حماقة الثورة وبراءة بشار الأسد!

2021.03.18 | 06:07 دمشق

2021-03-15t130025z_1959638446_rc2pbm9y1i39_rtrmadp_3_syria-security-anniversary-protests.jpg
+A
حجم الخط
-A

ومن طرائف قراءة تعليقات السوريين المؤيدين لنظام الأسد، وأولئك الذين يدعون الحيادية، أو الرمادية، خلال الأيام الماضية والحالية، أي في فترة إحياء ذكرى الثورة ضده، أنك سوف تتابع لوم هؤلاء للثائرين، على شكل مقطع سردي متكرر، يلقي بأسباب الكارثة على الضحية، ويحاول تبرئة القاتل من جريمته!

وهكذا، سيسأل هؤلاء، بجدية؛ عن الحماقة التي أصابت السوريين الذين قرروا في الـ 15 والـ 18 من آذار لعام 2011 أن يثوروا ضد النظام،

فيقولون:

"كيف سوّلت لهؤلاء أنفسهم أن يصرخوا معترضين في شوارع دمشق ودرعا وحمص وبانياس، وفي الأيام العشرة التالية، وصولاً إلى يوم 25 آذار، حيث تلقّف النداء مجانين آخرون في أكثر من 70 نقطة تظاهر في كل جهات البلاد؟!

وأي فكرة شيطانية هذه، تلك التي تجعل هؤلاء المواطنين يستفزون السلطة وأجهزتها الأمنية، فتقرر إفراغ مخازن طلقات الأسلحة الأوتوماتيكية بأجسادهم"؟

ويتابعون:

"ألا يشعر من بقي حياً من أولئك الذين نجوا من الاعتقال، ومن الموت برصاص القناصين، أو من الموت تحت البراميل، ومن الاختفاء على الحواجز، وكذلك من قطع الرؤوس على يد داعش، وأيضاً من التغييب في سجون الفصائل الجهادية، ومن الموت في البحر غرقاً، في رحلة الهروب من الموت؟ إضافةً إلى محاولات إغراق القوارب المطاطية على يد خفر السواحل اليونانيين، قبل أن ينتهي بهم المطاف كلاجئين يعيشون "أذلاء" بحماية الدول الغربية، التي تستقبلهم مضطرة، بسبب القواعد المنصوص عليها في الأعراف والقوانين الأممية!

ألا يشعر هؤلاء بالخجل من أنفسهم؟

كيف ثاروا؟ وتركوا بيوتهم للنهب والسلب، ثم فروا من وطنهم؟!

وقد عادوا الآن حيث هم، ليحتفلوا بذكرى مرور عشر سنوات على لحظة الخراب تلك"؟

ويتوجهون للاجئين الآن بشكل مباشر بعد أن كانوا يتحدثون عنهم بصيغة الغائب؛

"أين اختفى الناموس من وجدانكم، فلم تستمروا على دين آبائكم وأجدادكم، الذين عاشوا بصمت، دون الالتفات إلى الأخطاء الصغيرة هنا وهناك، حتى أحالوا تاريخ سوريا إلى لوحة جميلة لا يضيرها قليل من ألوان الهزائم والخسارات، والنكبات، وهدر الموارد، وإفقار العباد، وقمع الحريات، ونشر السجون في كل مكان؟!

لماذا قررتم وبصفاقة أن تعبثوا بخط الأفق، الذي لا يغيب عن أي عيون، تتّبع حيواتكم المزركشة بأفعال نظام الأسد الأب ومن بعده الابن؟

لقد تجاسرتم على التفكير بحمق، وذهبتم أبعد مما يسمح لكم؛

لماذا حماقة الثورة؟

وقد عاش السوريون سعادة ونشوة الانقلابات العسكرية في العقد الأول بعد الاستقلال؟

وبعد ذلك عاشوا عقد آخر حفل بالوحدة مع مصر ثم انفصلوا عنها، فعاد البعثيون لينقلبوا على الحكومة الليبرالية، مفتتحين عقود ثورة الوحدة، والحرية، والاشتراكية، وتجارب متعددة، من انقلابات الرفاق على بعضهم، ثم سيطرة الأسد على كل شيء!

كيف تثورون وقد عقّم سوريا من السياسيين من أجلكم، ومن أجل ألا يأتيكم وجع الرأس من الأحزاب وترهاتها؟

كيف تتخلون عن الإحساس بالعزة، بعد أن انتصر في معاركه مع المعارضات المتنوعة؛ فقتل وأعدم الآلاف من "عصابة الإخوان المسلمين العميلة"، وسجن وغيّب المعارضين في السجون من جراء ما اقترفته أيديهم من تعامل مع الرجعية والإمبريالية!

ألم يتحارب حافظ الأسد مع أخيه رفعت من أجلكم؟

ألم يحول سوريا إلى دولة محورية في السياسات الإقليمية وفي المافيا الدولية، على حدٍ سواء، كي تشعروا بقيمتكم؟

بربكم! لماذا تثورون وقد بات لبلدكم هذه المرتبة المهمة في قائمة الدول المارقة؟

ألم تعيشوا انتصارات جيش الأسد على القوى المدعية للوطنية في لبنان؟

ألم يطرد جماعة أبو عمار، وغيره من مدّعي المقاومة الفلسطينية؟

لماذا لا تقدرون للقائد الخالد مشاركته إيران الحلف ضد صدام حسين؟!

ألم تكونوا سعداء في كل ما فعله، وما فعله الابن لاحقاً؟

كيف جرى، أن كل عقود تاريخكم، كانت مليئة بالإنجازات، ثم حدث وتناسيتم كل هذا، وقررتم أن تعترضوا؟

فأجبرتم بشار الأسد أن يقتلكم، وأن يستدعي الميليشيات الطائفية من كل حدب وصوب كي تساعده على قتلكم؟

وجعلتموه مضطراً لأن يطلق من سجونه كل المتطرفين، الذين لبوا النداء من أجل تحويل حراككم إلى معركة بين النظام وبين الفصائل الجهادية!

ثم دفعتموه دفعاً كي يستدعي الجيش الروسي، بعد أن فشل حليفه الإيراني في قتلكم، بعد أن تكشّف جيشه العقائدي، حماة الديار عن مجاميع من اللصوص والسراق!

لقد خربتم بلادكم الجميلة، السعيدة، وجعلتم خزينة الدولة فارغة، بعد أن حُولت موجوداتها للإنفاق على الحرب معكم، بالتوازي مع توزيع الحصص، بين العائلة وحواشيها!

لقد فعلتم كل شيء أدى إلى هذه المأساة المروعة، التي لم يكن الأسد فيها مذنباً، بل مؤامرتكم عليه وعلى بلادكم، مع الأميركيين الذين فرضوا عليه أخيراً قانون قيصر!

لماذا خالفتم التوقعات عنكم، في الأيام الأولى للربيع العربي، بعد أن قال بشار الأسد للصحافة العالمية إن سوريا مختلفة عن غيرها، وإن شيئاً لن يحدث فيها!

لقد كنا نحن كما أرادنا، فلماذا خنتم عهود الصمت، وثرتم؟

ألا تشعرون بأنكم قد أجرمتم بحقنا؟

لماذا خربتم علينا نعمة الأمن والأمان، وبسببكم حُرم المغتربون منا، زياراتهم الصيفية إلى الوطن؟

كيف ستضعون أعينكم بأعيننا، نحن الذين نحب أن نربط أعناقنا بسيف جلادنا؟!

بينما تطيرون أنتم في السماوات بعيداً، تحتفلون بنسائم الربيع"؟!