دور جامعة الدول العربية في الأزمة السورية

2020.10.07 | 00:02 دمشق

kvkwyrrw.jpg
+A
حجم الخط
-A

عند الحديث عن دور جامعة الدول العربية في سوريا، لا نجد دورها مختلفا عن دورها في كثير من الأزمات الإقليمية التي تعصف بالمنطقة، فمع بداية الثورة السورية وتصاعد حجم العنف من قبل نظام الأسد ضد المتظاهرين السلميين تحركت الجامعة في سبتمبر 2011 وقررت إرسال بعثة تقصي حقائق إلى سوريا بقيادة الجنرال السوداني الدابي، تعرضت البعثة لكثير من الانتقادات بسبب غياب مهنيتها وضعف التقرير النهائي الذي قدمته مما زاد انقسام الجامعة حول الدور الذي يجب أن تلعبه حينها في الأزمة السورية، ويمكن القول حينها إن الجامعة لعبت دورا نشطا سيخمد نهائيا بعد فترة مع استمرار الأزمة وتصاعد حدتها.

حيث استمر نظام الأسد باستخدام العنف ضد المتظاهرين العزل فقررت الجامعة تجميد نشاط نظام الأسد ضمن مؤسسات الجامعة وذلك تحت ضغط تأثير دول مجلس التعاون الخليجي التي كانت حينها تعمل تحت تأثير صوت موحد من أجل الدفع بدور أكبر للجامعة في الأزمة السورية وبفعالية كبيرة حينها من رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية حمد بن جاسم.

ثم قررت الجامعة تسمية المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي كمبعوث مشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة ومع استقالته في عام 2012 انتهى دور الجامعة تقريبا، حيث تصاعد الدور الدولي مع استخدام روسيا لحق النقض الفيتو وعدم فعالية الولايات المتحدة في إدارة الأزمة مما حيد وهمش دور جامعة الدول العربية نهائيا قبل أن تنكفئ كليا وتقرر الانسحاب تماما من الملف السوري حيث لا بيانات تصدر ولا دبلوماسية سياسية أو مواقف معلنة رغم تصاعد الأزمة الإنسانية والسياسية في سوريا إلى مستويات غير مسبوقة في عام 2015.

ثم ومع قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إن دول المنطقة يجب أن تتحمل تكاليف أكبر في مواجهة “داعش” في عام 2018، ثم تصريحاته عن ضرورة أن تدفع السعودية أربعة مليارات دولار في مقابل بقاء القوات الأميركية في شرق سوريا، أثارت تكهنات كثيرة بشأن مشاركة قوات عربية مكان القوات الأميركية التي أعلن الرئيس ترامب أنها يجب أن تنسحب قبل أن تتعدل تصريحاته؛ إنها ستبقى هناك إلى فترة لا تطول عن ستة أشهر.

كان رد الرياض حينها أنها مستعدة لإرسال قوات عربية تحت غطاء التحالف الدولي إلى سوريا، بل كرّر وزير الخارجية السعودية، عادل الجبير وقتها، مرات إن بلاده عرضت إرسال قوات سعودية إلى سوريا مرتين خلال فترة الرئيس أوباما والآن تكرر العرض نفسه. وقال “ما زلنا نبحث آلية إرسال هذه القوات إلى سوريا بغطاء من التحالف الدولي”.

ويعود موضوع تشكيل القوات العربية المشتركة إلى عقود طويلة، حيث بحث الموضوع ضمن إطار جامعة الدول العربية، وبسبب الخلافات السياسية الدائمة فشل تحقيق الموضوع، وكان عصب الفشل هذا ما سميت القوات العربية التي دخلت لبنان في عام 1976 به، لكنها في معظمها كانت قوات سورية، هدفت إلى إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، غير أنها بقيت هناك حتى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في عام 2005، ولذلك لم تفكر أي من السعودية أو مصر بالذهاب إلى جامعة الدول العربية للحصول على تفويض بإرسال قوات عربية إلى سوريا، لأنها تعرف الانقسام السياسي داخل الجامعة. وفي الوقت نفسه، ثمة الرصيد السياسي لإرسال قوات كهذه بناءً على التجربة اللبنانية السابقة.

باختصار، بالرغم من الحركة الدبلوماسية النشطة التي لعبتها الجامعة في بداية الأزمة السورية إلا أنها صمتت وماتت نهائيا ولم يعد لها أي تأثير، ومع انقسام الجامعة بشكل كبير مع انقسام مجلس التعاون الخليجي بعد فرض الحصار على قطر في عام 2017 يمكن القول أن الجامعة أصيبت بالشلل المطلق، ولم تصحُ من سباتها إلا في عام 2019 بعد تعيين أمين عام جديد هو وزير الخارجية المصري الأسبق أحمد أبو الغيط الذي ربط مسار الجامعة كليا بموقف وزارة الخارجية المصرية ولذلك بدأت الجامعة بإصدار بيانات تدين التدخل التركي في سوريا وتتناسى التدخلات الإيرانية والروسية ووجود قواتهما على الأراضي السورية فضلا عن وجود القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا.

وهو ما دفع المعارضة السورية لانتقاد بياناتها باستمرار وبنفس الوقت وصلت الجامعة إلى خلاصة أن دورها في الأزمة السورية سيبقى محدودا إن لم نقل إنه معدوم بالمطلق فقررت الصمت وهو ما كتب فصلا جديدا من فصول موت المؤسسة الإقليمية العربية الأقدم في العالم.