بطاقة ذكية لبقر سوريا

2022.06.27 | 07:03 دمشق

cow.jpg
+A
حجم الخط
-A

العنوان لخبر في صحيفة محلية سورية عن عملية إلكترونية تجري للمرة الأولى من أجل ضبط تعداد الثروة الحيوانية، وتوزيع المقنن العلفي اعتباراً من بداية العام المقبل وهذا طبعاً نقلاً عن وزير زراعة النظام.

الغاية كما قال الوزير من قرار استثنائي كهذا: (تركيب شريحة إلكترونية على كل رأس من الثروة الحيوانية ومراقبتها إلكترونياً بحيث يُحدد عدد رؤوس الأغنام أو الأبقار أو أي نوع من أنواع الثروة الحيوانية لدى المربي، وأن تطبيق تلك الآلية سيغلق كل حالات الفساد، وحالات التغيير في تعداد الثروة الحيوانية).

انتهى الخبر القصير بالتحضير لاستيراد هذه الشرائح قريباً، ولكن ردود الفعل حوله كانت تشي بما وصلت إليه أحوال الناس -ممن اختارهم القدر للصمود والبقاء بجوار عقل وقلب النظام- بكم اليأس والسخرية المريرة والقهر، وكأن النظام يقول لهم كما يعلق أحدهم: (استفدنا من تجربة البطاقة الذكية عليكم وسنطبقها على الأبقار والبهائم).

ثمة من رأى أن القصة تفوح منها رائحة المخابرات فهل من ثورة بين البقر أم سخط نتيجة قلة الغذاء والعلف لذا بدأ التحضير للإمساك بزمام الأمور وتحديد من هو موالٍ ومعارض، ورصد تحركات الجميع أم أنه باختصار: (إحصاء أمني.. خشية من طارئ مفاجىء).

يستنتج المواطن بعد تفكير: (أن البقرة أفضل من الحكومة وكل مسؤوليها، فكل ما تحتاج إليه هو الطعام، وسوف تقدم له كل ما يحتاج دون منية

أحدهم ينقل المشهد إلى مقاربة بين الحكومة والبقرة من خلال استحضار حكاية مواطن سوري في سوبر ماركت: (بينما كان ينخر البرد عظامه متجولاً في السوبر ماركت، أصيب مواطن سوري بالذهول عندما وصل إلى قسم الألبان لقد شاهد فيه الحليب واللبن والجبن وغيرها من المنتجات، وأخذ يفكر بإنجازات البقرة خلال فترة حياتها، وكم استفاد منها شخصياً على عكس الحكومة التي يدفع لها ولا يستفيد منها).

يستنتج المواطن بعد تفكير: (أن البقرة أفضل من الحكومة وكل مسؤوليها، فكل ما تحتاج إليه هو الطعام، وسوف تقدم له كل ما يحتاج دون منية و(من تم ساكت).. أما الحكومة فتقدم له أبسط حق من حقوقه كالمياه مثلاً وتسميها (آبار مكرمة) وتجبره على التصفيق الحار والوقوف تحت ظل الشمس لساعات طويلة احتفالاً بكرمها).

في سيرة البقر والبهائم السورية مع الحكومات المتعاقبة - كما تحلو التسمية لدى أساطين الإعلام- في التعاطي مع هذه الثروة على أنها مجرد سلعة حرام على السوريين حلال على سواهم خصوصاً إذا كان المقابل لها موقف سياسي أو إطناب في توصيف كرم القيادة تجاه إخوتهم في مواسم الأضحيات والذبح، وهذا ما أوصل السوريين في أيام انفتاح الإعلام وموجة النقد الكاذب إلى إطلاق شعارات مقاطعة اللحم الأحمر حيث وصلت أسعاره قبل الحرب الشعواء على الشعب إلى أرقام فلكية في بلد يصدر اللحم البلدي ليستورد البرازيلي المجمد برعاية (نادر عبد الله) المدير العام السابق لمؤسسة الخزن، والداعم الرسمي لقطعان الشبيحة فيما بعد.

وبحسب مصادر رسمية فإن الغوطة الشرقية قبل 2011 كانت تمتلك: (120 ألف رأس بقر حلوب، و200 ألف رأس غنم، و75 ألف دجاجة بياضة).. وأن هذه الأرقام خسرت ما يقرب من 85% من نسبتها بنهاية 2016

المجازر الكبرى ضد البقر السوري تزامنت مع المجازر ضد البشريّ السوري، وحصدت بنادق الشبيحة في الغوطة الشرقية الآلاف منها في انتقام أسود من كل ما يملكه السوري من قوت يومه، وبحسب مصادر رسمية فإن الغوطة الشرقية قبل 2011 كانت تمتلك: (120 ألف رأس بقر حلوب، و200 ألف رأس غنم، و75 ألف دجاجة بياضة).. وأن هذه الأرقام خسرت ما يقرب من 85% من نسبتها بنهاية 2016، هذا عدا تدمير مئات المزارع والبنى التحتية الزراعية.

لهذا تأتي النكتة الأخيرة لوزير زراعة النظام سمجة وتثير المواجع والسخرية المرّة.. هل ثمة ما هو قائم في سوريا كدولة وشعب وبيئة حيّة بعد كل هذا التوحش.. أما ما يثير الإعجاب فهو ذاك الإصرار الكبير على تطوير صناعة الكبتاغون وتصديره، وابتكار وسائل تهريبه كأهم إنجازات نظام الاشتراكية والممانعة والبعث.