تلازم المسارين اللبناني والسوري.. أيلول الحسم

2020.06.18 | 00:02 دمشق

104191312_707235723181655_5749512178546668190_o-1-750x422.jpg
+A
حجم الخط
-A

تعود دولتا لبنان وسوريا إلى تلازم المسارين. تلازم الانهيار في البلدين، وانصهار الشعبين في بوتقة تحركات احتجاجية لم يعد أحد يمتلك خياراً غيرها للتعبير عن غضب ورفض. انهيار الليرة اللبنانية من انهيار الليرة السورية. تتلازم الأزمة بين البلدين أكثر فأكثر، خصوصاً أنهما ينتميان إلى محور واحد وهو المحور الإيراني الذي يضربه الجوع والأزمات والانهيارات من أقصاه إلى أقصاه. الضغوط الأميركية مستمرة، لا يبدو أنها في وارد التراجع. طهران وحلفاؤها يراهنون على الوقت لينضج لحظة مناسبة يستعيدون فيها فرصة التفاوض مع الأميركيين فتخف الضغوط. لا يمكن الجزم بمدى صحة خيار الرهان على الوقت.

 تمضي واشنطن في استخدام كل أساليب الضغط، بينما تبحث طهران عن كل أساليب التحايل لإطالة أمد الصمود أكثر إلى ما بعد الانتخابات الأميركية لعلّ الميزان يتغير، فتتنفس مجدداً. لكن الناس في مكان آخر، غير قادرين على الصمود ولا على السكوت. فيسترجع الشعب السوري شعاره الأساسي "سوريا لنا وما هي لبيت الأسد" و"الشعب يريد إسقاط النظام".  

تظاهرات السويداء قابلة لكسر ظهر النظام. برمزيتها وامتدادها الجغرافي مع الجولان، وقربها من الحدود الأردنية، والقاعدة الأميركية فيعني أن تدخلا خارجيا متاح وسهل. والأهم أنها تعرّي النظام وخطابه، وقابلة لإعادة ترتيب البيت الداخلي السوري بكليته، لأن أهالي السويداء من الأقلية، وهو يدّعي أنه حام للأقليات، ويركز اتهاماته على السنة أنهم متطرفون. الوضع الاقتصادي الذي سيزداد سوءاً سيساعد على المزيد من التحركات، وسيحفّز مناطق ومحافظات أخرى على تجديد التظاهرات. يعمل النظام السوري إلى شدّ العصب الطائفي لمواجهة كل احتمالات الخلخلة والإضعاف، ويعمل على امتصاص قصة رامي مخلوف والخلاف معه. ولكن الوضع الاقتصادي المتدهور يلعب دوراً أساسياً في تفلّت خيوط اللعبة من بين يديه.

تظاهرات السويداء قابلة لكسر ظهر النظام. برمزيتها وامتدادها الجغرافي مع الجولان، وقربها من الحدود الأردنية

 تفتح تظاهرات السويداء نافذة في جدار كان كثر يظنون أنه مغلق، هذا كله يضاف إلى الجو الدولي والذي يتوّج بقرف روسي من النظام السوري وممارساته، الأمر الذي يفسره عدم الانسجام بين الروس والفرقة الرابعة، والتي تؤشر إلى زيادة الضغط على الفرقة الرابعة وماهر الأسد، وتفكيك اقتصادها المستقل، لا سيما أن خيار الفرقة الرابعة هو إيران، ما سيؤدي إلى الاشتباك مع الروس. وقد يتيح توافقات دولية تتخطى النظام بشخص بشار الأسد، وتذهب نحو البحث عن بدائل، سواء من داخل بنية النظام أو لناحية إحداث تغيير حقيقي. التقديرات تشير إلى أن آفاق التغيير ستبدأ في شهر أيلول قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية، بحيث يريد ترامب أن يكون الملف السوري مساعداً أساسياً له في معركته الانتخابية.

 ستحمل الأشهر المقبلة كثيرا من المؤشرات نحو مرحلة انتقالية لأن الواقع السوري لم يعد يحتمل كل هذا الاستنزاف، ولا حتى القوى الدولية الفاعلة والمؤثرة قادرة على الصبر. القسمة تصبح واضحة، شرق الفرات وغرب الفرات، مع حفظ الدور التركي، بينما الضغوط ستكون متزايدة على الإيرانيين لدفعهم للانسحاب من الأراضي السورية، مع تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية على المواقع الإيرانية، كذلك لا بد من التركيز على التوسع الروسي في حقول الفوسفات وحقل الشاعر النفطي في حمص والذي يرسخ تنافساً روسياً إيرانياً على مباطن الموارد الأساسية في سوريا.

 حتماً هناك طرفان يعارضان أي تغيير في سوريا، الإيرانيون لأسباب سياسية واستراتيجية ومذهبية، والإسرائيليون الذين يريدون بقاء الوضع على هذا الخراب بدون حصول أي تطور يسهم في إنهاء الأزمة السورية. العامل الإسرائيلي يلعب لعبة ضخ تسريبات هائلة تتحدث عن حصول اتفاق دولي لترتيب المرحلة الانتقالية في سوريا، وهذه التسريبات تهدف إلى إجهاض كل هذه المحاولات. بينما الإيرانيون يعملون على عرقلة التغيير من خلال نشاطهم في الداخل وعرقلة أي توافقات تحصل والبحث الدائم عن فتح جبهات جديدة.