ثماني خلاصات من عملية درع الربيع التركية

2020.03.10 | 23:01 دمشق

20200206_2_40711273_51885096.jpg
+A
حجم الخط
-A

مع توصل الطرفين التركي والروسي لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب بعد فترة من التوتر والمعارك استمرت قرابة شهر خاصة بعد مقتل 36 جنديا تركيا في قصف لنظام الأسد، ردت أنقرة بعدها بضربات كثيرة خسائر كبيرة للنظام أشارت بعض التقديرات أن أكثر من 2000 عنصر من قوات النظام قد قتل خلالها، ومع انقشاع غبار المعارك يمكننا التوقف على بعض النقاط البارزة.

أولاً أثبتت تركيا أنها مستعدة للقتال دون أهدافها من خلال عملية "درع الربيع" التي نزلت فيها القوات التركية في إدلب وشاركت فيها معظم قوات الجيش الجوية والبرية وكبدت النظام خسائر كبيرة، وذلك بالرغم من الخلاف مع قوة كبرى مثل روسيا. ولكن مع ذلك يمكننا القول إن هذا الاستعداد التركي ليس مفتوحا بل كان محددا بخط ما لا يؤثر الاقتراب منه على العلاقات مع روسيا. ولا يمكننا أن نتجاهل فارق القوة بين تركيا كقوة متوسطة وروسيا كقوة كبرى ولكن كما تقول أدبيات العلاقات الدولية فإن القوى المتوسطة تكون أكثر شجاعة للدفاع عن مصالحها في جوارها المباشر حتى لو كان في مواجهة القوة الكبرى.

ثانياً أظهرت تركيا للعالم قدرات متطورة في سلاح الطائرات من دون طيار من حيث دقة الأهداف والإصابة واستطاعت في زمن قياسي تحييد عدد كبير من قوات ومواقع وآليات النظام وهو ما يجعل هذا السلاح أكثر مراعاة من الجهات التي تتنافس مع تركيا.

أما ثالثاً فهي نقطة تشير إلى أن أنقرة مع الرد الغربي الباهت سواء من الناتو أو من الولايات المتحدة والذي لم يزد عن كونه خطابا متضامنا تأكدت أنه لا ينبغي عليها التضحية بالعلاقة مع موسكو فضلا عن الدخول في مواجهة معها ولذلك كانت حريصة على إنهاء هذه الجولة من القتال بأقل الأضرار.

وهذا يقودنا للنقطة الرابعة وهي أن الاتفاق الأخير يعد اتفاقا هشا ومؤقتا لأنه لم يحمل أي حلول حقيقية على الأقل في الظاهر ولكنه ثبت إيقاف الجولة الحالية من القتال. ومع ذلك لم يتم التفاهم بعد على عمق 6 كم على جانبي الطرق الدولية ولا على كيفية إجراء الدوريات المشتركة.

بوتين أراد حالة من التوازن تحافظ على توسيع نفوذه في سوريا من جهة و توسيع الفجوة بين تركيا والغرب –فضلا عن عدم الرغبة في خسارة تركيا

ومن الجهة الروسية فإن النقطة الخامسة هنا هي أن بوتين أراد حالة من التوازن تحافظ على توسيع نفوذه في سوريا من جهة و توسيع الفجوة بين تركيا والغرب –فضلا عن عدم الرغبة في خسارة تركيا- من جهة أخرى، ولعل هذه كانت نقطة التقاطع التي سهلت إعلان وقف إطلاق النار. وبالطبع لوجود مصالح لروسيا مع تركيا لا يريد أن يخسرها بوتين.

ولعل النقطة السادسة هنا تأتي حول موقف إيران في إدلب فقد مارست إيران سياسة متعددة حيث أرسلت عبر سياستها الرسمية رسائل عدم الرغبة في المواجهة وضرورة التوصل للحل مع تركيا فيما كانت الميليشيات التابعة لها على الأرض تثبت مواطىء قدم لها في مناطق استراتيجية تجعل الآخرين مضطرين للتعامل معها لاحقا سواء تركيا أو روسيا.

وبما أننا تطرقنا للميدان فإن النقطة السابعة هي وضع جبهة النصرة قبل معركة إدلب سيكون مختلفا عن وضعها قبل المعركة حيث أصبح الوجود التركي العسكري وجودا أساسيا في إدلب كما أن خيار حل الجبهة أصبح أكثر حضورا من ذي قبل وبالتالي فإن أحد نتائج المعركة هي أن التوازنات الداخلية في إدلب سوف تتغير ولن تكون لصالح النصرة على الأغلب.

بالنسبة للخلاصة الثامنة وهي حول اللاجئين فقد يستمر تدفق اللاجئين لتركيا في ظل اتفاق هش لوقف إطلاق النار، ولكن تركيا خلطت أوراق الاتحاد الأوروبي الذي لم يتعاون معها سابقا من خلال فتح الباب لمئات آلاف اللاجئين، وبما أن دول الاتحاد الأوروبي تعيش أزمة هجرة حقيقية فإن هذه التطورات سوف تكون مهمة في تحديد علاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي الذي سيضطر في الغالب لاسترضاء تركيا.

كلمات مفتاحية