"حضرة" الرئيس بشار.. والإرهاب الأخطبوطي

2021.05.06 | 06:01 دمشق

antkhabat_dymqratyt.jpg
+A
حجم الخط
-A

لم يقتصر الدور الوظيفي للطاغية بشار الأسد على إذلال الشعب السوري وتجهيله منذ توريثه نظام الحكم في سوريا عقب موت والده حافظ الأسد عام 2000، بل إنه أخذ منحىً آخرَ، يوازي بخطره ما فعله مع أبيه بالشعب السوري؛ تمثّل في تصدير الإرهاب إلى الخارج الإقليمي، وخاصةً إلى العراق، بعد احتلاله من قبل الأميركان أوائل عام 2003. وأقام بدعم إيراني خراباً واسعاً ونزاعاً سياسياً في لبنان، معتمداً على تركة أبيه العسكرية -الدموية هناك، التي دخلت لبنان بموافقة أميركية إسرائيلية، واتفاق سعودي فرنسي توجته الجامعة العربية في كانون الثاني عام 1976، بذريعة إيقاف الحرب الأهلية اللبنانية، وإخضاع القوى الفلسطينية، لكنه عمد إلى ذلك بالتقتيل والحصار؛ فمجزرة مخيم تل الزعتر كانت دليلاً دامغاً على إرهاب وإجرام هذا النظام.

وفي عمليات أخرى، فعلها الوريث بشار في الأردن، عبر أذرع إرهابية تابعة لــ "تنظيم القاعدة، كلّفتها المخابرات العسكرية السورية لتقوم باستهداف ثلاثة فنادق في العاصمة الأردنية عمان في 9 من تشرين الثاني عام 2005 بتفجيرات عنيفة، أدّت إلى مقتل 57 شخصاً، منهم عدد من الأميركيين، والمخرج السوري الشهير "مصطفى العقاد"، مع إصابة 115 آخرين.

في بداية شهر آذار من عام 2016 أصدرت محكمة أميركية تابعة لمقاطعة كولومبيا تقريراً قانونياً ينص على تجريم نظام الأسد وفق دعوى مدنية تحمل رقم BAH) 00020-cv-12، قدمتها أسر مواطنين أميركيين ضد المخابرات العسكرية السورية لتمويلها الهجمات الإرهابية التي استهدفت عمان بالتنسيق مع قيادات تنظيم القاعدة في العراق. وحكمت غيابياً على نظام الأسد بدفع مبلغ 374 مليون دولار كتعويض لأسر الضحايا الأميركيين.

وبالعودة إلى لبنان.. في نيسان من عام 2005 طُردت قوات نظام الأسد خارج لبنان عقب ضغط دولي، ومظاهرات احتجاج جماهيرية جاءت على خلفية اغتيال رئيس الوزراء السابق "رفيق الحريري"؛ حيث كان نظام الأسد متهماً باغتياله بمساعدة أربعة أعضاء بارزين في "حزب الله" تمت محاكمتهم غيابياً - وهم: سليم عياش، وأسد صبرا، وحسن عنيسي وحسن مرعي. وهذا رصيد آخر في إرهاب نظام الأسد وحلفائه الطائفيين.

وبعد انتهاء الاجتماع التأسيسي للمنظمة، علموا في وقت لاحق من السلطات القبرصية أن أجهزة مخابرات حافظ الأسد حاولت تفجير ونسف الفندق بما فيه، لعلمها أن هناك عدداً من الشخصيات السورية

خلال عام 1983 قام ناشطون وكتاب وحقوقيون وشخصيات عربية وأجنبية مرموقة تصل أعدادهم نحو 70 شخصاً، من بينهم الدكتور عبد الله النفيسي والدكتورة سعاد الصباح، والدكتور برهان غليون، بتأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، الهدف منها فتح ملفات المعتقلين السياسيين في الدول العربية بدعم من لجنة حقوق الإنسان في "جنيف" التابعة للأمم المتحدة. وكان الاجتماع الأول للتعارف، وتأسيس لجان المنظمة وإعلانها بمدينة ليماسول في قبرص.

يقول الدكتور النفيسي ضمن لقاء له في برنامج الصندوق الأسود، إنه سأل زملاءه حول إمكانية إقامة الاجتماع في دولة عربية، فأتى الجواب بأن كل الدول العربية رفضت الأمر! وتم اللقاء في فندق "تشرتشل" بقبرص. وقتذاك، في اليوم الأول، بعد فترة وجيزة من اللقاء، تم إنذار الحضور، وإخلاء الفندق من قاطنيه عبر قوات الأمن القبرصية وإعلان حالة الطوارئ، وعقب ذلك بساعة تقريباً، خرج بعض عناصر الأمن يحملون صندوقين بحذر، وغادرت القوات المكان. وبعد انتهاء الاجتماع التأسيسي للمنظمة، وعودة أعضائها إلى بلادهم، علموا في وقت لاحق من السلطات القبرصية أن أجهزة مخابرات حافظ الأسد حاولت تفجير ونسف الفندق بما فيه، لعلمها أن هناك عدداً من الشخصيات السورية يشاركون في تأسيس هذه المنظمة.

في الثورة السورية منذ انطلاقها عام 2011، استجلب نظام الأسد إلى جانب قواته كما نعرف كل قوى الشر؛ الإيرانية والأفغانية، واللبنانية والعراقية، وشرع الجميع في قتل الشعب السوري المنتفض ضد "الأسد"، على مرأى من العالم أجمع، وتدمير المدن، وتهجير الملايين، بالتزامن مع حملات اعتقال وتعذيب حتى الموت لمئات الألوف من السوريين.

وما أظهرته صور "قيصر" من فاجعة تاريخية بحق الإنسانية، ليس إلا غيضاً من فيض. والغريب، أن إحصائيات تابعة لجمعيات حقوقية دولية والأمم المتحدة، علاوة على هيئات محلية وإقليمية وغربية تعنى بحقوق الإنسان، تشير إلى أن عدد ضحايا الحرب السورية فقط 350 ألفاً؟! وهذا الرقم، نراه موشوماً في كل التقارير الدولية منذ عام 2015.. والآن، نحن في عام 2021، ولم تزل تلك المنظمات الحقوقية تتشدّق بهذه الإحصائية! ونحن السوريين، نعتقد جازمين، أنه بعد تدخّل روسيا في سوريا عام 2015 بــ 63 ألف عسكري ومرتزق، إضافة إلى آلتها العسكرية الضاربة، سقط على أقل تقدير من السوريين أكثر من 100 ألف مدني، بحجة محاربة إرهاب "تنظيم الدولة" وفصائل أخرى متشددة.

قال وزير الدفاع الروسي "سيرغي شويغو" عام 2018 إن "القوات الجوية الروسية قامت بتنفيذ أكثر من 40 ألف طلعة جويّة قتالية في سوريا، منذ عام 2015، منها 21 ألف طلعة تم تنفيذها ليلاً".

وبعد كل هذه المأساة التاريخية، تنادي واشنطن ودول غربية بأنها لن تعترف بانتخابات نظام الأسد المقبلة إلا تحت إشراف الأمم المتحدة! وهم على يقين أن هذه المطالبات عبارة عن "فساء نسر في السماء"

اليوم، حتى هذا التاريخ، "يؤكّد" معظم السوريين وناشطون حقوقيون، أن عدد الضحايا الذين قتلوا من قبل نظام الأسد وحلفائه منذ عام 2011 تجاوز "المليون"؛ هذا الرقم ليس شططاً، ولا ضرباً من الخيال. فعلى مدى عقد كامل من الدمار والدماء، وتهافت الاحتلالات والميليشيات الطائفية، فضلاً عن تآمر القوى الكبرى – صاحبة القرار الدولي على الثورة، ليس على دهاقنة اللجان الحقوقية العالمية ودكاكين منظمات المجتمع المدني أن يستغربوا وينكروا هذا الرقم (المليون)... فالـ 350 ألف ضحية التي تدوّن في تقارير الأمم المتحدة، و"المرصد السوري لحقوق الإنسان" الناطق باسم كوكب عطارد، لربما قضوا فقط في السجون والأقبية الأمنية، على أيدي الجلادين والمحققين، والضبّاط الإيرانيين المشرفين على المحارق الطائفية في فروع المخابرات السورية.

وبعد كل هذه المأساة التاريخية، تنادي واشنطن ودول غربية بأنها لن تعترف بانتخابات نظام الأسد المقبلة إلا تحت إشراف الأمم المتحدة! وهم على يقين أن هذه المطالبات عبارة عن "فساء نسر في السماء"، لا تؤثر بشيء؛ حتى لا نصل إلى هذه المهزلة التاريخية -أمميّاً، كان عليهم استئصال الورم من جذوره، لا أن تقوم دول بسحب سفرائها وعدم الاعتراف بشرعية الأسد، وفي المقابل نجد مؤخرة المندوب السوري الدائم في الأمم المتحدة ملتصقة بالمقعد، ودائمة منذ أول رصاصة أطلقت في صدر مواطن سوري بدرعا، ولم تتحرّك أي جهة دولية فاعلة لإقصائه وطرده خارج هذا المنصب.

يسعى نظام الأسد الآن، إلى تدوير نفسه، بدعم إيراني مُفرط، وحُقَن روسية مركّزة، وتصفيق كوميدي مع تطاير رذاذ لعاب الفرح من قبل ما يسمى " أعضاء مجلس الشعب"، وسوف يفوز بشار الأسد على "منافسيه الأسطوريين"، كما فاز بإرهابه، وتنظيماته الجهادية التي ترعرعت في كنفه على الشعب السوري، والشعوب الإقليمية الشقيقة، باستثناء أصدقائه في تل أبيب.