اللجنة الدستورية الجولة الخامسة.. عدالة دستورية ومرحلة مفصلية

2021.01.22 | 00:04 دمشق

thumbs_b_c_e438ed135c8694553352eac50cb513de.jpg
+A
حجم الخط
-A

بعد أكثر من عامين على إعلان تشكيل لجنة دستورية سورية لمناقشة وإعداد مسودة دستور جديد أو إصلاح دستوري وذلك ضمن مسار الحل السياسي وفق بيان جنيف واستناداً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام  2015 والقرارت ذات الصلة (حسب بيان إعلانها ) الذي أعلن في تصريح صحفي للسيد أنطونيو غوتيرش السكرتير العام للأمم المتحدة في 23- أيلول –2019.

وبسبب ضعف الثقة بالمؤسسات الممثلة للثورة والمعارضة، وضعفها وذلك لأسباب ذاتية من بنية المؤسسة ومن بعض الأشخاص فيها، ولأسباب خارجية تعود لكيفية إنشائها والتدخلات الخارجية التي عملت على بقاء هذه المؤسسات غير فاعلة ومنعت تفعيلها أو إنشاء أجسام تمثيلية حقيقية .هذا جعل كل ما يصدر عنها محل شك، وكل فشل يحسب عليها وليس هنا بيت القصيد.

في الآونة الأخيرة وفيما يخص العملية السياسة المختصرة حالياً بـ ( اللجنة الدستورية ) هناك حدثان مهمان  الأول: 

نشر ورقة هي ليست ورقة وليست سوى ملخص لبعض مطالعات أعضاء اللجنة المصغرة لقوى الثورة والمعارضة، وفيها تعابير لا يجوز أن ترد كتابة وإن كان ذلك للمحاججة (مثل مؤتمر سوتشي) فنحن من المفترض أننا لا نعترف ولَم نشارك فيه.

وهذه المطالعات برأيي لايجوز أن تنشر وليس من الضروري أن يكون هناك أي أوراق مكتوبة حيث إن الجولة الرابعة كما سابقاتها هي كلام عام زيادة على على تضييع الوقت من الطرف الآخر. ومن ناحية الالتزام أو الإلزام فهي لا قيمة قانونية ولا حتى من قبيل (اتفاق مبادئ).

ولتوضيح ذلك لابد من شرح آلية الاتفاق في اللجنة الدستورية فهي كما نعلم تتألف اللجنة الدستورية من ثلاثة أقسام – أطراف، الأول: قوى الثورة والمعارضة خمسون عضوا.

الثاني: المجتمع المدني وهم ناشطون وناشطات من خارج الأطراف السياسة ومنهم من يقف ضد نظام القمع  ومنهم من هو معه "خمسون عضوا" .

الثالث :وفد ما يسمى الحكومة السورية خمسون "عضوا"، ومجموع هؤلاء يسمى اللجنة الدستورية الموسعة. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة سميت لجنة الصياغة أو اللجنة المصغرة

هذه المطالعات برأيي لايجوز أن تنشر وليس من الضروري أن يكون هناك أي أوراق مكتوبة حيث إن الجولة الرابعة كما سابقاتها هي كلام عام زيادة على تضييع الوقت من الطرف الآخر

وهي تتألف من خمسة وأربعين عضوا من كل طرف من الأطراف الثلاثة خمسة عشر عضوا وهذه المجموعة أي المصغرة (٤٥) هي التي اجتمعت وتجتمع في جنيف في كل جولة من جولات اللجنة الدستورية وهي التي من المفروض أن  تناقش مواد مشروع مسودة الدستور .

وإذا تم التوافق على أي مادة أو فقرة - طبعا هذا لم يحدث حتى الآن-  لا تقر ولا تعتمد فهي بحاجة لاجتماع المجموعة الموسعة (150) وبحاجة للتصويت عليها وإقرارها وإذا حصل ذلك تكون قد دونت في مشروع مسودة الدستور الذي يجب أن يقره الشعب السوري باستفتاء قانوني.

وعلى ذلك لا قيمة لأي أوراق تنشر حاليا، سوى أن تكون في سياق التطمينات للشارع أو في مسار استراتيجية التفاوض وهنا أرى كمتابع وكما يرى كثير من المهتمين بالشأن الوطني أن ما نشره طرف هيئة التفاوض في اللجنة الدستورية كنوع من التوضيح حول آخر جولة أي الرابعة من جولات اللجنة الدستورية لم يكن موفقا وأشعل سيلا من الانتقادات على مستوى الشارع الثوري والسياسي وكانت ردة الفعل واضحة وقوية وبمنزلة إنذار أخير لن تقبل بعده اللجنة الدستورية برمتها، إذا لم تكن على قدر المسؤولية.

وعلى قيادة اللجنة أن تجعل ذلك في حسبانها لتكون الجولة المقبلة آخر اختبار للنوايا -المعروفة بالنسبة لنا - من قبل الطرف الآخر ولكن أيضاً للرعاة الدوليين. ونتخلص من اللوم والكلام عن ضرورة الوجود في المعارك السياسية وهو صحيح ولكن ليس المعارك العبثية.

أما الحدث الثاني: يتمثل بإحاطة السيد بيدرسن قبل الأخيرة، والتي أثارت لغطاً لورود مصطلح على الأقل في غير مكانه، ومن المعروف أن المبعوث الأممي يقدم إحاطة شهرية لمجلس الأمن حول سوريا بشكل عام والعملية السياسة وخاصة اللجنة الدستورية.

وهذه الإحاطة هي أيضا بلا أية قيمة قانوينة تذكر ولا أي صفة من الإلزام أو الالتزام لا على الأطراف ولا حتى من قبل المبعوث نفسه، وهو يتحمل مسؤولية صحة ماورد فيها من معلومات وأحداث وأفكار ومواقف.

وهي عبارة عن سرد للتطورات والأحداث على الساحة السورية عسكريا وميدانياً وإنسانيا وإغاثيا وسياسيا وهذا السرد يستند إلى التقارير التي تصله سواء من الأطراف أو الدول أو من جهات تابعة للأمم المتحدة والمنظمات الأخرى المهتمة والأشخاص وكذلك تعتمد على متابعته الشخصية وفريق عمله المختص بطبيعة الحال بالقضية السورية وهو ملزم بالحيادية وتحري الدقة والنزاهة، بصفته مبعوثا أمميا لتطبيق القرارات الدولية وميسرا لعملية التفاوض بين الطرفين .

ومن مسؤليته وضع مجلس الأمن بصورة الأخطار والانتهاكات من جهة ومسؤولية تعطيل تطبيق القرارات الدولية من جهة أخرى وأن لا يقتصر دوره على مراقبة سير التفاوض دون الإشارة إلى من يقوم بتعطيل الجهود الأممية لإحلال السلام وتطبيق الرؤية الدولية للحل السياسي .

وهذه الإحاطات هي بمنزلة تقرير متابعة شهري دوري - روتيني وما يجعل من الإحاطة محل اهتمام من الشارع الثوري هو ورود مصطلح العدالة التصالحية بدل العدالة الانتقالية وهذا موضوع مهم جدا من ناحية وروده منسوبا لطرف أعضاء المجتمع المدني في اللجنة الدستورية المصغرة من جهة وإنكار مجموعة كبيرة منهم أي تبني أو طرح لهذا المصطلح .

وتكمن خطورة هذا الطرح بأنه يساوي بين الضحية والجلاد وفيه خلط بين مفهوم الثورة ضد نظام استبدادي دكتاتوري لنيل الحرية والكرامة وبين حرب أهلية بين أطراف تتساوى في المسؤولية من حيث الإجرام والانتهاكات بحق الإنسانية وجرائم الحرب.

وهذا الخلط خطير جداً لايجوز لمبعوث دولي بخبرة السيد بيدرسن أن يقع فيه على افتراض حسن النوايا والحيادية بل لايجوز حتى أخلاقياً وإنسانيا تجاوز العدالة الانتقالية التي تعني محاكمة المجرمين وتعويض المتضررين على المبدأ المعروف (جبر الضرر) حيث لا يمكن تعويض الشهداء وآلام الجرحى والمصابين وآهات المعتقلين الذين عانوا وما زال كثير منهم يعاني حتى الآن وللأسف على مسمع ومرآى من المجتمع الدولي بهيئاته ودوله، فلا أقل من سوق الجناة إلى قوس المحاكم الوطنية والدولية.