تركيا وروسيا.. هل حان وقت الفراق!

2019.05.31 | 19:05 دمشق

+A
حجم الخط
-A

في الأمس اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي مطالبا إياه بضرورة وقف القصف على مناطق ريف حماة وإدلب تنفيذا لتفاهمات أستانا-سوتشي، واليوم صباحا قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية إن تركيا تتحمل مسؤولية أي استهداف للقوات الروسية في سوريا.

هذا السجال مؤشر على عمق الخلافات بين طرفي اتفاق سوتشي، الخلافات التي تصاعدت بعد الهجمة الأخيرة التي بدأها الروس والميليشيات الإيرانية على ريفي حماة وإدلب في خرق واضح لاتفاق خفض التصعيد بين ثلاثي أستانا (روسيا وتركيا وإيران).

منذ بداية الهجمة الأخيرة كان واضحاً أن تركيا لا تريد نسف التفاهمات بالكامل وتسعى لعودة الأمور إلى ما قبل الهجوم الأخير، تركيا سمحت للفصائل بنقل مقاتليهم من مناطق ريف حلب الشمالي وعفرين إلى إدلب للمشاركة في القتال وهناك حديث عن أسلحة نوعية سمح للفصائل باستخدامها لصد الهجوم. لو كانت تركيا تريد التصعيد أكثر لكانت سمحت للفصائل بشن هجوم على الميليشيات الإيرانية وما تبقى من قوات الأسد الكيماوي على أكثر من محور، خصوصا من جهة ريف حلب الغربي، فهذا الهجوم في حال حصوله سيوجع النظام ومعه داعميه. لكن تركيا تريد إيصال رسائل واضحة لروسيا بأنها لن تتساهل  هذه المرة مع أي خرق للتفاهمات لأن الكلفة البشرية كبيرة لوجود مئات الآلاف من المدنيين في العراء بالقرب من حدودها مع سوريا.

من المبكر الحديث عن انفراجة كاملة في العلاقات بين تركيا وأمريكا فالملفات المتداخلة كثيرة. لكنهم وجدوا صيغة لحل كل ملف على حدى.

التباعد التركي الروسي يرتبط أساسا بالتقارب التركي الأمريكي الحاصل مؤخرا، فبعد رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضها ترمب على تركيا أفرجت تركيا في الأمس الأول عن عالم أمريكي من أصول تركية يعمل في ناسا. من المبكر الحديث عن انفراجة كاملة في العلاقات بين تركيا وأمريكا فالملفات المتداخلة كثيرة. لكنهم وجدوا صيغة لحل كل ملف على حدة (دعم أمريكا لحزب العمال الكردستاني، وصفقة إس ٤٠٠ مع روسيا، وصفقة إف ٣٥ مع أمريكا) كل هذه الملفات المعقدة إضافة لموضوع الانسحاب الأمريكي من منبج تحتاج إلى وقت طويل لتجاوزها.

في العودة للوضع الميداني في سوريا يكثف الروس مع ما تبقى من قوات الأسد الكيماوي هجماتهم على مناطق المدنيين في عموم محافظة إدلب وجرى استهداف المراكز الحيوية بشكل مركّز وتم إخراج معظم المشافي من الخدمة، وهناك مأساة إنسانية حقيقة بعد قصف وحشي على منطقة يقطنها أكثر من ثلاثة ملايين مدني. واليوم تم استهداف نقطة مراقبة تركية في ريف حماة الشمالي في رسالة تصعيدية جديدة ضد تركيا، وقبلها بعدة أيام تم استهداف ريف حلب الغربي لأول مرة منذ أكثر من عام في رسالة مفادها أن خطوط الإمداد التركية الواصلة لكل نقاط المراقبة مستهدفة أيضاً.

المشهد معقد وما يصل من رسائل سواء من المعارك الدائرة أو من خلال التصريحات المتبادلة يوشي بأن كل الحديث عن صفقة روسية تركية ما هو إلا مجرد وهم.. وأن الاتفاق بينهم مرحلي وهش أكثر مما كنا نتوقع.

في حال كان ترمب جادا هذه المرة في طمأنة حليفته في حلف الناتو بخصوص صفقة إف ٣٥ وعدة ملفات أخرى، سيكون احتمال نسف كل تفاهمات سوتشي وأستانا ممكنا، خصوصاً أن الأوروبيين يتخوفون من موجة لجوء جديدة قد تجتاح قارتهم في حال تم فتح أكثر من جبهة في عموم خطوط الاشتباك.

التصعيد بين تركيا وروسيا وارد جدا وهو مرتبط بشكل العلاقة القادمة بين واشنطن وأنقرة.. كل الأسئلة أجوبتها مخبأة في درج صغير من أدراج البيت الأبيض.