تصعيد أميركا على إيران: العين على جنوبي سوريا ولبنان!

2020.12.30 | 23:39 دمشق

aljwlan_almhtl.jpg
+A
حجم الخط
-A

يرتفع منسوب التوتر طيلة الأيام المتبقية من ولاية دونالد ترامب. بين السادس من كانون الثاني والعشرين منه، يتحرر ترامب من أي مساءلة، تلك الفترة ستكون الأخطر خاصة أن الرئيس الأميركي بدأ يحضر لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2024، قد يفتتح حملته الانتخابية من ضربة يوجهها في آخر أيام ولايته.

 ارتفاع منسوب التوتر يحصل على إيقاع مزيد من الاستفزازات الأميركية والإسرائيلية لإيران، بهدف استدراجها إلى القيام بأي خطوة تستدعي رداّ أميركياً ساحقاً، وفق ما يؤكد مسؤولون أميركيون خلال اتصالاتهم مع مسؤولين عرب وأجانب.

إسرائيل أيضاً قد تنتهز فرصة الأيام العشرين للقيام بخطوة معينة، خصوصاً أن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو يعيش تهديداً سياسياً جديداً قد يسقطه في انتخابات شهر آذار المقبل، وبالتالي قد يلجأ إلى أي ضربة من شأنها رفع شعبيته وتعزيز حظوظ عودته.

 طيلة ولاية دونالد ترامب، تمثّلت تجارب أميركية عديدة في كيفية توجيه الضربات العسكرية، فمثلاً كان ترامب يحشد في الخليج ومضيق هرمز، فوجّه ضربة في العراق اغتال فيها قاسم سليماني، ووجّه ضربة لنظام الأسد، هناك قناعة راسخة بأن الأميركيين عندما يحشدون عسكرياً في مكان يوجهون ضرباتهم في مكان آخر. اليوم يتركز الاهتمام الأميركي في العراق وإيران، بينما يؤكد الإسرائيليون أن الضربات على أهداف إيرانية في سوريا عملية دائمة ومستمرة، فيما قد تلجأ واشنطن أو إسرائيل في تنفيذ ضربة بساحة غير متوقعة.

 سيكون العالم أمام فترة حبس أنفاس، تستمر فيها مساعي الضغط الأميركي الأوروبي على إيران وميليشياتها وخصوصاً حزب الله. لم تعد هذه الضغوط خاضعة لمعيار سياسي فقط، أو بسبب النشاط العسكري أو الإرهابي للحزب كما يصفه الأميركيون والأوروبيون، إنما نحو تصوير حزب الله بأنه منظمة إجرامية دولية، أو عابرة للحدود الدولية، وهذا قانون كان يتم بحثه في الكونغرس الأميركي وأقر فيما بعد، حالياً سيكون من الصعب على الاتحاد الأوروبي الاستمرار بفصل الجناح السياسي عن الجناح العسكري للحزب.

 سيكون العالم أمام فترة حبس أنفاس، تستمر فيها مساعي الضغط الأميركي الأوروبي على إيران وميليشياتها وخصوصاً حزب الله

سيؤدي ذلك إلى تزايد حجم الضغوط على الحزب كثيراً، وعلى لبنان كذلك. هذا الضغط سيأخذ صورة لا تتعلق فقط بالإرهاب أو بالموقف السياسي، إنما تذهب إلى الناحية الجرمية سواء باتهام الحزب بتبييض الأموال أو بتهريب المخدرات، على غرار ما جرى كشفه في إيطاليا قبل أيام، إذ تم توقيف شحنة مخدرات مصدرها اللاذقية، ويرجح أن تصنيعها قد تم في مدينة القصير.

 طريقة التعاطي السياسي والإعلامي أوروبياً مع هذه المسألة، تؤكد ما حصل في إيطاليا هو ضربة كبيرة للحزب، قد تؤسس لمزيد من التصعيد، سياسياً ومعنوياً وثقافياً وعسكرياً حتى. وهذا سيستدعي اتخاذ مواقف أوروبية حاسمة تجاه الحزب أيضاً، تتزامن مع زيادة منسوب الضغط الأميركي والإسرائيلي، ثمة موالون في واشنطن لإسرائيل يعتبرون أنه بحال كان الاتجاه للقيام بأي خطوة عسكرية ضد حزب الله، فإما أن تحصل في الأيام المقبلة أو أن يصمت الأميركيون والإسرائيليون إلى الأبد، لأنه لا يمكن لإسرائيل استقبال جو بايدن بعمليات عسكرية جديدة وموسعة.

 تحاول إيران تجنّب أياً من هذه الخيارات السيئة، هي لا تريد أن تستدرج إلى اللعبة الترامبية والإسرائيلية، تسعى إلى تمرير المرحلة الحالية بحد أدنى من الخسارات والتوترات، فمن وجهة نظر إيران، ترامب سيغادر، ونتنياهو سيغادر أيضاً في آذار، ولذلك لا خيار لديهم سوى الانتظار، وتهدئة الأوضاع لتضييع حتى موعد خروج نتنياهو من رئاسة الحكومة الإسرائيلية.

 لكن ما بعد بايدن، لا يعني أن يد إيران ستكون قد أطلقت في سوريا مجدداً، جزء أساسي من مشروع الديمقراطيين، وجانب آخر من جوانب المراكمة على ما قام به ترامب، سيؤدي إلى عودة أميركية فاعلة وقوية إلى سوريا، في ظل عجز روسيا عن إيجاد أي حل سياسي أو عن تحجيم النفوذ العسكري الإيراني على الأراضي السورية وخصوصاً في الجنوب، الذي سيشهد تطورات كثيرة في المرحلة المقبلة، لا تتعلق فقط باستهداف المزيد من المواقع الإيرانية إنما بتغيير كامل للوقائع على الأرض في الجولان والقنيطرة، وهذا لا ينفصل أبداً عن مفاوضات غير مباشرة سورية إسرائيلية حول ترتيب الوضع في الجولان، وتعزيز دور قوات الأمم المتحدة "الأندوف" وتوسيع صلاحياتها ونطاق عملها ونفوذها، وهذا سينعكس حكماً في المستقبل على واقع الجنوب اللبناني.