خطاب رامي مخلوف القادم

2020.08.12 | 00:02 دمشق

ramy_mkhlwf.jpg
+A
حجم الخط
-A

من خلال متابعتي لخطابات رجل الأعمال السوري الأخ رامي مخلوف، وكتاباته الفيسبوكية، جاءني تهيُّؤ يشبه تهيؤات ضَرّابي المندل وفتاحي الفأل، بأن هذا الإنسان الطيب، الحباب، التقي، الورع، الذي كان عزيزاً وشاء الله السميع العليم أن يذله.. يمكن أن يكتب بوستاً، أو يبث فيديو على الفيسبوك، في وقت قريب، يقول فيه:

- بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين. إلهنا، أنت مولانا ووكيلنا، فنعم المولى ونعم الوكيل.

أخواتي وإخواني السوريون الأعزاء، أسعد الله أوقاتكم بكل خير، وبعد؛ فإن الله العزيز القدير قد جعل القرى مدناً، والمدنَ حواضرَ، والأيامَ دولاً، مَن سره زمنٌ ساءته أزمانُ.. وشاء ربي، روحي فداه، أن تزول الدول التي لا يحصّنها حكامُها بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وتَدُول.. وأما أهل الضلال، وما أدراك ما أهلُ الضلال، فيريدون أن يُخرجوا الإنسان التقي عن تقاه، ويُجبروا العادل على الإلحاف، والحصيفَ على الإسفاف، ذريعتُهم على الدوام هي الوطن، وأمن الوطن، ومستقبل الوطن، وهم يدرون؛ أو ربما لا يدرون بأننا إلى حب الوطن منهم لأسبقُ، وإلى فعل الخير لأمْيَلُ.

لقد وجهوا إليّ، في هذه الأيام الفضيلة، رسالة ظاهرها النصح والموعظة الحسنة، والله يعرف ما يضمرون فيها من شرور وآثام، أوليس هو القائل في محكم تنزيله "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم"؟.. صدق الله العظيم.

يطلبون مني، في رسالتهم، أن أتغير. قلت لهم، بعدما سميتُ بسم الله الرحمن الرحيم، إن التغيير يا إخوتي نوعان، إلى الأمام، وإلى الخلف، وأنا لم أرجع إلى الخلف (أنرييه) حتى وأنا أدور سيارتي، وقرأت عليهم الآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) صدق الله العظيم..

بالنسبة إلي، إخوةَ الإيمان، إخوتي، أنا العبد الفقير لله، رامي بن محمد مخلوف، لم أتغير طيلة حياتي، فقد ورثتُ الثبات على المبادئ عن أبي وجدودي، جدودي الذين يؤمنون بالله وبرسوله، وبالقضاء خيره وشره من عند الله. اعلموا، يا إخوتي، أن جدودي، آل مخلوف، كادوا أن يرتكبوا خطأ يندمون عليه مدى الدهر، حينما رفضوا، في بادئ الأمر، تزويج عمتي أنيسة، للضابط حافظ الأسد، على أساس أن عائلتنا، برأيهم، أعلى سوية من عائلة الأسد، وأكثر أصالة وعراقة.. بيد أن هذا كلام لا يمكن تصنيفه إلا في خانة "الخلط والتخبيص"، فالرجل ليس من مستوانا، نعم، ولكنه صار رئيس جمهورية! يعني، بلا مؤاخذة، أنتم يا آل مخلوف، طوال عمركم، هل طلع منكم رئيس جمهورية، أو حتى وزير دولة بلا حقيبة؟

لعله من حسن الطالع، أو لحكمة لا يعلمها غير ربي، وافق آل مخلوف، في ذلك الحين، على تزويج عمتي أنيسة من حافظ، وبقدرة قادر يا إخوتي، قفز جدي، رحمه الله، فأصبح نسيباً لرئيس البلاد!

لعله من حسن الطالع، أو لحكمة لا يعلمها غير ربي، وافق آل مخلوف، في ذلك الحين، على تزويج عمتي أنيسة من حافظ، وبقدرة قادر يا إخوتي، قفز جدي، رحمه الله، فأصبح نسيباً لرئيس البلاد! وصار والدي محمد مخلوف ابنَ حميه، ووقتها قال لنا الكريم خذوا يا آل مخلوف. سبحان ربي ما أغناه وما أكرمه، إذا أعطى، يعطي بغير حساب.. لم يصبح والدي، بفضل تلك الزيجة المباركة، من أغنى أغنياء القرداحة، ولا اللاذقية، ولا الساحل السوري، ولا سورية كلها، بل من أغنى أغنياء العالم، صار صاحبَ أملاك وعقارات وأطيان وشركات ووكالات وأساطيل برية وبحرية، وصار عندنا خدم، وحشم، وبَدي جاردات، وشبيحة.. أنا، في تلك الأيام، كنت صغيراً، أتأمل ما يجري حولي بعين الفتى اليافع، الطموح، وأدعو الله، كلما استيقظت لصلاة الفجر، أن يلهم زوج عمتي المحترم حافظ، أن يورّث البلاد لولده بشار، بعدما شاءت حكمتُه أن يقصف عمر باسل، لا لطمع في نفسي، معاذ الله، ولكن لكي أقف معه وقفة أكبر من وقفة والدي محمد مع والده حافظ، ويبدو أن أبواب السماء كانت، أثناء إحدى صلواتي ودعواتي، مفتوحة، فاستجاب الله لدعائي، ووَرَّثَه، وبدأنا، أنا وابن عمتي بشار، كما يقول العوام، بالقَلْع والشَتْل، والـ(خذ عني جئتك).. لم نترك طيراً اقتصادياً يطير فوق سماء سوريا التي يحميها الله بحماه، ولا وحشاً يسير، إلا وكَعَدنا له - على حد تعبير كاظم الساهر - عَ الدرب كعود، نسمي بسم الله الكريم، الذي لا يضرنا مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، ونقصّ من الزبون القادم إلى سوريا للاستثمار النسبةَ التي نحددها نحن، نقول (هات)، فيدفع لنا وهو صاغر، مذلول، فإن لم يدفع أضع أنا قدمي اليمنى، وبشار قدمه اليسرى في مؤخرته، ونرفسه وندحرجه فيعوي، ويسمع سكان جزيرة قبرص عواءه.

وكما تعلمون، يا إخوتي الأكارم، فقد ساعدني ابن عمتي بشار بكل ما يلزم لي لتشليح التجار الكبار والصغار أموالهم، بالقانون. لماذا بالقانون؟ لأنني، كما تعلمون، شببت على خلق رفيع، هو أنني لا آكل من المال الحرام.. فإن لزمني قانون أحلل به لقمتي كنت ألجأ إلى بشار، وسرعان ما يرفع السماعة ويتصل بمجلس الشعب ويأمرهم بإصداره، وهم، للأمانة، لم يصدروا أي قانون لأجلنا (على الهسي)، بل طالما أصدروه وهم يهتفون ويغنون ويدبكون، وكانت بنطلوناتهم تنفتق من شدة النخ أثناء الدبكة، وكنت أرسل موظفين من عندي يجمعونها ويأخذونها إلى الخياط ليرفأها ويعيدها لهم وكأنها جديدة، أفعل لك لسببين، أولهما أن هذا البنطلون سيلزم لنا في دبكة لاحقة تترافق مع إصدار قانون آخر يحصنا، والثاني إنه ليس من اللائق، يا إخوتي، أن يمشي عضو يمثل شعبنا في شوارع عاصمتنا العظيمة وبنطلونه مفتوق من الخلف.

بشار ساعدني، وقدم لي ما يلزم، صحيح، ولكن هذا كله لم يَضِعْ معي، فقد قال الشاعر (لا يذهب العرف بين الله والناس)، وأنا أضيف عليها لا يذهب العرف في سبيل الوطن.. هل أشرح لكم كيف تم ذلك؟ نعم. فأنا محسوبكم، العبد الفقير رامي مخلوف، لم أقصر، والله، في دعم أجهزة المخابرات التي تحفظ أمن الوطن! ولا في دعم القوات التي يسميها الزميل قبنض (الرادفة) التي تردف حماة أمن الوطن! ولا في توزيع المال على أسر الإخوة الشبيحة الذين يستشهدون في سبيل الوطن! فبأي حق، بالله عليكم، يأمر ابن عمتي وامرأته الخبيثة بتشليحي أموالي وشركاتي التي تعمل لمصلحة الوطن؟

الله يسامحهم، الله يسامحهم، الله يسامحهم.. والله ولي التوفيق.