"المسّحراتي" بدعة.. محاربة "الإرهاب" سنة مؤكدة!

2021.04.11 | 06:45 دمشق

12.jpg
+A
حجم الخط
-A

ستكون ليالي مدينة إدلب في رمضان هذا العام خالية من عبارات "يا نايم وحد الدايم"، و"قوموا على سحوركم إجا رمضان يزوركم" بحجة أن مهنة من يقوم بها أي "المسحراتي" بدعة على الإسلام.

هذا قرار صدر قبل أيام من حلول شهر رمضان المبارك من قبل "حكومة الإنقاذ" التابعة لـ "هيئة تحرير الشام" في بيان جاء فيه

"إلى المجلس المحلي في مدينة إدلب، بعد مراجعة مجلس الإفتاء، أقر بأن عمل “المسحّر” في رمضان (بدعة) لا أصل لها من السنة النبوية، وبناءً على ذلك، يرجى منكم إلغاء كل التكاليف السابقة لعمل (المسحر) في مدينة إدلب وعدم إعطاء تكاليف جديدة".

تفاجئنا هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بمراجعاتها المستمرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، فهي لم تتغير قيد أنملة في خطابها المنفر وقسوتها ضد أي مخالف لأحكامها ضمن المناطق التي تسيطر عليها بعد أن سيطرت على معظم مناطق إدلب وريفها وأجزاء من ريف حلب.

كانت "تحرير الشام" طرفاً أساسياً في انتكاسة الثورة السورية عسكرياً ومدنياً عبر استخدامها لخطاب جهادي "تكفيري" استمر لسنوات، ولد من رحمها تنظيم الدولة "داعش" وجاء العالم كله إلى سوريا لينهي هذا التنظيم الآبق، والثورة السورية في طريقه.

منذ سنوات بدأت تحولات "جبهة النصرة" على حساب دماء السوريين والثورة السورية، فحينما طالبهم الثوار بتبني رؤية الثورة ومدنيتها بدؤوا بمسلسل المزايدات الذي لم يتوقف إلى اليوم.

بايعت جبهة النصرة تنظيم القاعدة، لتهرب من "داعش" رافعة العلم ذاته فوق مقراتها رغم ما يحمله ذلك من ويلات على الثورة السورية دولياً وعالمياً، وصنفت على لوائح "الإرهاب" العالمية، وأصبحت مناطق انتشارها تضرب دولياً بحجة وجود إرهابيين فيها، رغم أن قيادتها لم تنفذ أي عمليات عسكرية ضد جهات غربية أو أميركية أو خارج البلاد.

وخلال 7 سنوات عملت النصرة على المزاودة على مختلف فصائل الجيش الحر التي تتعامل مع جهات إقليمية وخارجية بحجة عمالتها وكفرها، ورفضت رفع علم الثورة ولم تقبل بأي جسم سياسي يمثل الثورة وأفشلت كل الجهود لتوحيد المقاتلين تحت غطاء موحد، ثم انتقلت من المزاودة إلى مهاجمة مقرات الجيش الحر وسيطرت على ما حرره غيرها وأخذت الأسلحة التي لديهم حتى باتت القوة الأكبر في الشمال السوري المحرر.

وفي عام 2017 أسست "حكومة الإنقاذ" كحكومة تنفيذية تأتمر بأمرها ويرتدي أعضاؤها "بدلات رسمية" وربطات عنق أيضاً، ينفذون جميع مطالب الجولاني الذي كان يرتدي العمامة حينذاك، قبل أن يتحول تحوله الأخير إلى البدلة الليبرالية.

 

1_0.jpg

 

الجولاني يحارب الإرهاب

أصبح الجولاني اليوم رقماً في المعادلة السورية عبر قوة السلاح، رغم قتل هيئة تحرير الشام التي يقودها لعدد من السوريين وانتهاك حقوقهم وتغييرها لبوصلة الثورة عبر العلاقة مع "داعش" والقاعدة والقتال مع الفصائل في حروب جانبية بعيداً عن أهداف ما خرج السوريون لأجله بصدور عارية وتحملوا كل هذه الآلام من أجل إسقاط النظام وبناء دولة مدنية تحترمهم.

وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها، مقتل497 مدنياً، و70 طفلاً، و82 امرأة، 2 من الكوادر الطبية و8 من الكوادر الإعلامية على يد هيئة تحرير الشام، كما أنه يوجد في سجونها 2246 شخصاً حتى آذار/ مارس 2021.

يرفض الجولاني هذه التهم، حيث ظهر في تحول جديد له، وهو يرتدي البدلة الرسمية في مقابلة مع الصحفي الأميركي مارتن سميث أجريت في إدلب، ليخاطب الولايات المتحدة ويقول لها "أنا لست إرهابياً".

وقال الجولاني، في لقائه الذي نفذ في شباط/ فبراير 2021 وعرض في 2 من نيسان /أبريل من العام نفسه، إن تنظيمه لا يشكل أي خطر على الولايات المتحدة، داعياً الأخيرة إلى إزالة تنظيمه من لائحة المنظمات "الإرهابية".

 

2_0.jpg

 

وأضاف الجولاني، خلال مقتطفات نشرتها شبكة "front line" أن "تحرير الشام جزء من الثورة السورية، وتصنيفنا على لوائح الإرهاب، هو تصنيف جائر وسياسي، ليس له وجه حق".

وأكمل: "لم نقل أبداً أن (تحرير الشام) تخطط لحرب الولايات المتحدة وأوروبا، نريد تعريف الإرهاب، والنظام هو أولى بهذا التصنيف، ولكن هناك اعتراف بشرعية الأسد، رغم الجرائم بحق الشعب السوري، وهدم المدن".

وحول علاقة "تحرير الشام" بتنظيم "القاعدة"، أكد الجولاني أن العلاقة بينهما انتهت، قائلاً: "هي حقبة وانتهت، وليس من سياساتنا القيام بهجمات خارج سوريا".

وأردف أن مسيرة الثورة السورية اعترضتها بعض الأخطاء، مبيناً "عندما رأينا أن تنظيم الدولة خرج عن المسار الصحيح، دخلنا معه في صراع عسكري واعتقلنا عدداً من قياداته في المناطق المحررة".

وحول المعتقلات، نفى الجولاني وجود معتقلين بسجون "تحرير الشام" من المعارضة، مؤكداً أنه "لا يوجد تعذيب في المعتقلات التابعة لـ "تحرير الشام"، ومن الممكن أن تأتي المنظمات لزيارة المعتقلات لتفقد أحوال المعتقلين".

أصبح الجولاني يؤمن بدور المنظمات التي اعتقل مئات العاملين فيها على مدار السنوات السابقة بتهم العمالة والتجسس للنظام أو الغرب، وبات يستغرب من سبب استمرار اسمه على لوائح الإرهاب رغم جهوده في مكافحته واعتقال قيادات "داعش" في إدلب وحتى قتالهم.

السؤال الواجب سؤاله للجولاني اليوم، بما أنك من محاربي الإرهاب، وممن سيرضى عنه البنتاغون وحلف الناتو ومنظمات حقوق الإنسان، ولجنة الصليب الأحمر الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، لماذا تمنع المسحراتي في ليالي رمضان بإدلب؟ أم أن فقه الأولويات تغير مما كنتم تزعمون أنه "دفاع عن الولاء والبراء" و"عقيدة الإسلام" و"دين الجهاد" وصدعتم به رؤوس السوريين على مدار سنوات الثورة إلى محاربة الإرهاب.

وهل بات الثبات على العقيدة مقتصراً على منع "مسحراتي" يمسك طبلة وينقر عليها في شوارع إدلب، أين مناظرات ومباهلات الشرعيين، أين تحريم رفع علم الثورة، وكفر الديمقراطية قبل سنوات قليلة؟

لعله على السوريين الذين كان أقصى أحلامهم إسقاط النظام وتأمين عيش كريم ومستقبل طيب لأبنائهم في بلد فيه حرية وكرامة، أن يستعيذوا بالله من دين رجال كانوا في المساء يحدثوننا عن إعادة الخلافة وفي الصباح عن عقيدة الرجال وفي الظهر عن بطولات الجهاديين وزئيرهم في المعارك، وعن لباس الأفغان الذي درجوه في بلاد الشام المباركة، إلى رجال صار ديدنهم مناجاة أميركا أن ترضى عنهم وتذكرهم في بيانات خارجيتها وخزانتها بكل خير، ومساءاتهم فتاوى يلتفت لها فقهاء صغار قرأوا الدين فما تجاوز تراقيهم!!