تساؤلات حول استهداف الدورية المشتركة شرق إدلب

2020.07.19 | 00:05 دمشق

skryt_rwsyt-alrstn_6_hzyran.jpg
+A
حجم الخط
-A

قبل أيام قليلة وتحديدا يوم الثلاثاء 14 تموز الجاري تعرضت دورية روسية تركية مشتركة على الطريق السريع "إم 4 " لهجوم بسيارة مفخخة قرب إدلب  شمال غرب سوريا، وبالتحديد قرب بلدة مصيبين شمال بلدة أريحا وقد أسفر الهجوم عن إصابة جنود روس وأتراك، وفيما تم الإعلان عن إصابة 3 جنود روس لم يتم التأكد من إصابة جنود أتراك في الحادث لكن المشاهد التي عرضت للحظة التفجير أشارت إلى انفجار كبير أدى إلى إصابة مباشرة لإحدى المدرعات على الأقل. وقد أعلن لاحقا عن تضرر مدرعة تركية.

وقد جاء هذا التفجير بعد أقل من 24 ساعة على محادثة هاتفية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين فضلا عن أن ذلك تزامن مع قصف متكرر من مدفعية النظام السوري على قرى تسيطر عليها المعارضة السورية.

أثارت قوة التفجير وعدم إيقاعه الكثير من الخسائر من جهة وتوقيته من جهة أخرى أسئلة استفهامية كثيرة حول الرسالة التي أراد من يقف خلف عملية الاستهداف هذه أن يوصلها، فقد تزامن الحدث مع حملة تركية ضد عناصر تنظيم داعش داخل تركيا مما جعل تنظيم داعش وخلاياه أحد الجهات المحتملة في الوقوف وراء الحادثة، لكن بعض الجهات أفادت أن طريقة تبني الهجوم لم تشبه طريقة التنظيمات الجهادية فهل تخدم عملية الاستهداف هذه روسيا أو النظام.

حيث تبنت جهة أعلنت عن نفسها اسم خطاب الشيشاني التفجير وأصدرت بيانا مشيرة إلى أن أحد مسلحيها قام باستهداف الدورية المشتركة كما نشرت صورا قالت إنها أثناء وقوع العملية، ولا تعتبر كتائب خطاب الشيشاني جهة معلومة في سوريا ولا تتبع لأي جهة معلنة، ولكن سبق قبل شهر تقريبا قيامها بعملية مشابهة ضد دورية مشتركة بين الروس والأتراك. وبالنظر إلى اسم المجموعة واعتبار خطها الفكري فإن المنطقي أن تكون القوات الروسية هي هدفها ولكن وفق ما أشار له مسؤول المكتب السياسي في فرقة المعتصم التابعة للجيش الوطني السوري فإن المفخخة استهدفت العربات التركية بشكل متعمد". وهذه نقطة أخرى تثير التساؤل مرة أخرى.

كما اتهم المحلل العسكري أسعد الزعبي الروس بوضع السيارة المفخخة بهدف تبرير قصف شمال سوريا مستدلا بعدم إصابة أحد في المفخخة، وبالفعل فقد قصف الطيران الروسي مدينة الباب شرق حلب لأول مرة منذ ثلاث سنوات حيث سيطرت عليها القوات التركية وهذا أمر من شأنه تهديد التفاهمات ولعل باطن هذا القصف يحمل رسائل لتركيا بخطورة العواقب في حال لم تكن تركيا أكثر مرونة في ملفات أخرى سواء في ليبيا أو أذربيجان وغيرها.

لو وسعنا دائرة النظر  بالنسبة للمكان والتوقيت قليلا فإن تركيا وروسيا على موعد مع مواجهة جديدة بالوكالة في الحرب الدائرة بين أذربيجان وأرمينيا حيث أدى هجوم الجيش الأرمني مؤخرا على منطقة على الحدود الأذرية بالأسلحة الثقيلة وقد تكبد الطرفان خسائر فادحة مما أعاد إلى الواجهة من الجديد الصراع حول إقليم كرة باغ الذي تحتله أرمينيا وبالطبع فإن روسيا تدعم أرمينيا فيما تحظى أذربيجان بدعم تركي قوي وليس أدل على ذلك من وصول قائد القوات الجوية الأذرية إلى أنقرة قبل يومين والتقائه بكبار القادة العسكريين الأتراك. ويعتقد أن تخفيض تركيا لحصة الغاز التي تأخذها من روسيا بنسبة أكثر من 20% لصالح حصة الغاز الذي تأخذه من أذربيجان ليس منفصلا عما يجري.

وكنا قد توقعنا بعد الخلاف التركي الروسي في ليبيا بعد رفض تركيا وحكومة الوفاق لوقف إطلاق النار الذي عرضته روسيا وقيام مرتزقة فاغنر بالانتشار في سرت أن الأحداث ستتعدى ليبيا وربما يعود الأمر إلى إدلب حيث وقف إطلاق النار الهش ومع حصول التطورات على الحدود الأذرية الأرمنية والتفجير للدورية المشتركة يزيد هذا من مساحات الخلاف مرة أخرى بين أنقرة وموسكو ولعل التقارب الأخير بين واشنطن وأنقرة يذكي الخلاف التركي الروسي.

ما من شك أن هناك أطرافاً أخرى تريد تخريب التوافق التركي الروسي في إدلب سواء من أجل تحقيق مصالح لها أو من أجل الضغط على تركيا ولكن الخلافات بين تركيا وروسيا قد لا تحتاج المزيد من الحطب الخارجي فهي ليست مرشحة بعد التطورات الأخيرة للهدوء.