القضية السورية والخليج

2021.09.26 | 06:34 دمشق

1607088601wuoi4.jpg
+A
حجم الخط
-A

نظم مركز حرمون ومركز دراسات الخليج ندوة في الثامن عشر والتاسع عشر من الشهر الحالي، حول "الدور الخليجي والصراع في سوريا"، وكانت بمشاركة شخصيات سورية وغير سورية. وتعد هذه الندوة الأولى من نوعها، ومن شأنها أن تفتح الباب لأعمال مشابهة لأن دور الخليج العربي في المسألة السورية مهم جدا، ولم يلق الدراسة الكافية حتى الآن. وفي كل الأحوال لا يمكن، وليس من الإنصاف قياس كل أهل الخليج بمسطرة واحدة وميزان واحد. هناك مواقف رسمية، وأخرى شعبية، وما بين بين. وتختلف الأحوال من بلد لآخر، ما بين من لعب أدوارا بناءة، ومن لعب أدوارا هدامة، وهناك من تدخل ودافعه مصلحة الشعب السوري، وآخر كان تدخله ضد مصلحة الشعب السوري. ورغم اختلاف الاتجاهات، ثمة سؤالان أساسيان، الأول هو إلى أي حد كان الدور الخليجي مؤثرا في مسار الثورة السورية، وفي أي ميدان ومتى؟ والسؤال الثاني هو ما الدور الذي سيلعبه الخليج لاحقا، وما مدى تأثيره على مستقبل الصراع في سوريا؟

أصحاب هذا الرأي خرجوا لا من أمامهم ولا من ورائهم، خسروا سوريا، ولم يخرجوا إيران من سوريا، ولا تزال روسيا تبيعهم الأوهام

ومهما تشعب النقاش لا بد أن يعود ويلتقي عند هذين السؤالين. ولأن المقدمات على صلة بالنتائج، فمن لعب دورا تخريبا ضد مصلحة الشعب السوري لن يغير رأيه اليوم أو في المستقبل كي يقف مع هذا الشعب المنكوب، ومن وقف في الضفة الثانية لن يغير رأيه اليوم ويذهب إلى صف النظام وحلفائه. وهذا المعادلة بدأت تتضح أكثر من خلال الفرز الذي حصل في مواقف وأدوار بلدان الخليج بعد التدخل الروسي الذي شكل المنعطف الأساسي في الأزمة، وما كان لذلك التدخل أن يتم لولا مباركة أطراف من الخليج مثل السعودية والإمارات وسلطنة عمان. ولوعدنا قليلا إلى الوراء، وتحديدا إلى عشية ذلك التدخل، لوجدنا ذلك واضحا بلا غموض أو مواربة. فهناك من توهم أن تدخل روسيا هو الكفيل بإنهاء دور إيران، في حين فشل فيها التدخل الإيراني كليا في حماية نظام الأسد، وبقي أسبوعان فقط على سقوط دمشق حسب تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وكما نلاحظ اليوم فإن أصحاب هذا الرأي خرجوا لا من أمامهم ولا من ورائهم، خسروا سوريا، ولم يخرجوا إيران من سوريا، ولا تزال روسيا تبيعهم الأوهام.

وهناك ملاحظتان أساسيتان، الأولى هي أن الأدوار الخليجية في الصراع على اختلافها، استدعاها السوريون، ووفروا لها الغطاء، ومهدوا الطريق على المستويين السياسي والعسكري، وهذا ينسحب على بقية الأدوار الإقليمية والدولية، بحيث إن السوريين تحولوا إلى أرقام، ولم ينجحوا في تكوين هيئة مستقلة القرار، على غرار منظمة التحرير الفلسطينية التي حققت الكيانية الفلسطينية بعد مرحلة الشتات. والملاحظة الثانية هي، يمكن لبعض دول الخليج أن تلعب دورا مؤثرا في المستقبل لتسد فراغ الدور العربي الفاضح، ويمكن التعويل هنا على المصالحة القطرية السعودية، التي فتحت الباب أمام إمكانية التفاهم بين الرياض والدوحة لتحريك الموقف العربي الموحد، في الوقت الذي تحاول فيه بعض الدول الخروج عن إجماع 2012 بتعليق عضوية النظام السوري في الجامعة العربية.

مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة تبدأ من سوريا، وهذا شأن سوري وإقليمي ودولي، ولكنه يتحول إلى ضرورة خليجية كل يوم بالنظر إلى خطورة الدور الإيراني في العراق ولبنان وسوريا واليمن

ولكون الوضع السوري بات في أيدي قوى خارجية لكل منها نفوذه العسكري على الأرض، فإن التعاون مع تركيا هو الكفيل بدعم الدور العربي. ويبقى في كل الأحوال أن مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة تبدأ من سوريا، وهذا شأن سوري وإقليمي ودولي، ولكنه يتحول إلى ضرورة خليجية كل يوم بالنظر إلى خطورة الدور الإيراني في العراق ولبنان وسوريا واليمن، ومن دون شك فإن حرب اليمن هي إحدى أهم تجليات الدور الإيراني، وهي حرب ضد السعودية بالوكالة. وإذا لم تأخذ دول الخليج الموضوع بجدية فإن الدور الإيراني سيبقى يتمدد وسنراه في المدى القريب على حدود الأردن بعد دخول ميليشيات إيران إلى درعا.