النظام الإيراني: تصدير الموت والكورونا إلى سوريا

2020.03.16 | 23:02 دمشق

gettyimages-1207221033.jpg
+A
حجم الخط
-A

في أواخر شهر شباط الماضي، وخلال الضربات التي شنّتها القوات المسلحة التركية ضد أهداف تابعة لنظام الأسد ضمن عملية "درع الربيع"، قامت مسيّرات تركيّة باستهداف مقر تابع لميليشيات حزب الله- فرع لبنان الموالية للنظام الإيراني بالقرب من مدينة سراقب في إدلب. التقارير الأوّلية أشارت الى أنّ الضربة قتلت ٩ من عناصر الحزب وجرحت ٣٠ آخرين من المليشيات الشيعية الموالية لإيران كميليشيات زينبيون الباكستانية وفاطميون الأفغانيّة. لكنّ تقارير لاحقة بيّنت أن حجم الضربة كان هائلاً لدرجة أن المسؤولين الباكستانيين أشاروا الى أن ّعدد القتلى الباكستانيين فقط ممّن ينتمون الى الميليشيات المذكورة بلغ ٥٠ قتيلاً.

بعدها بأيام قليلة، وبينما كان فايروس كورونا/"كوفيد ١٩" ينتشر كالنار في الهشيم داخل إيران انطلاقاً من مدينة قُم، ووسط إصرار منقطع النظير من قبل السلطات الإيرانية على تجاهل المشكلة، تبيّن أنّ النظام الإيراني تسبب بتصدير الفايروس إلى عدد هائل من دول المنطقة شملت على الأقل كل من دول الخليج الست، والعراق، ولبنان، وأفغانستان، وباكستان، وأذربيجان، وحتى دول مثل كندا ونيوزيلاند. لا بل أنّ هناك بعض التقارير التي تؤكّد أن الصين وجدت بعض الحالات المصابة القادمة من إيران إليها!

ومع اتّساع رقعة انتشار الفايروس بشكل سريع على مستوى العالم، ظهرت تساؤلات حول الوضع في سوريا لا سيما أنّ القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها فيها تعتمد نظام التبديل، أي أنّ جزءاً منهم يتنقّل بشكل دائم بين إيران والعراق وسوريا ويزور ما يسمى بالمراقد المقدّسة هناك. بعض التقارير أكّدت انّ الفايروس وصل إلى سوريا عبر عدد من عناصر هذه الميليشيات إلاّ أنّ نظام الأسد نفى ذلك تماماً.

في مقابلة له على الإخبارية السورية الأسبوع الماضي، قال وزير الصحة التابع لنظام الأسد ردّاً على سؤال يتعلق بفايروس كورونا ولماذا لا يتم الإعلان عن وجود حالات طالما أنّه فايروس ذو طابع عالمي ومنتشر في كل البلدان: "الجيش العربي السوري طهّر الكثير من الجراثيم الموجودة على أرض سوريا"، مضيفاً "نحن كقطاع صحّة نشكرهم كثيراً على هذا الأداء...ونقول إنّه لا يوجد لدينا حالات مصابة بالفايروس".

يتعارض هذا النفي مع عدد كبير من المعطيات ليس أقلّها أنّ جميع الدول المحيطة بسورية دون استثناء دخلها الفايروس، وهناك تواصل مباشر على الأقل مع بلدين من هذه البلدان وهي لبنان والأردن. علاوة على ذلك، يتعارض النفي كذلك مع حقيقية تسبّب النظام الإيراني بنشر الفايروس في عدد كبير من الدول فضلاً عن إبقائه ما يسمى بالمراقد المقدّسة مفتوحة، الأمر الذي ساهم في انتشار سريع وكبير بين الآلاف من زوّارها من أبناء البلد ومن الجاليات الشيعية الوافدة إليها من بلدان أخرى.

ومن المعروف أنّ إيران هي البلد الأكثر تواصلاً مع سوريا منذ سنوات، وأنّ الميليشيات الشيعية -التي يقوم الحرس الثوري بإجراء عملية غسيل دماغ طائفية لعناصرها قبل إرسالهم الى سوريا تحت شعار حماية المقدّسات "المراقد والقبور" أو الدفاع عن "أهل البيت"- تأخذ دورات عقائدية وعسكرية مكثّفة داخل إيران، ويقوم هؤلاء بزيارة نفس الأماكن الموبوءة داخل إيران قبل انتقالهم إلى سوريا. وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو جهة يعتبرها البعض ميّالة إلى نظام الأسد، فإن فايروس كورونا كان قد انتشر قبل أسبوع على الأقل في عدد من المحافظات التي تخضع لسيطرة النظام السوري من بينها دمشق واللاذقية وطرطوس وحماة وتمّ تسجيل حالات موت تكتّم نظام الأسد عليها.

تقرير المرصد يأتي منسجماً مع التحليل الآنف الذكر عن العوامل التي تكذّب نفي نظام الأسد انتقال فايروس كورونا إلى داخل سوريا. وحقيقة أنّ دمشق هي في قائمة المناطق المصابة يؤكّد الفرضية القائلة بأنّ الفايروس دخل إليها قادماً من إيران سواءً عبر الحرس الثوري أو الميليشيات التابعة لإيران أو حتى عبر زوّار المراقد والمزارات من الأناس العاديين الذين يقومون بزيارة ما يسمى "المراقد المقدّسة" أو "العتبات المقدّسة" في إيران والعراق وسوريا في كثير من الأحيان ضمن رحلات جماعية. قبل عدّة أيام فقط، أكّد مسؤولون باكستانيون أنّ هناك ٥ حالات على الأقل في بلادهم من المصابين بفايروس كورونا جاؤوا إلى باكستان من سوريا.

بالرغم من الكارثة الإنسانيّة الهائلة الموجودة الآن في إيران أو تلك التي تسبّب النظام الايراني بنقلها إلى دول مجاورة ومن بينها سوريا، فإنّ النظام لا يوفّر وقتاً أو جهداً في افتعال المزيد من المشاكل وجلب الموت والدمار لدول المنطقة. إذ بينما كانت أنباء انتشار الفايروس تحتل العناوين الأولى عالميا، دفع النظام الإيراني بمزيد من ميليشياته الطائفية إلى إدلب قبيل الاتفاق الذي تم بين تركيا وروسيا، وبموازاة ذلك يصعّد الآن عبر ميليشيات حزب الله- فرع العراق ضد القوات الأمريكية المتواجدة هناك، وهو ما سينعكس بالضرورة سلباً على الشعب العراقي.

علاوةً على ذلك، وبدلاً من تركيز جهودهم على احتواء الفايروس، ينشط المسؤولون الإيرانيون في حملة دعائية مكثّفة لاتهام الولايات المتّحدة بنشر الفايروس في إيران من خلال حرب بيولوجية! والمثير للسخرية أنّهم يطالبون برفع واشنطن العقوبات عن النظام الإيراني للمساعدة في جهود احتواء الفايروس في الوقت الذي يصعّدون فيه حملتهم العسكرية بالواسطة في سوريا والعراق، وينفقون مليارات الدولارات على دعم الإرهاب والقتل والدمار.

التعاطف مع ضحايا النظام الإيراني سوءاً داخل إيران أو خارجها يبدأ من خلال إدانة هذا النظام وأدواته في المنطقة، وليس هناك أحوج من الشعب السوري إلى مثل هذا التعاطف والدعم الآن مع دخوله العام العاشر من مقاومته إجرام نظام الأسد وحلفائه وعلى رأسهم إيران.

كلمات مفتاحية