"حافظ الأسد" وفق تقارير وكالة المخابرات الأميركية

2021.06.10 | 21:46 دمشق

tfasyl-n-hafz-alasd-780x470.jpg
+A
حجم الخط
-A

وصل حافظ الأسد إلى القصر الجمهوري في دمشق بعد سلسلة من الانقلابات والمؤامرات والمصادفات التاريخية، ومنذ العام 1963 تولى أول منصب مهم في الجيش السوري وهو قيادة القوى الجوية التي انتقل إليها بعد فترة قصيرة تم فيها تسريحه من الجيش بعد الانفصال عن مصر، حيث أحيل لوظيفة مدنية في إدارة النقل البحري التابعة لوزارة الاقتصاد. كان الخط البياني للأسد يتصاعد بسرعة في سلم السياسة والسلطة، فراقب انهيار كل من رفيقه محمد عمران والرئيس أمين الحافظ وساهم مع آخرين بسقوطهم، ثم عمل بهدوء لتقوية نفسه بعد هزيمة 67، واستفاد من تجارب زملائه في السلطة، فكون حول نفسه نواة عسكرية، وتحول إلى جناح قوي، حتى حانت لحظة السادس عشر من تشرين الثاني التي جلس فيها على قمة الهرم بعد أن أودع باقي رفاقه سجن المزة العسكري ولم يخرجوا منه إلا جثثا هامدة أو تنهشهم الأمراض المميتة.

جاء حافظ إلى السلطة بشعارات التغيير وبنى على جمود نظام صلاح جديد وجهة نظر معاكسة أعانته في قبول انقلابه وتوسيع المكان له في السلطة

جاء حافظ إلى السلطة بشعارات التغيير وبنى على جمود نظام صلاح جديد وجهة نظر معاكسة أعانته في قبول انقلابه وتوسيع المكان له في السلطة، كانت السفارة الأميركية تراقب بصمت وتسجل التقارير، وفي ذكرى وفاته الحادية عشرة، نشير لبعض التقارير التي كتبت في عقد الثمانينات عنه.

جاء في تقرير استخباري عنوانه الأسد يسيطر على القرار في سوريا: "حكم أكثر من أي رئيس بعد أن نالت سوريا استقلالها، رجل يتخذ خطواته بالتدريج ولا يفضل القفز، ويتصرف ببراغماتية، أزاح خصمه صلاح جديد في وقت مبكر من العام 1970 ولكنه انتظر حتى نهاية العام، قبل أن يزيحه رسميا" ¹.

وفي تقرير آخر قُدم في آب 1983 بعنوان سيطرة الأسد على السلطة: "ظلت السيطرة بيد الأسد لثلاث عشرة سنة، نحن نعتقد بأن قواته الأمنية والاستخبارية بالإضافة إلى قوات النخبة العسكرية التي يقودها أقرباؤه الموثوقون يقفون عقبة أمام أي تغيير، أظهر الأسد تصميما وقدرة على تحطيم أي تحدٍ لسلطته، نعتقد بوجود معارضين له من ضمن مجموعة مستشاريه، ولكن دائرته الضيقة مخلصة وشديدة الولاء له، ولا يوجد أمامه أي منافسة حقيقة، ونعتقد بأن اختلاف وجهات النظر بين حافظ الأسد وشقيقه رفعت هي مناورة لكسب الشعبية ولن يكون هناك أي تغيير في قوة العلاقة التي تربط سوريا بالاتحاد السوفييتي، وما زال النظام يعتقل وجوه كبار معارضيه من الإخوان المسلمين بشكل خاص الذين فقدوا قدرتهم على المعارضة" ².

تقرير آخر مؤرخ في شباط 1987 بعنوان قوات النخبة العسكرية مفتاح الاستقرار والنجاح: "منذ بداية حكم الأسد لعبت قوات الحرس الشخصي للرئيس الدور الأول في حماية سلطته واستقرار حكمه، وبشكل تقليدي عين الأسد أحد أقربائه المخلصين على رأس هذه القوات للتأكد من وفائها، ومتابعة وقوفها وراءه، إن استقرار نظام الأسد يعتمد بدرجة متعاظمة على هذه القوات والتي أعيد النظر بها بعد الأزمة الصحية التي تعرض لها الأسد في العام 1984، في الأشهر القليلة الماضية جرت بعض التغييرات المهمة ضمن الدائرة الضيقة، ففي حين تم تخفيض القوة التي بيد محمد الخولي أعطي كل من محمد مخلوف وعلي دوبا مزيدا من الصلاحيات"³.

وجاء أيضاً في دراسة مقدمة في آب 1986 بعنوان حزب البعث السوري الصفحة السادسة: "من الممكن أن يلعب السنة دورا في سوريا بعد رحيل الأسد، قد يلجؤون إلى حزب البعث نفسه، رغم أن معظم السنة يعتبرون أن حزب البعث هو أداة العلويين للتحكم بالسلطة، وبشكل عام من الصعب على الجيل الشاب من السنّة الذي تربى في مجتمع علماني أن ينسجم مع معارضي الإخوان المسلمين التقليديين الذين يرغبون بسلطة دينية"4.

وورد في التقرير الدولي اليومي للاستخبارات، في السابع عشر من تشرين الثاني عام 1983 حول دخول الأسد المفاجئ إلى المستشفى، أن "شقيق الرئيس البالغ من العمر 46 عاما والذي يمتلك قوات تحيط بالعاصمة قد يفلح بالإمساك في السلطة، خاصة وأن العديد من قادة الجيش والأجهزة الأمنية المنتمين إلى الطائفة العلوية يساندونه، الجدير بالذكر أن قائد الأركان حكمت الشهابي ووزير الدفاع مصطفى طلاس ووزير الخارجية عبد الحليم خدام لا يحبون رفعت الأسد، ولكنهم يفتقرون إلى القوة التي يمكن أن يجابهونه بها. يواجه رفعت أيضا كراهية من البعثيين، وقد يواجه معارضة من قائد القوى الأمنية علي دوبا وقائد القوات الخاصة علي حيدر، وهناك بعض العلويين يشككون بقدرة رفعت الأسد على الحفاظ على سيطرة الطائفة، مما قد يسبب معوقات في وجه انتقال سلس للسلطة من حافظ إلى رفعت5.

نحن نعتقد بأن سوريا استطاعت أن تطور أسلحة كيميائية بشكل محلي يمكن أن ترمى من الجو أو كرؤوس حربية للصواريخ

وفي تقرير أمني بعنوان إمكانية الحرب الكيميائية السورية مقدم في تشرين الثاني عام 1985: "(سري للغاية) نحن نعتقد بأن سوريا استطاعت أن تطور أسلحة كيميائية بشكل محلي يمكن أن ترمى من الجو أو كرؤوس حربية للصواريخ، تقييمنا بأن سوريا يمكن أن تنتج سبعة أطنان من غاز السارين، ويمكن أن تركب عشرة رؤوس صواريخ حمولتها تتراوح بين ستين وخمسمئة كيلو غرام كل شهر، وخلال خمس سنوات من الآن يمكن لسوريا أن تنتج غاز الأعصاب المسمى "سومان"، ويستعمل في الخطوط الخلفية للعدو التي لا ينوي احتلالها "بما يعني أنها تستخدم ضد مدنيين"6.

هذه التقارير منتزعة بشكل عشوائي من أرشيف وكالة المخابرات الأميركية من عقد الثمانينيات على وجه الخصوص، وقد رصدت حالة النظام وطريقة حكمه والصراع الداخلي، بالإضافة إلى بعض الأنشطة العسكرية السرية التي كان يقوم بها، وكان الأسد في أوج قوته العسكرية وفي حضيض الطاقة الاقتصادية، بعضها صحيح وبعضها دقيق، وبمجملها ذات استقراء جيد، وتعطي صورة مكبرة لما كان يجري في عقد كان حالك السواد على سوريا.


أرقام التقارير في وكالة المخابرات الأميركية CIA:

¹ CIA-RDP80T00942A001000030001-0

² CIA-RDP84S00927R000100040005-5

³ CIA-RDP88T00096R000500590001-3

4 CIA-RDP88T00096R000300330001-3

5 CIA-RDP85T01094R000500010050-6

6 CIA-RDP86T00587R000400550004-2