دمشق.. صورة عن مخطط الخراب البعثي

2021.09.11 | 06:12 دمشق

sh.jpg
+A
حجم الخط
-A

دائماً سيجد حكام سوريا البعثيون الفاسدون ما يقولونه في كل خطوة تشويه يتخذونها نحو تحقيق هدفهم الذي وضعوه نصب أعينهم لتغيير وجه دمشق، وتحويلها إلى مجرد مدينة مرمية على سرير النهر الفقير (بردى)، ونشر تجمعات الصفيح حولها كالجذام حيث لا مفر أمام عشاقها في قادم الأيام سوى صنع (ألبوم) للذكريات يباع للقادمين إليها في المكتبات التي تجاور المسجد الأموي.

وخلال العشر سنوات الأخيرة تم مسح الحزام الأخضر في محيط (داريا) الملاصق للعاصمة حيث تم تجريف شجيرات الصبّار بزعم أنها تخفي عناصر العصابات المسلحة، وكذلك بساتين الرازي التي تصل لقلب دمشق، وأما جوبر وحرستا والمعضمية ووادي بردى وكفرسوسة فلم يكن مصيرها مغايراً فتحولت إلى غابة إسمنت بشعة وعارية.

الغوطة الشرقية انتهكت قبل عقود منذ أن زرعت في قلبها الدباغات التي تنفث سمومها ومخلفات الجلود والأصباغ، وتحولت مياه النهر إلى بركة من العفن الذي تسقى به المزروعات مدعومة بسيل الصرف الصحي الذي اخترق قراها ليسمم الهواء أيضا، وامتدت على حواف النهر الفقير معامل الرخام في سقبا وعربين بالمئات لتترك الطمي الرخامي في قلب النهر حيث تحولت الأراضي الزراعية الخضراء إلى كلسية بيضاء عندما لم يترك لفلاحيها سوى خيار الري بالسموم.

في مقابل كل هذا الخراب السرطاني لم تمنع على سكان العشوائيات كل وسائل إتلاف الأراضي في كل الريف الدمشقي بحجة عدم تخديمهم بالصرف الصحي والمياه النظيفة لكونها مناطق مخالفة

منذ يومين تقوم جرافات النظام بسحق (المصاطب) الشعبية المنتشرة على ضفاف وادي بردى في قرى (بسيمة وأشرفية الوادي وجديدة الوادي)، والذريعة أن أحد مستثمريها قام برمي الأتربة في النهر، ولكنها -وفق الأهالي- عقوبة جماعية لسكان الوادي الذين وقفوا ضد النظام، وقطع لأرزاقهم في موسم الصيف حيث يأخذون أجوراً زهيدة من المصطافين ذوي الدخل المحدود الذين اعتادوا أن يتنزهوا بعيداً عن الملاهي التي تحتل كامل النهر والكازينوهات التي تنشر الدعارة والحشيش تحت عين المخابرات والشرطة.

في مقابل كل هذا الخراب السرطاني لم تمنع عن سكان العشوائيات كل وسائل إتلاف الأراضي في كل الريف الدمشقي بحجة عدم تخديمهم بالصرف الصحي والمياه النظيفة لكونها مناطق مخالفة فانتشرت حفر الصرف الصحي الفنية التي تسربت منها المياه السوداء إلى كل مسيل ونبع نقي، وهذا أيضاً أدى إلى جوائح مرضية وأوبئة نتيجة اختلاطها مع مياه الشرب، وهكذا عادت أمراض التهاب الكبد الوبائي بأنواعه لتعم معظم مدن الريف.

ومع تدمير بيوت أهالي كفرسوسة بحجة نقل العاصمة إلى شكلها المتحضر- وتهجيرهم إلى ريف السيدة زينب- تم السماح بمحاصرة المدينة بالفطر المخالف في السومرية وعش الورور ومزة 86 ومساكن الجيش في كامل الريف الدمشقي، وفي نفس التوقيت تم هدم السوق العتيق الأثري في وسط العاصمة وتحويله إلى حديقة بائسة للمشردين، وتحويل المرجة من ساحة للشهداء إلى وكر للدعارة التي تعشعش في فنادق نصف الدرجة السياحية.

تترافق حملة التشويه لصورة عاصمة السوريين مع إفقارهم وتهجيرهم حيث لم يترك لهم النظام إلا خيارات البقاء مع الجوع أو الهروب

اليوم يتم التخطيط لمدينة مختلفة برعاية وتمويل إيراني حيث السيدة زينب هي قلب دمشق بفنادقها وسياحتها الدينية، وبذريعة إعادة الإعمار تم تجريف بيوت جوبر وحرستا وما بقي من كفرسوسة والإعلان عن مشاريع سكنية واستثمارات كبرى، وكذلك تهديد أحد معالم العاصمة (محطة الحجاز) من خلال السماح بإقامة فندق سياحي بجوارها بعد هدم المقهى الشعبي القديم، وبعد حين ربما تفتح الدفاتر القديمة للتجمعات السكنية في جبل قاسيون ليتم هدمها وفق ما كانت في جدول المخطط السري للمستشارية الإيرانية.

تترافق حملة التشويه لصورة عاصمة السوريين مع إفقارهم وتهجيرهم حيث لم يترك لهم النظام إلا خيارات البقاء مع الجوع أو الهروب فأرض الله واسعة وبلادهم ضيقة، وعليهم أن يحلموا بالعودة إلى مدن لا تشبههم ذات يوم أو أن يحملوا إلى وقت طويل (ألبوم) الصور ومفاتيح البيوت المحطمة.