشق النووي التقني. هذا التغير يعود إلى أن فكرة طهران تتعلق بتكريس مكتسبات في المنطقة انطلاقاً من الملف النووي. تسعى إيران لانتزاع الاعتراف الأميركي بالمكتسبات التي حققها حالياً، لأنه يعلم أنه لن يكون قادراً على تحقيق المزيد منها.

أما الجانب الأميركي فلا يريد لإيران تكريس هذه المكتسبات بل إظهار أزمته في الملفات الإقليمية أكثر، ومن بينها السماح لحزب الله بإدخال المازوت الإيراني إلى لبنان، فتبين أنها عاجزة عن سداد الحاجة في المجتمع اللبناني، وحتى داخل بيئة الحزب. ما أدى إلى تعميق وطأة الأزمة لدى حزب الله، خصوصاً بعد انعدام قدرته على تكريس أكثريته النيابية ليحكم كما يريد، فجاءت الأكثرية متزامنة مع انهيار مالي واقتصادي كبير، وتراجع في صفوف حلفائه لا سيما على الساحة المسيحية.

تلك الأزمة العميقة في لبنان لها ما يقابلها في سوريا، وهي انعدام القدرة على السيطرة وفرض المشروع والحفاظ على المكتسبات. فهناك المشروع العربي الذي يسعى إلى التطبيع مع الأسد وتمرير النفط والغاز والكهرباء.

وهذا يعني انتقال الصراع إلى مرحلة جديدة، بين سوريا التي تريدها إيران معقلاً لتحالف الأقليات وسوريا التي يُراد إعادتها إلى "الحضن" العربي. وليس مهماً إعلان الانتصارات إنما القدرة على استثمارها وتكريسها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن إيران لن تنجح في فرض السلام في سوريا وتكريس الاستقرار، إنما ساعدت بشار الأسد على ضرب المجتمع وهزيمة الثورة وعسكرة الصراع وتأبيده.

وهذا يختلف جذرياً عن الدور الذي لعبه حافظ الأسد سابقاً في لبنان وانتزع من خلاله اعترافاً دولياً، عندما عمل على تكريس "السلم اللبناني" بعد اتفاق الطائف، فتم الاعتراف به دولياً كلاعب إقليمي مستلم لزمام الأمور لبنانياً. هذه نقطة أساسية تغيب عن بال الإيرانيين والأسد، وبالتالي من أوائل بروز وظهور مقومات "الانتصار" لا بد لها أن تكون مقرونة بتكريس الاستقرار، والذي في حال لم يتكرس فإن الصراع سيبقى مفتوحاً.

من الواضح أن الصراع القائم يؤدي إلى استنزاف طويل لإيران، لجهة القدرة على تحمّل العقوبات، واستنزاف اقتصادي ومالي، لا بد أنه سيكون له أثر حقيقي على مسار التفاوض. فتجد إيران نفسها مطوقة بملفات أخرى غير الملفات الداخلية والملف السوري، الجبهة الأذربيجانية مفتوحة، والوضع في أفغانتستان، بالإضافة إلى إعادة تعزيز العلاقات الباكستانية السعودية، في ظل انخفاض القدرة على التصعيد الأمني والعسكري بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وهي التي تبحث عن تهدئة في العراق بدلاً من حصول أي تطورات سلبية.

هنا لا بد لطهران أن تترقب مسار الانسحاب الأميركي من العراق سيكون عنصراً مزعجاً لطهران، بارتداداته على الرغم من محاولتها لتصوير ما جرى أنه انتصار، وهنا ستخرج أصوات كثيرة تطالب بالخروج الإيراني من العراق على غرار الخروج الأميركي، لا سيما أن قوة طهران في العراق كانت مستمدة من قدرته على المساومة مع الأميركيين، أما بعد الانسحاب فلن تكون هناك جهة قابلة للمساومة.

تحاول طهران الاستعاضة عن كل هذه الهموم، بحصر الصراع مع المملكة العربية السعودية، انطلاقاً من حسابات سياسية وطائفية ومذهبية، وهذا يؤكد مجدداً أن الصراع يأخذ طابعاً آخر عربياً إيرانياً، وهو ما سيكون قابلاً للاستثمار من جهات متعددة روسية أميركية وأوروبية.